هل يفعلها الأسد ويدخل التاريخ؟
تاريخ النشر: 07/09/13 | 0:01في الأمس القريب، وبالتحديد قبيل غزو العراق وأحتلاله أمريكياً، بعد تدمير دفاعاته الجوية، كان يُنَظِّر مهندسوا الحرب الأمريكية البريطانية، ضد نظام صدام حسين والبعث العربي في بغداد، أن هدف الحرب الأمريكية على العراق على العراق، وإسقاط نظام صدام، لم يكن سرقة النفط العراقي الغزير والخام، وضخ ما نسبته 77% من نفط العراق للشركات النفطية الأمريكية والبريطانية، بل كان تدمير أسلحة الدمار أو الكذب الشامل، التي زعم الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش، وحليفه طوني بلير، أنها بحوزة الزعيم العراقي الراحل صدام حسين المجيد.. وبعد أيامٍ من الغزو أكتشف العالم، ما مدى زيف ذلك الأدعاء الأمريكي البريطاني الكاذب، وعدم وجود أي أسلحة بيلوجية أو كيماوية لدى صدام ونظامه البعثي.. وبعد سنوات على ذلك الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، أعترف الجنرال السابق جون أبي زيد عام 2007، الذي تولى القيادة الأمريكية، وقائد عملية ” تحرير العراق” بالقول: أن النفط العراقي كان أحد الأسباب الرئيسية للغزو الأمريكي، ولا يمكننا أن ننكر ذلك. فيما كتبت أنطونيا جوهاز الكاتبة الأمريكية التي قامت بتأليف عدد من الكتب، تناولت فيها الحرب على العراق؛ منها ” أجندة بوش” و” طغيان النفط“.. أنه وبعد 10 سنوات على إنطلاق عملية تحرير العراق، وسقوط أول قذيفة على بغداد، ومع مغادرة غالبية قوات التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، بدأت شركات النفط الأمريكية والغربية في جني ثمار الحرب.
والضربة أو الحرب الأمريكية الوشيكة حالياً ضد سوريا، اتخذت الذريعة نفسها(أسلحة الدمار الشامل الكيماوية)، ضد نظام بشار الأسد والجيش العربي السوري في دمشق، إن لم تكن في الساعات القادمة، فقد تندلع في الأيام القليلة القادمة، وتنطلق صواريخ التوماهوك، نحو مراكز القيادة السورية، التي يصل مداها لنحو 1000ميل أي (1016كيلو مترات)، والكروز من على السفن الأمريكية في شرق البحر المتوسط، أو من الجو بصواريخ وقاذفات ،B2,B1,B52، تماماً مثلما حدث في الحرب الأمريكية في العراق عام 2003.
باستثناء وحيد ربما، وهو أن الهدف الذي أعلنه الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأبن في حربه بالعراق، هو اسقاط نظام صدام وتحرير العراقيين من دكتاتوريته، وتحويل العراق إلى عراق ديمقراطي، كما كانت تروج إدارة بوش، والنتيجة كانت عراقٌ ممزق ولا ديمقراطي، وطائفي وغير آمن ولا مستقر، ومقسم إلى جدران وأقاليم أمريكية طائفية على سبيل المثال لا الحصر(إقليم كردستان)بشمال العراق، وأسوأ الآف المرات من عراق صدام والبعث.. بينما لم يكن مثل ذاك الهدف معلناً، من قبل الرئيس الأمريكي باراك أوباما والإدارة الأمريكية الحالية، باسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وتحرير السوريون من إرهابه وقبضته وحلوله الأمنية الدموية، ولكنه قد يكون في مقدمة الأهداف السرية للضربة الأمريكية على سوريا وتأديب حكم الأسد، ربما حتى يمكن أو يشفع ذلك لأوباما، ويساعده في حوز وحشد ثقة أعضاء الكونغرس، لدعم قراره والموافقة على توجيه ضربة عسكرية أمريكية تجاه سوريا، وهذا ما يفسر قول أوباما قبل أيام ” أن الهدف من الضربة الأمريكية التأديبية لسوريا، هو ليس إسقاط نظام الأسد بقدر ما هو تدمير الأسلحة الكيميائية التي بحوزته، قبل أن تصل إلى أيدٍ غير أمينة” في إشارة إلى جبهة النصرة وإخواتها في سوريا كأنصار الشام وجند الشام، المنبثقة جميعها عن تنظيم القاعدة.
وربما قد يفاجأ العرب ممن صدقوا النوايا الأمريكية والفرنسية، حينما يصحوا من نومهم بعد أشتعال النيران في الأراضي السورية، في صبيحة القصف والضربة الأمريكية المباغته عليها، وأمتدادها لدول الجوار السوري، ويكتشفوا أن الهدف من تلك الضربة الأمريكية، كان من أجل إضعاف المحور الراديكالي الذي يقلق إسرائيل(إيران، سورية، حزب الله، والحركات والمنظمات الجهادية، المتحالفة معها)، ومن أجل كذلك ضمان عدم وصول الأسلحة الكيماوية إلى أيدي جبهة النصرة وجند الشام..، والمخاوف الأمريكية من أن تستخدم ضد إسرائيل.
كصحافيين ومراقبين عرب، رغم عدم تأييدنا للضربة الأمريكية على بلد عربي مثل سوريا، وعدم تسليمنا ببراءة التدخل العسكري الأمريكي في المنطقة العربية، وحرب العراق خير الأمثلة وأصدقها للتأكيد على ما ذهبنا إليه.. ولايمكننا في المقابل أن نتكهن بالرد السوري والقيادة السورية في دمشق، على الضربة الأمريكية، التي ستستهدف مقرارت القيادة، ومركز القيادة السورية الموحد، الذي يقود العمليات البحرية والجوية والبرية، بالإضافة إلى ألوية الحرس الجمهوري وألوية الصواريخ، فضلاً عن المطارات ومستودعات الأسلحة، التي ستكون من أهم الأهداف المحتملة للضربة الأمريكية على سوريا، مثلما ذكر الناطق الرسمي بإسم القيادة العسكرية للجيش الحر، قاسم سعد الدين في تصريح لراديو (سوا) الأمريكي.
الرئيس الأسد بدا شديد اللهجة في وجه الحرب الاعلامية المستبقة للضربة الامريكية على بلاده، مؤكداً أن سوريا ستدافع عن نفسها وستصد العدوان الأمريكي، وتتوقع الضربة في أي لحظة.
فهل يفعلها الأسد هذه المرة، ويكفر عن أخطائه وجرائمه بحق شعبه، وفي لحظة يأسٍ وهو يشاهد مقراته ومراكزه القيادية، الأمنية والعسكرية تحترق، ويطلق ما بحوزته من صواريخ كيماوية، وصواريخ الــ أس 300 الروسية، إن كانت فعلاً بحوزته، باتجاه الدولة العبرية والعمق الإسرائيلي.. ويكسر أسطوانة الرد السوري في الزمان والمكان المناسبين، التي مللنا من سماعها من القيادة السورية، بعد أي أعتداء أو غارة جوي إسرائيلية عسكرية فوق الأراضي السورية؟؟
عندها فقط سيدخل الرئيس الأسد التاريخ العربي المعاصر، من أوسع أبوابه، كقائد عربي قومي بطل، قرر القتال حتى الرصاصة الأخيرة.