“الأرجيلة” إثبات للشخصية أم هروب من الواقع.؟

تاريخ النشر: 27/08/15 | 9:44

يلجأ الكثير من الشباب والفتيات المراهقين لتدخين “الأرجيلة” هرباً من البطالة وقلة فرص العمل والمشاكل الأسرية، فضلاً عن أنها تعد شيئا مهما لإثبات الرجولة المنقوصة في المراحل العمرية المبكرة وتقليداً أعمى للكبار.
أسباب اجتماعية واقتصادية وأسرية ونفسية، جميعها تتراكم ليصبح المراهق مهيئًا لدخول عالم التدخين، تفكك أسري، عدم وجود رقابة مجتمعية، رفقاء سوء، انفتاح سلبي، كلها عناصر تقود إلى الإدمان على “الأرجيلة” و يجدر الإشارة إلى تواجد عشرات الأماكن الخاصة بتدخين الأرجيلة في قطاع غزة
خالد الذي لم يتجاوز السادسة عشر من عمره لا يرتاح إلا إذا جلس نصف ساعة يوميا ليتناول “الأرجيلة” فيقول ” لا يهدأ لي بال الا إذا جلست لتناول الارجيلة حيث لا استطيع ان أكون مرتاحا البال ابدا” ويتابع “رغم انني لا ازال صغيرا في السن ولكن لا اجد ما افعله بعد المدرسة والعمل في محل للملابس لأن وضع أسرتي الاقتصادي صعب فاذهب الى محلات الكوفي شوب لتناول نفس من الارجيلة”.
وأضاف : ” رغم أنني اعلم أن ذلك سوف يسبب لي بأمراض في المستقبل خاصة انني لا زلت صغيرا بالسن ولكن طبيعة الحياة التي نحياها في غزة تتطلب ذلك فالشخص يهرب من عذاب هذه الحياة فإذا جلست في البيت تجد الحياة كئيبة بسبب الفقر واذا خرجت الى الحارة فلا تسمع إلا أصوات المواتير والسيارات المزعجة فتكون بحاجة الى جو من النقاهة حتى لا تفقد اعصابك وتموت فقعا”.
أما حنان ذو الرابعة والعشرين من عمرها التي تعلمت تدخين الارجيلة من والدها عندما كانت صغيرة في السن أثناء مشاهدة الافلام المصرية فتقول:” كان والدي يحب مشاهدة الافلام المصرية كثيراً وخاصة المضحكة منها فكان يجلس في صالون البيت ويدخن الارجيلة وكنت اجلس في حضنه ومع مرور الأيام بدأت رائحة الارجيلة وكأنها جزء مني فصرت أتمناها ”
وتكمل” بعد ان ينتهي والدي من تدخين الارجيلة ويذهب إلى الحمام أو يحضر شيئا فأقوم بسحب نفس منه حيث شعرت بطعمها اللذيذ وأصبحت أسحب نفس منه دون ان يراني احد وبعد فترة من الزمن كنت أشعل الفحم لوالدي وأجهز له المعسل وتعودت على ذلك وأصبحت مدمنة على تدخن الارجيلة إلى اليوم”.
وتستدرك حديثها بالقول “اعتقدت في بداية الأمر أن الأرجيلة باتت رمزاً للانفتاح وعدم التشدد، وهذا ما دفعني للتدخين، ولكني اليوم أدركت أن هذا الشيء مضر جداً نفسياً وصحياً واجتماعياً، وحالياً أحاول الإقلاع عنها ولكن الظروف التي نعيشها لا تساعد في ذلك لان الإقلاع عن الارجيلة يحتاج إلى أن يكون الإنسان مرتاحا نفسيا واقتصاديا”.
بدوره أوضح أمجد ذو العشرون عاماً أن الحياة التي نحن نعيشها تتطلب منا ان نكون منفتحين في كل شيء دون استثناء فالحياة صعبة ولا مفر من ذلك بأي حال كان الأمر ،لافتا إلى أن مديره في العمل يشرب الارجيلة فأصبحت أجهزها بنفسي واجلس معه لنشربها سويا ونبدأ نتحدث في العديد من الامور.
وقال:” أعتقد أن تدخيني الأرجيلة يختلف عن كونه مشكلة اجتماعية أو اقتصادية لأنه بالأساس يكون ناجما عن عدم راحة الانسان وخاصة البطالة وعدم وجود فرص العمل وحتى اذا وجدت فرصة عمل فتعمل يوما وتجلس في البيت عشرة اخرى”.
وتابع حديثه : ” أصبحت الارجيلة بالنسبة لي الجزء الاساسي في الحياة فهي من المتطلبات الاساسية فاشتريت واحدة وأصبحت عندما اشعر بالملل اذهب الى مكان بعيد عن اعين الناس وأتناولها بمفردي الان الارجيلة تعتبر متنفسا لي وتخرجني من المصائب التي تمر علينا تباعا”ً
بدوره أوضح الاستاذ التربية وعلم النفس بجامعة الازهر بغزة الدكتور محمد الاغا ” يلجأ الشباب للأرجيلة بهدف التقليد, ومنهم من يتمرد على الواقع ويحاول الحصول على هيبة اجتماعية من خلالها”، موضحاً أن التوجه للأرجيلة يبدأ من مشاكل اجتماعية يعاني منها المدخن وتكون ايضا بسبب الوضع الاقتصادي بالأساس والحالة النفسية للشخص فتكون الارجيلة هي الحل حتى يرفه عن نفسه.
وقال أن لجوء المراهقين إلى تدخين الأرجيلة، ناتج عن رغبتهم في تقليد الآخرين، ولشعورهم أنها تكمل الرجولة لديهم وبيّن أن المراهقين من الشبان والفتيات، يحاولون تدخين الأرجيلة من أجل الحصول على مكانة اجتماعية والخروج من بوتقة الطفولة، سعياً للحصول على احترام الآخرين وتقديرهم.
وأشار الاستاذ التربية وعلم النفس الى النظر إلى أن التدخين بدأ في المجتمع الفلسطيني غريباً، حيث كان من المعيب أن يدخن الرجل أمام الآخرين، وكانت عادة منبوذة وممقوتة اجتماعياً, وأضاف: “لكن في عصر الانفتاح والاندماج استقبل مجتمعنا هذه الثقافة، وبدأ الناس يشعروا أنها شيء عادي ليصبح تدخين السجائر والأرجيلة مسألة عصرنة وانفتاح وحداثة”.
وتابع د. الاغا : “الكثير من الشباب يقعون تحت ضغوط قله العمل وارتفاع نسبة البطالة والفقر، والكسل والتقاعس والسهر، وكل ذلك يدفعهم للتوجه نحو الأرجيلة، كما أن الشبان المنتسبون للعوائل الميسورة الحال يكون تدخينهم للأرجيلة تقليداً لآبائهم وأمهاتهم أحياناً”.
وبيّن أن هناك دوافع أسرية تدفع الشبان نحو تدخين الأرجيلة تقوم على ركيزة التنشئة، مشدداً على ضرورة توعية الأبناء منذ صغرهم على أنها من المحرمات الكبرى اجتماعياً وصحياً, فإذا أهملت الأسرة الأمر سيقود إلى انفلات أكبر وسيزيد عدد المراهقين المدخنين في المجتمع الفلسطيني.
كما دعا د. الاغا وسائل الإعلام إلى تناول الآثار السلبية لتدخين الأرجيلة وإطلاق حملات توعية للشبان لتعريفهم على مدى خطورتها، ناصحاً أن تبدأ التوعية من سن الطفولة في مرحلة التمهيدي ورياض الأطفال.
عمر اللوح – الوطن – غزة

1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة