لأننا بصدد مدينة الناصرة
تاريخ النشر: 01/09/13 | 5:46ترددت على أسماعنا، خلال الفترة التي أعلنت فيها النائبة حنين زعبي أنها تفكر في ترشيح نفسها، مقولات مثل: "شو بدها بهالشغلة!"، "انتخابات السلطة المحلية معركة مش نظيفة "، ما هي عضوة كنيست هناك أحسن لها شو بدها بالبلدية؟ ".
بعض أصحاب المقولات السابقة كانوا قلقين على شخص النائبة حنين زعبي، خاصة بعد أن أصبحت اسماً معروفاً وله مكانة فلسطينياً وعربياً وعالمياً. ولكن تحليلاً بسيطاً لتلك المقولات يكفي لنعرف أي مفاهيم يحمل جزء منا حول منصب القائدة وحول العمل السياسي المحلي، وكيف يرَون مدينة الناصرة تحديدا.
المقولات أعلاه تشير ومع الأسف بان الثقافة السائدة في مجتمعنا تنظر إلى رئاسة البلدية وإلى عضوية البرلمان من باب التشريف وليس من باب المسؤولية الوطنية والاجتماعية التي من المفروض أن تحملها القيادة. مسؤولية من أجل بناء مجتمع أفضل ومن أجل تغيير الواقع السياسي لاسيّما في سياقنا فلسطينيي الداخل. حيث تعني مقولة "الكنيست أحسن لها" أن تقييم المنصب يتم من خلال ما هو أحسن للقائدةالقائدة وليس ما هو أحسن للبلد. تعكس أيضا هذه المقولات رؤية تحتقر العمل السياسي المحلي، والأسوأ أن هذه المقولات تقزّم مدينة الناصرة فتراها مجرد بلدية ولها مجلس بلدي ورئيس.
أولا نحن لا نلوم أهل البلد في ذلك، فهم يعكسون الواقع، والمسئول هو من كرّس هذا الواقع، من رؤساء وإدارات سلطات محلية يعتبرون السلطة المحلية غنيمة في جيوبهم بدل أن يروها أمانة في أعناقهم، فالمواطن بات يرى التصويت لمرشح معين أحد شروط توظيف ابنته أو ابنه، أو شرطا للحصول على تخفيض في ضريبة الأرنونا أو خطوة نحو استصدار رخصة بناء. أن من كرّس هذه الثقافة ليس المواطن وإنما السلطة (المحلية) التي من المفروض أنها خادم للمواطن، الذي يعيش في دولة تضطهده وتميز ضده وتهمشه في أفضل الحالات.
علينا بناء مواطن يفكر حين يصوِّت بأمن أهل البلد، وبمستوى المراكز الثقافية في البلد وبانجازات طلاب المدارس في البلد، وبرفاهية السكان وبشوارع المدينة وبمساكنها وبأحيائها وحدائقها وأسواقها، وباستغلال موارد البلد السياحية والتاريخية وبقدرة السلطة على تحصيل حقوقنا من الحكومات العنصرية. من حق المواطن أن يفكّر في توظيف أبنائه الأكفاء ولكن، حين تعّم الرفاهية على سكان البلد يكون توظيف ذوي وذوات الكفاءات نتيجة متوقعة ويكون ذلك هو الوضع الطبيعي الذي لا يحتاج وساطة ولا تصويتا.
ليس صدفة أن يوليَ التجمع الوطني الديمقراطي للعمل البلدي أهمية كبرى، وأن يسخّر من اجل ذلك أفضل قياداته. فمن يرفض دخول المعادلات المصلحية والطائفية والعائلية عليه أن يقدم أفضل النّماذج. ولذا لم يكن صدفة أن قبل التجمع ترشيح النائبة حنين زعبي لرئاسة بلدية الناصرة على الرغم من تميّز أدائها كنائبة في البرلمان.
قد تكون القدرة على التأثير في عمل برلماني أكثر منها في عمل محلي، ولكن هذا الادعاء بالتأكيد ليس صحيحا في كافة السلطات المحلية، فقيادات المدن الكبرى هم قيادات للبلد كله، والناصرة عاصمة الفلسطينيين في الداخل. الناصرة ليست مجرد بلدية وليست مجرد سلطة محلية، فهي مدينتنا جميعا ولها المكانة الأولى لدى الفلسطينيين في الداخل، ولها مكانة كبرى عالميا أيضا. وحين تكون الناصرة مدينة مزدهرة تسطع شمسها على كافة الفلسطينيين في الداخل، وحين تكون مدينة بائسة فهي تعكس واقعا مأزوما لشعبنا كله. ومع الأسف يعاني سكانها اليوم من أزمات اقتصادية واجتماعية وثقافية، ومن غياب الأمن والأمان، هذه الأزمات تكاد تفقدها دورها الطليعي والطبيعي في الدفاع عن مجتمعنا في الداخل، وكذلك دورها في قيادة السلطات المحلية العربية من اجل نيل حقوقها كاملة. بلدية الناصرة عليها أن تكون نموذجا للأداء السليم الذي من المفروض أن تحتذي به كافة السلطات المحلية. مكانة الناصرة التاريخية والسياحية لا يختلف بها اثنان، ومن شان هذه المكانة أن تعود بالخير وبالنفع وبالتطور على أهل البلد، وعلى القرى المحيطة، وعلى الفلسطينيين عامة وهذا ما نفتقده اليوم.
الناصرة تستحق مكانة كبرى بين مدن العالم،
مجتمعنا يستحق قيادة ترفع من مكانته،
ونساؤنا تحتاج قائدة مثل حنين زعبي، لتكون مثالا يحتذى به.
كررنا كثيرا شعار " مشاركة النساء في مواقع صنع القرار" وقد آن الأوان بعد خمسة وستين عاما أن تتولّى النساء قيادة السلطات المحلية ولاسيّما، قيادية مثل حنين زعبي.