ابراهيم المالك "في مثل هذا اليوم"

تاريخ النشر: 12/02/13 | 0:40

مجرد هواجس واقعية

في مثل هذا اليوم قبل عشر سنين

12. 2. 2003 ، كنتُ كما يبدو بلغتُ قمة الجبل، لا أعني

صعودا، بل هبوطًا، أي بلغتُ قمة اليأس والإحباط النفسي.

ففي هذا اليوم، صباحا

باكرا، ارتفع ضغط الدم في جسدي، فانحبس عن الجريان ولم يصل إلى الرأس،

ففقدتُ الوعْي ووقعتُ وفقدتُ القُدْرة على الحركة والنطق.

وكُنْتُ، مُنْذُ أواسط الثمانينات،

بدأت، مثل آخرين قليلين، أطرح أسئلة موجعة على نفسي ومُثيرة للقلق ولكن لم

أجرؤ على طرحها.

وَحين

عدْتُ إلى البلاد كبرت فيَّ التجربة وكبرت الأسئلة

الموجعة. وبتُّ أستعيد في الذاكرة نتف أسطورة آلهة

يونانية قديمة، إغريقية، رأيتها على شكل مسرحية في

بلدة أولمبيادا اليونانية الأثرية القديمة، فعلق منها في

ذهني قول بروميثيوس الإله الإنسان للفتيات

الهِلاّسيات الجميلات، اللواتي رأيْنه وقد عُلِّق على

صخرة في أعلى الجبل، بأمر من آلهة الأولمب

، وكانت طيور النسر تأكل بنهم موجع كبده. أذكر أنَّهُ

قال في تلك المسرحية وهو ما قرأته مرارا من قبل

ومن بعد:

" أنْ تقولَ الحقيقة شيءٌ موجِعٌ،

لكِنْ أنْ تلْتَزِمَ الصمتَ أشَدّ إيلاما "

حَدَّثْتُ نفسي:

ما أصعب أن يُخَيَّرَ

الإنسان بين بَحْرٍ ماءه مالح وبحرٍ ماءه أجاج، لكن

وَجَدْتُ الأصعَبَ لاحقًا ، في أنني التزَمْتُ الصمتَ ،

حين كانَ يتوجب علي أن أصرخ من قحف رأسي .

وكم تمنَّيْتُ لو أنني خَيَّرْتُ نَفْسي، عندها ، بين

انتحار جَسَدِيٍّ فعلي وبين انتحار عَقلي، فأفقد الحسَّ

الإنْساني الموجع ولا أعود أرى واقعا أعيشه .

ووجدتُني مع تقدُّم المرض والعجز، أوثر البقاء حيا ،

ما أمكن، حالمًا ومغردا نشيد عشقي الوطن العالمي

وإنسانه، عشقي طبيعة هذا الوطن وتجلياته المختلفة

الجميلة كالعشب والماء والجبال والمرأة. ومن يومها

لم يتوقف ما تبقى فيَّ من عقل عن طرح أسئلة حياة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة