القتل في دبورية – نتيجة إهمال السُلطات

تاريخ النشر: 05/09/13 | 3:50

بشير نجار، من سكان دبورية، استيقظ في الصباح وانطلق في سيارته الى رحلة قتل، قتل من خلالها بناته الثلاث مادلين ولمى وأمأني وطليقته زهيرة وموظف في بيت المسنين في القرية، عبد السلام عزايزة.

عملية القتل المفجعة والبشعة ليست حالة معزولة وليست الحالة الاولى التي يقوم بها رجل بقتل عائلته وبالتأكيد فان هذه الحالة ليست حالة القتل الاولى ضد نساء او أطفال في المجتمع العربي. فخلال هذا الاسبوع قام رجل من سكان قرية كفر قرع بإطلاق النار على زوجته وابنته وأصابهما بجروح خطيرة وقبل عدة شهور قُتلت طفلتان من قرية الفرعة على يد والدهن بعد أن قامت والدتهن بتقديم شكوى والشرطة لم تعالجها.

وينبغي أن نؤكد على حقيقتين هامتين في هذه الحالة:

أولا: بشير قتل طليقته وبناته بعد سنوات من العنف والتهديد على حياتهن. زهيره قدمت شكوى الى الشرطة بأن زوجها السابق يطاردها ويهددها. الشرطة تحققت من الأمر وقدمت الملف الى النيابة العامة والتي قررت اغلاق ملف التحقيق. كما ان طلب زهيرة من محكمة شؤون العائلة بالحصول على أمر حماية رُفض من قبل المحكمة، وليس من الواضح الى أي مدى كانت مؤسسة الشؤون الاجتماعية تتابع هذه القضية. زهيرة باتت بدون حماية من السلطات.

ثانيا: بشير قتل زوجته وبناته باستعمال مسدس مسروق كان بحوزته. للقاتل، صاحب سوابق جنائية، توفرت سهولة الحصول على السلاح الغيّر مرخص والمتوفر بصورة مخيفة في المجتمع العربي.

ما العلاقة بين الأمور؟ العلاقة هي بأن هاتيّن الحقيقتين هما نتاج كون المجتمع العربي مجتمع مُهمّل.

اهمال سلطات الدولة التي قامت خلال سنوات من تقديم خدمات غير متساوية وغير ملائمة لاحتياجات المجتمع العربي في مجالات التربية والتعليم والرفاه وخدمات الشرطة.

هذا الى جانب العلاج الناقص للقيادة السياسية والاجتماعية والتربوية للمجتمع العربي والتي لم تستطع ايجاد آليات اجتماعية وأخلاقية ومعيارية التي تتوافق مع التغييرات السريعة التي يمر بها المجتمع في السنوات الاخيرة.

وفي حالات الاهمال، فان الفئات الأكثر تضررا في المجتمع هم النساء والأطفال.

اذاً، ما الذي يجب عمله؟

مطلوب عملية ملائمة وتنسيق. ملائمة خدمات الرفاه والشرطة، وهذا يعني تغييرا جذريا في سلم أفضلياتهم واستثمار موارد كبيرة وتغييرا حقيقيا يشمل اضافة عاملين اجتماعيين ومحققات عربيات في البلدات العربية والاستثمار في تأهيل طاقم مهني في أقسام الرفاه والشرطة والنيابة العامة. والتنسيق معناه، انشاء نظام لعمل مشترك بين الشرطة ومؤسسات الرفاه والجمعيات النسوية ورجال الدين من أجل تقديم العلاج الناجع والملائم للنساء اللواتي يتعرضن للعنف.

مطلوب سياسة واجراءات فعّالة وحازمة لا هوادة فيها من الشرطة ومن سلطات تطبيق القانون من اجل محاربة ظاهرة السلاح الغير مرخص في المجتمع العربي. ظاهرة انتشار الاسلحة ووفرتها لكل من يريد لم تكن لتحظى بالصمت من جهة السلطات او المجتمع اذا كانت في أي بلدة يهودية.

المطلوب هو عملية منظمة للقيادة العربية من أجل تقوية المجتمع وانشاء آليات اجتماعية جديدة تناسب التغييرات التي يمر بها المجتمع العربي. والتي تكون عمادها التربية الغير منهجية، والتكافل الاجتماعي والتطوع المجتمعي وعلى تطوير معايير المساواة بين الجنسين وحقوق الانسان والمواطن.

عندما تحدث كل هذه الامور، فان القاتل القادم سيجد صعوبة في ايجاد السلاح وينتابه الخوف من سلطات تطبيق القانون ويشعر منبوذا داخل مجتمعه. عندما تحدث كل هذه الامور فان النساء والاطفال في المجتمع العربي سيشعرون بان هنالك من يحميهم، وبأنهم في أمان في مجتمعهم ودولتهم.

·يعمل الكاتبان في مشروع العلاقة بين الشرطة والمجتمع العربي في مبادرات صندوق ابراهيم

تعليق واحد

  1. ان المجتمع العربي يعاني من اوضاع اقتصاديه واجتماعيه صعبه للغايه حتى بات كل شخص عرضه لمواجهة ظروف قاهره قد تقوده الى حالة من العجز الذاتي , ما يسمى بالجرح النرجسي والذي قد يؤدي الى اللجوء الى استعمال العنف كوسيله لتفريغ التوتر والهروب من هذا الواقع…هناك حالات لا يمكن توقعها وكل حاله هي حاله خاصه لها ظروفها وملانساتها ولا يمكن التعميم والنظر الى الموضوع من جهه واحده. لا شك ان هناك تهاون من ناحية فرض العقوبات خاصه في حالات العنف المتكرر وهذا موضوع اخر يجب النظر اليه بجديه من قبل السلطات…..اما بخصوص مكاتب الخدمات الاجتماعيه فاود ان اشير ان العمال الاجتماعيين لا يتهاونوا في مثل هذه الامور نتيجة الاوضاع المقلقه وما يحدث اليوم وذالك من منطلق المسؤوليه الاخلاقيه والقانونيه…هناك حالات نواجهها من خلال عملنا, فبالرغم من الاستشاره التي تتلقاها المراة المعنفه والحمايه التي نوفرها لها الا انها ترفض ان تتوجه الى مركز الشرطة لتقديم الشكوى. ومن ناحيه اخرى لا يمكن ان نقدم شكوى بدلا منها, هذا بالاضافة للحالات التي تتوجة الزوجه للشرطه لالغاء الشكوى والحالات كثيرة…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة