صفحة من الماضي
تاريخ النشر: 14/06/11 | 4:10شاكر فريد حسن
“الاتحاد” هذه السنديانة الفلسطينية الباقية والراسخة في وادي النسناس بحيفا ، كانت وستظل الصحيفة المناضلة المقاتلة المكافحة الملتصقة بالناس وقضاياهم اليومية، والسلاح البتار في أيدي الفقراء والمسحوقين والمظلومين والكادحين في معاركهم الوطنية والطبقية والشعبية الحضارية ،ضد الفقر والجوع والبطالة والظلم والقهر والاضطهاد الابرتهايدي والبطش السلطوي . هذه الصحيفة التي صانت هويتنا وحافظت على تاريخنا ولغتنا وشكلت حاضنة لكل مثقفينا الثوريين وكتابنا ومبدعينا الملتزمين من حملة راية الفكر الايديولوجي الثوري، لا تزال تؤدي دوراً هاماً وكبيراً في خضم ثقافة العولمة والاستهلاك الوافدة، وذلك كمنبر ثقافي وطليعي تعبوي يسهم في نشر الوعي السياسي والفكر التقدمي الديمقراطي العلماني الحر والدفاع عن قضايا ومصالح شعبنا، وتأصيل ثقافة الحرية والنور والالتزام والابداع، وتعميق قيم الحب والجمال والنضال والديمقراطية والعدل الاجتماعي.
وتعود بي الذكريات الى تلك الأيام الجميلة الخالدة في زمن التضحيات، والاخلاص للمبادئ، والتمسك بالقيم والاخلاق الثورية والنقد والنقد الذاتي ، عندما انعقد في السينما الحمراء بحي المحاميد في ام الفحم عام 1994 مهرجان فني كبير دعماً لصحيفة “الاتحاد” اليومية، وقدغصت القاعة حينها بالجمهور الواسع العريض، الذي توافد من جميع قرى وبلدات منطقة المثلث، لمساندة “اللاتحاد” ودعمها مادياً ومعنوياً، لتبق سيفاً مشرعاً ومشهراً في وجه الأعداء، من سلطويين وظلاميين وتكفيريين.
وفي ذلك المهرجان انطلق صوت غنائي جهوري عذب يحيي “الاتحاد” وأهل وأحباب “الاتحاد” بأهزوجة شعبية رقيقة. وكان هذا الصوت هو الشيخ محمود ابراهيم شرقاوي، امام أحد مساجد قرية مصمص، الذي له صولات وجولات في كتابة وغناء الزجل والاهازيج والأغاني الشعبية والتراثية عدا عن كتابة العديد من المقالات ، التي نشرها على صفحات “الاتحاد” في تسعينات القرن المنصرم، وتناول خلالها موضوعات وقضايا اجتماعية ودينية بروح نقدية منفتحة ومعاصرة، وتفكير عقلاني متنور ، بعيداً عن التعصب والتشدد والانغلاق الديني. ورافقته يومها في الغناء والهتاف ابنته “سهير” فأطربا الجمهور .. ومما جاء في هذه الأهزوجة ، التي أعدت خصيصاً للمهرجان كتحية للاتحاد في معركتها الوطنية لاجل البقاء والاستمرار والحياة:
جيتوا من كل البلاد رمز القوة الاتحاد
نتحدى الحاكم والجلاد ونزيد المعنوية
حتى ننشر كلمتنا ونفهم عن قضيتنا
تاندعم جريدتنا بدنا الهمة الشعبية
بهذي الحفلة حفلتنا فلسطينية رايتنا
بدنا نعيش بدولتنا بالامن والحرية
احنا وانتو بهذي الدرب وقت السلم ووقت الحرب
حتى يعرف كل الغرب قدرتنا الكفاحية
3 اشهر في لبنان اعطينا العالم برهان
في الجليل وفي الجولان دقوا طبول الحرية
طفلي اللي عمره احداش يحمل صاروخ ورشاش
دافع في وجه الاوباش وضد الزعامة العربية
بهذا الحفل كبار وصغار بنحيي كل الزوار
يا مجد اركع للثوار في صيدا والنبطية
وتحية لـ “الاتحاد” مع كل صباح، في مسيرتها المتجددة نحو مستقبل أكثر اشراقاً وبهاءً لكل عشاق الحياة، صناع الثورة والغد.