عن تسمية المدارس
تاريخ النشر: 30/08/13 | 23:25مع بدء السنة المدرسية دشنت بلدية باقة الغربية عددًا من روضات الأطفال، فاتصل بي نائب الرئيس السيد إبراهيم مواسي، وطلب مني أن أقترح اسمًا لمجَـمّع يضم ثلاث روضات، فأشرت عليه باسم (القابسي) ، وهو مربٍّ عاش في القيروان (تونس) له كتاب "المفصلة لأحوال المعلمين والمتعلمين"- وصف فيه آداب المتعلمين وعلاقات المعلمين بهم، وقد قال بضرورة تعليم الجميع- ذكورًا وإناثًا، ودعا إلى أخذ الصبيان بالشفقة والحكمة. ت. 1012م.
سرني أن تبنت البلدية الاسم- القابسي.
من هنا تذكرت أنني اهتممت بموضوع الأسماء للمدارس سنة 1966 في ملاحظات لي نشرتها مجلة "صدى التربية"، فإليك ما كان من أمر ملاحظاتي، وقد استجد عليها الكثير.
* * * * *
كنت كتبت في مجلة "صدى التربية" سنة 1966 وهي مجلة تربوية معدة للمعلمين بضرورة تسمية مدارسنا على أسماء أعلام عربية، وذلك على غرار ما هو متبع في المدارس العبرية، وما هو متبع في الدول العربية، فقد كانت مدارسنا – أي المدارس العربية في إسرائيل تسمى مدرسة…. أ، ب، ج، د – نحو مدرسة باقة الغربية أ، مدرسة طمرة ج/ مدرسة الناصرة هـ…إلخ
يومها اقترحت في مقالتي تحت عنوان "هل لمدارسنا أسماء؟" أن تسمى مدارسنا على أسماء عظماء في الأدب والاجتماع والتاريخ، نحو: مدرسة ابن خلدون، مدرسة السكاكيني، مدرسة الغزالي (على أسماء مربين)، وأسماء أخرى في ميادين مختلفة.
وعلى ما أذكر أنه لم تكن أية مدرسة عربية في الجليل والمثلث وبين سائر العرب في ربوعنا هنا تحمل اسمًا، اللهم إلا مدرسة (يني يني) الثانوية، على اسم رئيس مجلسها الوطني يني يني. وفي تقديري، أن الوزارة لم تكن تستخدم الاسم (يني يني) في مكاتباتها إلا في الثمانينيات، وقد استفسرت عن ذلك.
وحتى أكون دقيقًا فقد كان لبعض المدارس المسيحية التبشيرية أسماء أعلام دينية، نحو مدرسة المطران مدرسة مار يوسف….
أذكر أن مقالتي نشرت في رسائل القراء، ولم يفرد لها المحرر مكانًا خاصًا، ولما راجعت ران لرنر محتجًا، وكان هو المحرر المسؤول أجابني بأنه استفتى المسؤولين في الوزارة بشأن مقالتي، وهم يعترضون على الاقتراح بدعوى أن هناك من:
"سيرشحون أسماء لا نوافق عليها مثلاً، وأومأ لي : عبد الناصر وصلاح الدين وطارق بن زياد ووووو؟؟
مع ذلك بدأت الأمور تتحرك، وفي الحركة بركة، وتظل حركة التاريخ أقوى مني وممن يعارض،
واقتنع المديرون والمعلمون تلقائيًا بضرورة التسمية، فأخذت بعض المجالس أو المدارس تسمى على اسم رئيس مجلس بلدتها، نحو إبراهيم قاسم في الطيرة وأحمد يحيى في كفر قرع، وجبور جبور في شفا عمرو …..
وما زلت أذكر أن أول مدرسة ابتدائية وافقت المعارف على تسميتها رسميً هي مدرسة "السلام" في عرعرة.
أما اليوم فقد شاع الأمر، وأصبح مقبولاً ومعمولاً به، رغم أن هناك بعض المدارس- مع الأسف- ظلت تسمى حسب الترتيب الأبجدي.
والشيء بالشيء يُذكر:
آمل أن يذكر الصديقان زياد مجادلة وعادل أشقر المديران للمدرستين الإعداديتين في باقة الغربية (أ + ب ) أنني اقترحت لكل منهما أن يختار علمًا، ويسمي المدرسة على اسمه، ويكاتب المعارف في ذلك واضعًا الاسم الجديد بين قوسين بعد أ، ب دون أن ينتظر الموافقة الرسمية، فقد تعودنا نحن العرب هنا أن نفرض أمورًا في حياتنا.
لا أريد أن أدعي أنني السبب في ذلك التغيير، فليس لي أصلاً قدرة على التنفيذ، ولكني سعيد اليوم أن أرى إعدادية الزهراوي (كان اسمها الإعدادية أ) وإعدادية الأندلس (كان اسمها الإعدادية ب)، وهما تخرّجان جيلاً بعد جيل.
وأبقي للأستاذين الكريمين اعترافهما بما جرى، أو نسيانهما، وقد يقع، ومهما يكن فالفضل أولاً وقبلاً يعود لهما في التطبيق.
أكتب ذلك للحقيقة ليس إلا، والأجر على الله فقط في كل أمر.
* * * *
بقي اليوم أمر تسمية الصفوف، فهنا الصف الخامس ب، وهناك السادس أ، والعاشر ج……إلخ
فلو تيسرت أسماء للصفوف لكان الأمر محبذًا، ولكان الطالب مرتبطًا في إطار مجموعة يجمعها عنوان، ولكني أعي صعوبة ذلك- في الاختيار، وفي الاتفاق على الاسم، وفي فروع أخرى تتولد منها.
في هذه التسميات الصفية كانت الكيبوتسات قد سبقت، إذ يُعطى اسم نبتة أو زهرة أو طائر لكل صف، وقد زرت بعض صفوفهم، فإذا في الصف وسائل إيضاح حول اسم الصف، من معلومات وصور وأشعار.
مع ذلك من حقي أن أحدثكم عن تجربة جميلة جدًا بدأت بها مدرسة من مدارس أم الفحم في الثمانينيات، وكان مديرها الأستاذ توفيق رشدي، فقد قام بتسمية كل صف على اسم أديب، فهذا صف طه حسين، وذاك صف راشد حسين، هنا المازني وهناك أبو سلمى، وأسعدني أن أحد الصفوف الخامسة سمي على اسمي، فكان أن دعتني المدرسة ذا يوم للتعرف إلى طلابي، فحملت عددًا من إصداراتي هدية لمكتبة الصف.
وتكررت هذه التجربة في كثير من المدارس، ففي مدرسة الشافعي في باقة كان حظّي الصف الأول أ، وفي مدرسة الغزالي كان حظّي الأول ب.
أرجو أن تشاهدوا الفيديو حيث ترحب بي الطفلة فرح قعدان في الصف الأول ب- المسمى على اسمي، وقد حضرت بعض الأمهات، ومفتش المدرسة ومديرها، بل هناك في اليوتيوب محاورات لي مع الصف (ابحث: فاروق مواسي):
لمشاهدة الفيديو هنا: