شاهد على العصر: المدرسة الثانوية في باقة الغربية، من الثانويات الأوائل في المثلث الصغير!!

تاريخ النشر: 10/03/13 | 0:40

في كتابه، «منفي في بلاده، من الطيبة إلى الكنيست» والذي يشمل فيما يشمل سيرته الذاتية يتطرّق السيد وليد صادق، المعلم، عضو الكنيست، ونائب وزير الزراعة في السابق إلى دراسته الثانوية في ثانوية الطيبة آنذاك والتي يقول عنها أنها الثانوية الوحيدة في المثلث متناسياً أو متجاهلاً مدرستي الطيرة وباقة الغربية، آنذاك أي بداية الخمسينيات من القرن الماضي، وأنا كشاهدٍ على ذلك العصر بل ومن عاش فيه أعارض ما ذكره السيد وليد صادق من انفراد قرية الطيبة (آنذاك) بمدرستها الثانوية وأقول: مع انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1947 كان في كل من قرى المثلث الصغير، الطيرة، الطيبة وباقة الغربية مدارس ابتدائية كاملة أي من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف السابع الابتدائي، وكان خريجو هذه المدارس الابتدائية يكملون دراستهم الثانوية في ثانويات وكليات المدن: القدس، نابلس، طولكرم، وجنين وغيرها من مدن فلسطين…

وبعد توقيع معاهدة رودوس وانسلاخ المثلث الصغير الذي يبدأ بقرى زلفة وسالم وينتهي بكفر قاسم عن أخيه المثلث الكبير (طولكرم، نابلس، جنين) وذلك عام 1949 وانضمام هذا الصغير إلى دولة إسرائيل.

استمرت هذه المدارس الابتدائية في كل من الطيرة والطيبة وباقة الغربية في مسيرتها التعليمية لتصبح من أوائل الثانويات في المثلث الصغير، ولتحتفل في صيف عام 1954 بتخريج أفواجها الأولى من خريجي الصفوف الثانية عشرة، وكنتُ أنا ومعي كوكبة من 21 خريجاً من قرى باقة الغربية، جت، ويمّة الفوج الأول الذي أهدته ثانوية باقة وفي جو من الفرحة والزهو، احتفت باقة الغربية ومعها زميلتيها جت ويمّة بالرعيل الأول من الخريجين الذكور فقط، ليحصل كل خريج على شهادة إنهاء رسمية موقعّة من قبل رئيس المجلس المحلي في باقة الغربية آنذاك المرحوم جميل فارس أبو مخ، ومدير المدرسة الثانوية المرحوم الأستاذ ضياء جباي (يهودي من أصل عراقي) وكان نصيب باقة من هذه الكوكبة 11 خريجاً (بالإضافة إلى ثلاثة أخر تخرّجوا من مدارس ثانوية عربية وعبرية) منهم من قضى نحبه وغادرنا إلى الدار الأخرى ومنهم من ينتظر لقوله تعالى «ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً»- صدق الله العظيم.

وأنا العبد الفقير لله من هؤلاء المُتتظرين ومعي أخوة أمدّ الله في أعمارهم وأحسن أعمالهم وخاتمتهم وهم: الحاج سليمان حاج أحمد مجادلة، الحاج محمد أنيس محمود أبو حسين، الحاج ناشد طاهر ناصر أبو مخ والسيد زهير محمد حمدان حاج أحمد، ومن المؤسف حقاً أن تقع إدارات المدارس الثانوية المتعاقبة في باقة الغربية ومعها المجالس المحلية والبلدية والمتعاقبة كذلك في باقة، في نفس الخطأ الذي وقع به زميلنا الأستاذ وليد صادق فعند احتسابهم لأفواج الخريجين في ثانوية باقة يتجاهلون جميعهم الأفواج الأربعة الأولى من الخريجين للأعوام 1954، 1955، 1956، 1957 وما يميّز الأفواج الأخيرة عن الفوج الأول هو عشرات الخريجين ليس من قرى باقة وجت فحسب بل ومن جميع قرى المثلث الشمالي والأوسط بدءاً من قرى منطقة أم الفحم مروراً بقرى وادي عاره ، أم القطف وميسر، وانتهاءاً بقرى زيمر الأربعة، ابثان، يمّة، بير السكة والمرجة.

ويبقى السؤال: ولكن لماذا أغلقت ثانوية باقة بعد أن خرّجت أربعة أفواج؟ لأنه ولأسباب سياسية محلية ضيقة وفساد داخل السلطة المحلية آنذاك، سعى من سعى وفي نهاية العام الدراسي 1957 لإغلاق المدرسة الثانوية في باقة ليتشرّد بعدها طلاب باقة وطالباتها ويتوجهون للدراسة في المدارس الثانوية العربية والعبرية: إلى الطيبة، الناصرة، الطيرة، والخضيرة، وخضوري الزراعية العبرية، وعمال الصناعية، وليستمر هذا العناء وهذا التشرد عدة سنوات صعبة ليُعاد بعدها فتح الثانوية في باقة الغربية من جديد وتقف على قدميها ثابتة ومنتصبة مؤدية رسالتها التربوية التعليمية.

هذه قصة ثانوية باقة الغربية كاملة غير منقوصة، والله من وراء القصد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة