شرارة الفتنة كيف يتم خمدها في مهدها
تاريخ النشر: 29/05/16 | 6:49فلا تكاد شرارة الفتنة تنطلق من خلافات بسيطة جداً أحياناً، حتى يتحوّل الأمر إلى كارثة طائفيّة”. يضيف “لا نستطيع أن نتوقع حادثاً معيناً لنرتّب كيفيّة التعامل معه. لذا فإن مشكلة المنيا لن تحل إلا على مستوى الدولة، بدءاً من تعليم النشء وخطابات الأزهر والإعلام. فالمشكلة أكبر من كونها مشكلة أمنيّة”.أن المجتمع المصري مجتمع قوي ومتماسك ولا سبيل للنيل منه أو رزع الشقاق والفتن بين أبنائه، كما أنه لا يجوز بحال من الأحوال امتهان النفس البشرية بأي صورة من الصور، أو الاعتداء عليها
أن القوى المعادية لمصر دائما ما تبحث عن تلك الأحداث لتدق الأسافين وتوقع الفتنة بين أبناء الوطن، وهو ما يحتم على كافة أبناء الوطن قطع الطريق أمام المزايدات والتدخلات الخارجية والداخلية الهادفة للنيل من قوة النسيج المجتمعي ومتانته، والتي تسعى بشكل حثيث إلى إحداث حالة من التراكم من الشعور الطائفي لتكون الزاد في إشعال الوطن وإحراق قواه ومن شدة الإنهاك والتيه اللذين يدور في فلكهما المصريون، بغالبيتهم العظمي، نشأ جو نفسي يغذي عملية شحن النفوس وتسميم الأفكار، وهذا من صناعة أطراف عدة. لها مصلحة في الخراب والفرقة.
الموقف الغربي، وتصرفات مؤسساته ومواقفها، ونزوعها العنصري تجاه العرب والمسلمين، وما لذلك من آثار علي نفسية عموم المصريين. ورابعها المؤسستان الدينيتان الرسميتان، وهما الجامع الأزهر والكنيسة القبطية قرية الكرم، إحدى القرى التابعة لمركز أبوقرقاص بمحافظة المنيا في جمهورية مصر العربية، وحسب إحصاءات سنة 2006، بلغ إجمالي السكان في الكرم 12315 نسمة، منهم 6186 رجلا و6129 امرأة، ويعتبر عدد المسيحيين ضئيلا جدا لا يتجاوز بعض الأسر.
أي المصرية، ودورهما في مثل هذه الظروف. والطرفان الأولان ليسا في حاجة إلي إطالة أو تفصيل في التناول، فكم تناولناهما علي هذه الصفحة، ونبدأ بالطرف الثالث، أي الموقف الغربي. فسوف نجد من الخطأ الانسياق وراء تصور يقول بأن عموم المواطنين لا يشعرون بوطأة الموقف الغربي عليهم، وهذا مصدر السخط العارم عليه، وعلي استسلام النخبة الحاكمة لضغوطه ورضوخها لمطالبه
وبدلا من أن يكون ذلك شاحذا للهمم وشادا من الأزر، للتغلب علي الضغوط والتهديدات والمؤامرات، بدلا من ذلك وجدنا شعورا واضحا باليأس، لدي قطاعات ليست بالقليلة. وفيها من يؤْثِر الانسحاب والسلبية علي المواجهة. ومنهم من يبحث عن مشاجب يعلق عليها مبررات انسحابه وسلبيته، وكثيرا ما تؤجج هذه المبررات خلافات وخصومات، وتحول دون إحساس المواطن بواجبه. علي العكس مما كان يقول به العرب: أن المصائب تجمعن المصابين ، أي توحدهم وتكتلهم لمجابهة مصادر المصائب والبلايا.
أن لمجابهة الفتن شقان؛ الأول وقائي، والثاني علاجي، بأن تكون هناك قوانين رادعة وتعامل الفتن معاملة الإرهاب، بالإضافة لتفعيل القانون وليس فقط سنّه، دون الالتزام به، مشددًا على أن السبب في تكرار الصدام الطائفي أحيانًا هو اللجوء للجلسات العرفية والتعامل مع بعض تلك القضايا كملف أمني يبحث له الأمن عن حل وقتي بعيدًا عن صحيح القانون. أصبح الانترنت أسهل وسيلة لترويج الشائعات، وتزييف الحقائق، خاصة في ظل الأزمة السياسية التي تعيش فيها مصر.
الحادثة أخذت بعدا سياسيا، فقالت رئاسة الجمهورية، في بياناها، إن الرئاسة تتابع باهتمام بالغ الإجراءات المُتخذة حيال الأحداث المؤسفة، التي شهدتها إحدى قرى محافظة المنيا، في أبوقرقاص، وذكر البيان أن عبد الفتاح السيسي أصدر توجيهاته لكل الأجهزة المعنية بالدولة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لحفظ النظام العام وحماية الأرواح والممتلكات في إطار سيادة القانون، ومحاسبة المتسببين في هذه الأحداث وإحالتهم للسلطات القضائية المختصة، كما وجه محافظ المنيا للتنسيق مع القوات المسلحة لمتابعة ذلك.
وفي ظل هذه الأزمة فهذه جملة متعلقة بالمنهج الشرعي في الفتن؛ فعلى المؤمنين أن يتقوا الله ويعتصموا بحبله، ويسيروا على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلف هذه الأمة؛ فإن النجاة أيها المؤمن من الفتن في ذلك، وإن خالف هواك، وقلاك الناس، أو رأيت في ذلك غضاضة عليك؛ فإن العاقبة للتقوى وأهلها. وإياك والانحراف عن هذا المنهج القويم إلى أهواء الذين لا يعلمون، والتشبه بالذين لا يؤمنون
وإن وافق ما في النفس، فإن النفوس لا بد من أطرها على الحق، وإلزامها بالشرع وإن أبت. والأمر جلل، والفتن عدوى، والاستعانة بالله وحده، والحق فيما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم. الفتنة التي نحياها مع هذه المتغيرات شديدة … من يتكلم اما أن يموت أو يعتقل فلابد من مخرج …يقول القائل عايزين نعيش .. عايزين نعيش هذه العبارة عند المؤمن ليس لها الا معنى واحد …كما جاء فى الحديث عند البخارى: ” لاعيش الا عيش الآخرة ” …يعني نعيش بديننا …أسألك بربك هل ممكن ان تتصور لنفسك قيمة – مهما حُزت من الدنيا – بغير دين …لايستطيع ان يجيب الا من ذاق طعم الإيمان …وذوق طعم الإيمان يتحقق بثلاثة أركان : كما فى الحديث « ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا » …رضاً بذلك …رضا لايساوم معه على غيره
إذا كنا بين شدة تتذبذب فيها النفوس وتزلزلها , وبين فتنة بين طوائف من الملتحين والمنتسبين إلى الدعوة زورا … جعلت الحق والباطل كأنه غير مميز .. وبين أولي الفتوى ممن يبحثون عما يسترضوا به الطواغيت ممن هم أعداء الله …لابد أنك عندئذ تكون كمن هو تحت ردم الزلزال – وشدة الوطأة – ولكن مازال فيك الَّفيَس فالذي يشغلك ساعتها أن تتشهد قبل أن تموت .. أم ستبحث عن طعام وملذات …فمسلك من يريد أن ينجو الآن .. الاستمساك بالدين فقد انكفأ الباطل فوق رؤؤسنا…واشتدت وطأته… فإذا طأطأ الكل رأسه … لو قدم الكل ولو ذبابا … فمن أين ينصر الدين ومن أين يُعلم الحق ويَظهر ؟؟؟
من حيث لا تدري القضية كلها “مريبة” وتصعيدها بهذا الشكل يثير تساؤلات، والإبعاد السياسية والإعلامية والبرلمانية التي اتخذتها يدل على أن هناك من يحاول اللعب على وتر “الفتنة الطائفية”، لإشغال المصريين عن أزماتهم الحياتية والمعيشية والمصائب التي تتفجر يوما بعد الآخر، وأن هناك من يجيد استخدام الملف الطائفي عند “الضرورات السياسية”؟ أن المجتمع المصري مجتمع قوي ومتماسك ولا سبيل للنيل منه أو رزع الشقاق والفتن بين أبنائه، كما أنه لا يجوز بحال من الأحوال امتهان النفس البشرية بأي صورة من الصور، أو الاعتداء عليها، أن القوى المعادية لمصر دائما ما تبحث عن تلك الأحداث لتدق الأسافين وتوقع الفتنة بين أبناء الوطن
وهو ما يحتم على كافة أبناء الوطن قطع الطريق أمام المزايدات والتدخلات الخارجية والداخلية الهادفة للنيل من قوة النسيج المجتمعي ومتانته، والتي تسعى بشكل حثيث إلى إحداث حالة من التراكم من الشعور الطائفي لتكون الزاد في إشعال الوطن وإحراق قواه”أبناء مصر نسيج واحد لا يجب أن تؤثر فيه أفعال آحاد الناس ممَّن لا يحكِّمون عقولهم عند نشوب خلافات قد تحدث بين أفراد الأسرة الواحدة”.
كاتب المقال
بقلم الدكتور عادل عامر – دكتور في الحقوق وخبيرالقانون العام مستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم أمن المعلومات ومستشار الهيئة العليا للشئون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الازهر والصوفية – مصر