لُعـبة السياسة

تاريخ النشر: 25/06/11 | 9:56

جلسنا نتحاور ونتسامر وكان الحوار والسمر في صفات الزعيم والقائد وما هي مواصفاته وصفاته وكان الطرح حول المنصب الذي يدور حوله حديث الساعة وهو منصب رئيس البلدية أو المجلس المحلي في البلدان العربية بشكل عام وفي باقة وجت خاصة لأنها تقترب من موعد إجراء الانتخابات التي غابت وغُيِّبت عنها بفعل الدمج واللجنة المعينة .

إنها لعبة السياسة في دولة تنادي وتدعي الديموقراطية وتقدح بالأنظمة الديكتاتورية والملكية وتنتقد أنظمة الحكم العربية ظاهرياً وتتغنى بتميزها في شرق أوسط تنفرد به في نظام يُدعى فقط حكم الشعب والأغلبية ولكنه بعيداً عن المسميات لا يختلف عن سائر الأنظمة بجوهره وتنفيذه وتطبيقاته وحكمه والتبريرات كثيرة والأعذار وفيرة والأسباب تجعلنا في اختلاف وحيرة , فقسم منا يؤيد بقاء اللجنة المعينة ويبكي على فراقها وقسم آخر يُفضِّل الدمج ويعزي ذلك إلى أسباب اجتماعية أو اقتصادية أو ………

الرجل المناسب في المكان المناسب

وقسم ينادي بالاستقلال والحرية وفك الدمج وانهاء عمل اللجان المعينة ويشرح ويدعم بالعديد من الأسباب والميزات والحسنات والايجابيات .

عدنا في حوارنا إلى الطرح الأزلي وهو الرجل المناسب في المكان المناسب وهو طرح شائك لأنك قد تجد أننا كلنا نناسب, فكلنا فينا بذرة الخير وحب العمل والعطاء والإخلاص والتفاني والبذل , وكلنا فينا صفات القائد, وكلنا فينا الثقة بالنفس والطموح وكلنا نرى في أنفسنا الصفات الضرورية أو بعضاً منها لتولي دفة الحكم المحلي وقيادة بلداتنا وكلنا لدينا القدرة والمهارة على تصوير كل شيء بأنه نجاح أو فشل وذلك يتعلق بموقعنا وقربنا ومصلحتنا وما يعود به من نفع أو ضرر علينا وأكبر دليل على ذلك أنه لكل زعاماتنا من سطور المجد في صفحات التاريخ ما يكفي لتغطية شوارعنا ومؤسساتنا وبيوتنا وثقافاتنا ومعاملاتنا وتسامحنا وإيثارنا وتطوعنا واهتماماتنا وأفراحنا وأحزاننا واقتصادنا وزراعتنا وأراضينا وأوضاعنا الحقيقية لا تخفى على أحد منا .

كل منا يستطيع أن يصور بصوارته ما يريد ويعرض الحقائق كيفما يحب ويريد وكل فتاة بأبيها معجبة ومن يشهد مع من ومن يشهد لمن ومن يقدح من ومن ينتقد من ؟!!!

هي لعبة السياسة التي يتحالف فيها الضدان على الضد والند , بغض النظر وبتجاهل لكل الاعتبارات من أجل تحقيق الأهداف والغاية تبرر كل وسيلة .

وهي لعبة قبل وبعد وكثيراً ما تكتشف في ما بعد ما هو مغاير ومناقض لما كان قبل من شعارات وبرامج وتخطيطات تطبيقاً للمقولة يتمسكن حتى يتمكن واستراتيجيات الانبطاح .

وهي لعبة الرهان والحظ فربما تراهن على الأفضل بالموجودين فتكون الإجابة الشافية حظاً أوفر في المرات القادمة وكم من مرة يملك الإنسان في حياته للتجربة والرهان.

من شروط القائد أن يكون:

وكم من مرة تكون مكرهاً أو ملزماً أو خجلاً وفي استحياء فتجد نفسك قد ساهمت في مسيرة الدوران حول الساقية وما من جديد في أي تغيير .

قال أحدهم أثناء الحوار أن من شروط القائد أن يكون أكاديمياً يحمل لقباً براقاً وقال قائل آخر أنه يجب أن يكون أميناً وقال آخر أن يكون مواطناً أصلياً وأضحكني آخر عندما قال بأنه يجب أن يكون ذو مظهر جميل وآخر قال بأن يكون بالغاً عاقلاً قادراً ومتواضعاً وقال آخر أن يكون متكلماً وآخر قال ملتزماً فقلت لهم كلها صفات جميلة وضرورية وحيوية لكنها كلها تعرض ما كان يتصف به وليس بالضرورة أن يكون بها ضمان لما سيكون عليه حاله في ما بعد . فكل القيادات على مر العصور من أنبياء وخلفاء وولاة ونبلاء وحكام لم يتخرجوا من الأكاديمية بينما كانت لنا تجارب عديدة في أكاديميين فشلوا فشلاً ذريعاً في قيادة حكم محلي وخيبوا الآمال وما زلنا نتجرع كؤوس المرارة منهم بينما يُصورون على أنهم يستحقون نصباً تذكارياً أو ميداناً يسمى باسمهم أو تصك نقود تحمل صورهم فبعضنا يرى نصف الكأس الفارغ والبعض يرى في السراب ماء .

البعض ينادي بمن له تجربة كأكبر برهان لكن يغيب عن البال أنه ليس بالتجربة وحدها يحيا الإنسان ورُب جديد يفوق ألف مجرب وإذا ما تهيأت الظروف للجديد فسيكون أيضاً يوماً ما صاحب تجربة .

إنك لن تستطيع أن تبني آمالك وأحلامك وتوقعاتك على ذلك فالطريق التي توصل إلى القمة ليست نفس الطريق التي تثبتك وتبقيك عليها أو تتدحرج بها من عليها.

وما هو الاختيار وماذا لدينا من خيارات وهل هناك بدائل ؟؟

ولماذا لا يكون الأمر بالإجماع على شخص يتفق فيه الجميع عليه ؟

لأننا كل منا ينظر من زاوية ويفكر بطريقة ويرى بحِدَّة ويحكم بمعايير ويختار بدوافع وأسباب ويفهم بأسلوب يختلف عن غيره وهذه هي نعمة الاختلاف ونقمة الخلاف .

كل ما يهم وما هو مُلِحٌ في واقعنا مهما كانت النتائج ومهما كانت الاختيارات أن نتخطى هذه المرحلة بالنزاهة والتسامح والمحبة ونظل أبناء البلد الواحد ونمضي لنعمل كلنا من شتى مواقعنا لأنفسنا وبلادنا الحبيبة بعيداً عن العصبية والعائلية والانقسامات التي تصب في مصلحة من يسر لفرقتنا ويعمل ويسهر عليها ويدأب على تسخير الانتخابات للفرقة والبغضاء والنزاعات ففي فرقتنا انشغال بأنفسنا وابتعاد عن أهدافنا ومسرَّة لغيرنا .

لقد كرَّم الله سبحانه وتعالى بني آدم وحق علينا أن نعتز ونفخر بهذا التكريم ونحافظ عليه ونتحلى بالأخلاق الحميدة ونتجاوز عن الصغائر ونمضي قدماً من أجلنا جميعاً .

ومهما كانت صفات القائد التي يدور حولها الحوار والنقاش في الأيام القادمة فسيظل أمام أعيننا كالطود الشامخ أن الكمال لله وحده وأن هذا تكليف وأمانة وليس تشريف وزعامة وفي أعلى سلم الأولويات يتربع الإنسان !

‫2 تعليقات

  1. أستاذ يوسف موضوع رائع تطرحه كالعادة وفي وقته أيضاً
    لقد قرأت قبل فترة قصيرة قصة تطرح تلك المشكلة ولكن من منظور اخر , فهي تطرحها من ناحية الفساد المستشري والظّلم للعباد من قبل الولاة والرؤساء , ما أعجبني في القصة تلك هو الحل السّحري الذي وجده الناس العقلاء , وهم عندنا كثير والحمد لله , في تلك القصة احتاج الأمر ل 10 سنوات حتّى تبدلت الأحوال للأفضل وانتشر الخير والعدل والنماء والإزدهار , فهل تعتقد أنّ 10 سنوات في عمر الشّعوب هي كثيرة ولا نستطيع تحمّلها ونحن نعاني من 100 عام تقريباً !!
    تنويه : العشر سنوات من الممكن أن تقل أو تطول وذلك بحسب ذكاء الرّاغبين في الرّئاسة.
    سأقوم بنشر القصّة قريباً . لربّما بعد عناء كان الحل في قصة !!

  2. حياك الله استاذي الكريم وجمل ايامك بالحكمة والعطاء.

    مقالتك هادفة..تفتح نقاش لموضوع في غاية الاهمية…موضوع يخص كل افراد مجتمعنا.

    المجلس المحلي..مؤسسة لتقديم الخدمات اليومية.ومن اهم وظائفها اعداد الخرائط للبناء

    الخاص والعام..والعمل على تطوير البنية التحتية لرقي الاهل والقرية.

    صفات ومقومات الرئيس الناجح…

    1 .اللباقة في التعامل مع الناس.عليه ان يتسم بالهدوء وبرودة الاعصاب.

    2 .الثقافة العامة والتعليم الاكاديمي.

    3 .ان يكون اجتماعي من خلال المشاركة في المناسبات العامة.

    4 .الالمام بالقضايا الاقتصادية والادارة.

    5 .الاتزان في القرارات .وصاحب رؤية مستقبلية.

    6.صاحب خبرة وتجربة في العمل الاداري الجماهيري.

    7 .الامانة والاستقامة والنزاهة والشفافية.

    8 .المعرفة بالعمل البلدي وقوانين السلطات المحلية.

    استاذي الكريم..علينا ان نتعلم العبر من الثورات في البلاد العربية.هناك حاجة ماسة

    للتحرر من العائلية.لتصبح الانتخابات كما هو متبع في الوسط اليهودي.قوائم حزبية

    مع برنامج..ومرشحين حزبيين او شخصيين.

    يجب ان تكون الانتخابات عرس ديمقراطي..مبنية على منافسة بروح اخوية..يختار الناخب

    ممثليه يوم التصويت..وبعدها يعمل الجميع كل في موقعه على رفعة البلدة وتطويرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة