قصة “مش متذكر” رسالة إلى أحمد
تاريخ النشر: 10/11/15 | 18:22عزيزي احمد الفلسطيني ..سلام الله عليك وسلام اليك من كل ابناء وبنات شعبك وطنا ومهجرا..سلام اليك ايها الفتى الشجاع والصبي الذي تحَّمل ما لم تتحمله الجبال في معركة شعبه مع الاحتلال وعندما نتحدث عن الاحتلال فنحن لا نتحدث عن اي احتلال عابر لابل اننا نتحدث عن احتلال استيطاني فاشي جاثم على صدور الشعب الفلسطيني وينكل باطفال فلسطين ويعدمهم ميدانيا في الشوارع وفي كل مكان..نعم يا احمد .. انت طفل من اطفالنا وشبل من اشبالنا محا الفاشيون بضرباتهم وساديتهم ذاكرتك لكنهم ابدا لم ولن يمحوك من ذاكرة شعبك الذي يقف معك ويساندك بلا حدود في حين يتلذذ فيه الجلاد السادي و الفاشي بتعذيبك على الملا بعد ان حاول قتلك وتركك ملقى على الرصيف تنزف دما, لكنك يا احمد ورغم صغر سنك مقاوم عنيد قاوم الموت والفاشيون يحيطون به ويشتمونه وقاوم الموت في المشفى وهاهو يقاوم بدموع طفولته همج العصر وهم يحققون معه بسادية فاشية قد تنتزع اعتراف زور , لكن لا يمكنها تزوير الحقيقه الساطعه انك يا احمد تحمل في طيات عقلك وجسدك ذاكرة ووجدان وطن مغتصب وشعب مضطهد وقد طال اضطهاده وسلب حقوقه وارضه..
.. نعم يا احمد قد طال زمن اضطهاد شعبك الفلسطيني وتمادى العدو في عدوانه وتمادى المتخاذلون في خذلانهم وصار كل شئ في فلسطين مباح ومستباح ودخل المستوطنون باحات الاقصى وما بعد بعد الباحات وحرقوا السجاد وركلوا المصلين واعتدوا على المرابطات ولم يتركوا شيئا الا وعاثوا به خرابا وفسادا, ولم يحترموا حرمة المكان ولم يُراعوا مشاعرنا ولم يحسبوا حسابا لعقيدتنا المرتبطه بالاقصى والقدس واكناف القدس الذي ولدت وترعرعت فيها يا احمد ..انت اللتي لم تبلغ بعد ال14 ربيعا ومع هذا يعذبونك على الملا لانهم يرون فيك وفي جيلك الحاضر والقادم فلسطين كل فلسطين المغتصبه منذعقود من الزمن على يد هؤلاء المستوطنون…
هؤلاء وبعد كل هذه العقود من الاحتلال والتنكيل بشعبك يا احمد يعرفون انك هو الشعب و الشعب هو انت ابن الجيل الفلسطيني الحديث 2015اللذي لم ينسى فلسطين بعد ان ماتت اجداده في الوطن والمهجر كما تمنت الصهيونيه غولدا مئير في اعقاب تشريد شعبنا واغتصاب وطنه عام 1948…نعم حاولوا تكسير عظامك كما اوحى وافتى لهم يوما من الايام 1987 الصهيوني يتسحاك رابين لكنك قاومت وتعالَّيت على الجراح ونهضت لتقف على قدميك ليقول ملايين الفلسطينيين و العرب: احمد نهض…احمد وقف… احمد جبَّار..احمد ما زال على قيد الحياه بعد ان اعتدى عليه الاوباش وافقدوه ذاكرته.. وحتى هذه الذاكره الصغيره المفقوده لم تشفع لاحمد عند جلاديه وهاهو يطل علينا مجددا ليفضح فاشية وهمجية الفاشيون.. دموعك يا احمد حبر تكتب به فصل من فصول المقاومه والمعاناه الفلسطينيه..دموعك فخر ووسام شرف لانسانيتك النبيله.. هذه الانسانيه التي فضحت همجية من هجرتهم الانسانيه واستولت عليهم نزعة الانتقام من طفل فلسطيني اعزل.. نزعة الانتقام من شعب كامل عبر بث شريط تعذيب طفل من اطفال الشعب الفلسطيني…خَّسوا وفَّشروا هؤلاء شبه الرجال واجبن الجبناء واسفل السفلاء الساديون الذين يتلذذون بتعذيب طفل؟!
عزيزنا احمد المناصره المنصور على جلاديه والمنتصر بوقوف ربه و شعبه معه.. نحن ندرك ان السجَّان يريد كسر ارادتك وكسر ارادة شعبك وكسر ارادة كل فلسطيني يطالب بحقوقه في فلسطين ونحن ندرك ايضا ان الارهاب الهمجي كان يلاحقك في المستشفى العسكري ونحن نفهم ونتفهَّم ان يطلب طفل من محاميه “طارق برغوث” ان يبقى لجانبه في المستشفى وان لا يتركه وحيدا مكبلا في سرير خوفا من ان ينكل به سجانيه وحراسه داخل المستشفى.. نحن نتحدث عن مستشفى لايقدم الحمايه لمرضاه ونزلاءه من الفلسطينيون حتى لو كانوا اطفالا.. مفارقه ان يتساوى المستشفى والسجن في وظيفة تعذيب نزلاءه لكننا ندرك ان الحديث يدور عن كيان فاقد للاخلاق يشارك فيه الاطباء والمسعفون في تعذيب الجرحى والاسرى الفلسطينيون؟!
الاحتلال يا احمد فاقد لكل معالم ومقومات الانسانيه رغم محاولته سابقا اظهار انسانيته الكاذبه في صور مسربه ومفبركه بانه يقدم لك العلاج و يطعمك وانت مكبل بالسرير الا انه عاد ليعرض بالامس مقطع فيديو مسرب، لثلاثة محققين اوباش وهم يتهجمون عليك ويتوعدونك ويطالبونك بالاعتراف على انك كنت تنوي طعن اسرائيليين …” مش متذكر” كلمه كررها احمد الاحمديون اكثر من مره امام محققيه الفاقدون لكل حس واحساس انساني وقد نظلُم البهائم اذا اسميناهم ” بهيميون” لان البهائم في هذه الحاله تملك مقومات انسانيه بغريزتها البهيميه افضل الف مره من بهيم يصرخ على طفل حتى يرعبه ويجبره على الاعتراف بشئ لم يفعله لابل انه لا يتذكر شيئا بسبب الاعتداء عليه وضربه على راسه وفقده للوعي وذاكرة الاحداث في تلك اللحظات..
“مش متذكر..أنا مصاب في رأسي على يدكم، لا أذكر شي”،…هكذا قال احمد لجلاديه الذين سربوا شريط فيديو التعذيب مع سبق الاصرار على ممارسة تعذيب الشعب الفلسطيني عبر تعذيب احمد الذي يلقى مساندة ويحظى بدعم كامل الشعب الفلسطيني, وعليه ترتب القول ان السؤال المهم هو ليست الطريقة التي هُرب او سُرب فيها شريط تعذيب احمد من داخل غرفة التحقيق؟ لا بل الاهم هو الادراك ان هذا غيض من فيض التعذيب والتنكيل الذي تعرض ويتعرض له احمد والمعتقلون والاسرى في سجون الاحتلال الاسرائيلي وتهريب الشريط وعرضه كان امرا مقصودا مع سبق الاصرار بهدف الانتقام من كامل الشعب الفلسطيني من جهه وبهدف ردع المقاومين والمنتفضين الفلسطينيون من جهه ثانيه لكننا نُذكر بان ردة فعل الشعب الفلسطيني على الشريط12.10.015 الذي ظهر فيه احمد وهو ينزف دما على الرصيف كانت في اليوم التالي عباره عن عمليات استشهاديه وطعن نفذها الشهيد بهاء عليان والأسير بلال أبو غانم، اللذان نفذا عملية اطلاق نار وطعن في حافلة في القدس المحتلة، قتلا فيها 3 مستوطنين وأصابوا أكثر من 20 ومن ثم بعدها بدقائق جاء دور ابن جبل المكبر الشهيد علاء أبو جمل الذي نفذ عملية دهس وطعن في القدس, بمعنى واضح وجلي وهو ان” شريط التحقيق” مع احمد لن يكسر ارادة الشعب الفلسطيني لابل سيزيده ارادة وعزما على مقارعة ومقاومة هذا الاحتلال الذي يقتل ويحرق ويبتر اطراف الاطفال الفلسطينيون منذ عقود من الزمن كما فعل في عدوانه الاخير وما قبله الكثير على قطاع غزه و حينما حرق الاوباش عائلة الدوابشه وحينما ارتكب الصهاينه عشرات المجازر والمذابح بحق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا.. من منا لا يتذكر مجزرة اطفال الشاطئ من عائلة بكر ابان العدوان على غزه 2014 ومن خانته الذاكره نذكره بمجازر دير ياسين وكفر قاسم والقبيه والدوايمه وصبرا وشاتيلا وقانا والحرم الابراهيمي والقدس وقطاع غزه وعشرات المجازر الاخرى التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني وكان جُل ضحاياه الشهداء من الاطفال والنساء ولا ننسى ان الاحتلال اصاب وجرح عشرات الالاف من الفلسطينيون تاركا اياهم بمعوقات وإعاقات جسديه ونفسيه ترافقهم مدى حياتهم..حرب اباده تاخذ اشكال كثيرة من القتل والتحييد والتعذيب الجسدي والنفسي!!
عود على بدء اتوجه اليك يا احمد المنصور اجلا ام عاجلا بالقول بان الاحتلال للمثال لا للحصر اطلق النار اليوم على الطفلين على ومعاويه علقم في القدس بنفس الزعم والتهمه الذي يوجهها اليك والامر نفسه فعله منذ عقود متتاليه بتهمه وبدون تهمه وبسبب وبدون سبب وهو اطلاق النار على الاطفال وتكسير عظامهم لكونهم فلسطينيون يشكلون او سيشكلون مستقبلا خطر على هذا الاحتلال…سارق الدار والديار الفلسطينيه يدرك حجم جريمته ويعرف نهايته المحتومه في ظل استحالة نسيان الفلسطينيون لوطنهم وخنوعهم لشروط المُحتل والاحتلال…يا احمد.. انت اسما وفحوى تعبر عن ذاكرة ووجدان شعب لايريد العالم ان يتذكر حقوقه ورغم انك ” مش متذكر”فصول احداث يوم الاعتداء عليك لكنك تذكرنا وتُذكر كل صاحب ضمير بالعدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني قبل ولادتك ب 64 عام..77 عاما من العدوان والاحتلال والتنكيل والمجازر والنكران والتنكر للحق الفلسطيني…77 عام من الكذب الاممي والامريكي والعربي.. بعد حين وكما فعلوا منذ سنين سيقولون علينا انتظار نتيجة الانتخابات الرئاسيه الامريكيه.. اتعرف يا احمد كم مره انتظرنا وكم مَر علينا من رؤساء امريكان على شاكلة بوش واوباما وسابقيهم ولاحقيهُم…كثيرون وكُلهم رددوا مقولة باراك اوباما “امن اسرائيل والارهاب الفلسطيني” وما زال من بيننا من يبغبغ ببغانية السلام المزعوم والرعايه الامريكيه والامميه التي شرعنت تشريدنا من بلادنا وإحلال مستوطني الكيان الغاصب مكاننا..
انت الان يا احمد في السجن وتعاني التعذيب النفسي والجسدي لانك فلسطيني ولوكنت من مُله اخرى لانتفض العالم وجعجع جعجعة حقوق ” الطفل والاطفال”حتى يطلق سراحك لكن ثق ان شعبك وامتك معك قلبا وقالبا ووطنا وعندما اقول شعبك اقولها بالمفهوم الشعبي العريض ولا اتحدث عن قياده سياسيه خائبه وفاسده اتخمتنا باكذوبة المحافل الدوليه ومحكمة جرائم الحرب الى اخره من اكاذيب ومصوغات التفًت حتى على اسباب وفاة ياسر عرفات.. في هذه الايام وتحديدا يوم الاربعاء 11.11.015 تحل الذكرى السنوية الحادية عشرة لاستشهاد ياسر عرفات …احد عشر عاما وما زال سر وفاة عرفات غامض؟!
انت يا احمد.. قانونيا ما زلت طفلا لم يتجاوز عمره ال14 عام وما علمته انك ستبلغ هذا الجيل بعد ثلاثة اشهر وهذا العمر للطفوله حددته المحافل والمحاكم الدوليه وهو مُدرج في سجلات هيئة الامم المتحده التي كما يبدو انها نسيت إدراج الاطفال الفلسطينيون في هذه السجلات او إستثنتهُم من قائمة سن الطفوله وسمحت للإحتلال اعتقالهم وتعذيبهم على الملا وذلك بالرغم من ان القانون يحظر اعتقال و مقاضاة الاطفال وتعذييهم..!!
عزيزي احمد.. اريد ان اعبر عنك وانوب عنك في هذه الكلمة الختاميه من رسالتي اليك وهي:انني الطفل احمد المناصره ادرك ان المحافل القانونيه الدوليه لاتسري قوانينها على الاحتلال ” المدلل” في فلسطين وهو الاحتلال الذي يحق له ما لايحق لغيره الى درجة انتهاك حقوق الاطفال على الملا وبث شريط قتلهم وتعذيبهم دون اي خوف من مساءله او حساب والدليل غياب اي حراك دولي واممي للافراج عن الاطفال الفلسطينيون المعتقلون في سجون الاحتلال الاسرائيلي, لكني ادرك ان شعبي الفلسطيني لن يتخلى عن حقوقي كطفل وحقوقنا كاطفال هذا الشعب واقلها ان نعيش في امن وامان ودون احتلال في وطننا وبيوتنا وحاراتنا ونلعب كرة القدم في شوارعنا واينما وحيثما شئنا دون خوف او فزع…
…”مش متذكرّ” وليس مجبرا على التذكر يا احمد..حتما ستعود يوما لاستنشاق الحريه وستُكسَّر قيود السجن والسجَّان وستكون بمثابة خَّزان ذاكرة وطن..كلنا سنذكرك ويستذكرك مع دعاءنا لك بفك اسرك واستعادة حقك وكامل ذاكرة وطنك…تحية الابطال لك ولكل اطفال وابناء وبنات الشعب الفلسطيني المناضل..ثق ان لا عتمة الى الابد ولا قيد الى ما لا نهايه..غدا ستبزغ حبال فجر اخر وتشرق شمسنا السجينه منذ امد…تحية الوطن..!
بقلم: د.شكري هزيل