دلالة قرار الأمم المتحدة بمنع تسليح الحوثين
تاريخ النشر: 20/04/15 | 6:41أن تراجع وضع اليمن في مختلف المجالات، يعود بدرجة أساسية إلى فشل اليمنيين في تأسيس دولة النظام والقانون، واستشراء الفساد، وعدم وجود جيش وطني واحد ومتماسك، يضبط مسار الفوضى والاحتقانات السياسية والمذهبية في اليمن.
تبنى مجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء قرارا تحت الفصل السابع بشأن اليمن فرض بموجبه حظرا على تسليح المليشيات الحوثية ومنع السفر لنجل صالح وعبد الملك الحوثي زعيم التمرد, حيث يخول الفصل السابع المجتمع الدولي باستخدام القوة لتنفيذ القرار, وقالت المندوبة الأمريكية في المجلس: “ندعو إلى استمرار الحوار على أساس المبادرة الخليجية, وندين أعمال الحوثيين التي قوضت استقرار اليمن”, كما شمل القرار حظر الأسلحة للحوثي ومنع صالح ونجله من السفر, ودعا المجلس الحوثيين إلى تسليم السلطة في البلاد. كما دعاهم إلى الانسحاب من المناطق التي سيطروا عليها ويفرض عليهم عقوبات بينها حظر على الأسلحة.
إن القرار يرسم خارطة لوقف العنف في اليمن تتأتى من خلال تهيئة الظروف الكفيلة بذلك وأهمها التزام الحوثيين بتطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما فيها القرار الذي اتخذ اليوم ويطالبهم فورا ودون قيد أو شرط بجملة من الأمور من بينها: الكف عن استخدام العنف؛ وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها، والتخلي عن جميع الأسلحة الإضافية التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، والامتناع عن الإتيان بأي استفزازات أو تهديدات ضد الدول المجاورة لليمن.
وصوت 14 من أصل 15 عضوا في المجلس لصالح القرار فيما امتنعت روسيا عن التصويت. وأدرج مجلس الأمن أسمي نجل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وزعيم حوثي على القوائم السوداء وفرض حظرا على تزويد جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران والتي تحكم معظم اليمن بالسلاح.
وقال المندوب الدائم للسعودية لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله بن يحيى المعلمي قرار التدخل البري نتركه للقادة العسكريين, والسعودية تعمل على توفير مواد الإغاثة للشعب اليمني, والقرار الدولي انتصار للشعب اليمني وتأكيد على وحدة مجلس الأمن, كما يؤكد القرار على أن إجراءات الحوثيين غير مقبولة, وقوات صالح انتهكت كافة الاتفاقات التي تم التوصل إليها في البلاد. أن سياسة الحكومة بعد خروج صالح من الحكم لم تتغير، إلا ظهور قوى أخرى كانت في السابق مشاركة له في الحكم، والحروب التي قادها على اليمنيين سواء في الجنوب أو الشمال، وبالذات في صعده، التي شهدت ستة حروب على جماعة أنصار الله، ذات التوجه الزيدي، الذي كسب تعاطف الكثير من اليمنيين
إن تفاقم الأوضاع المتدهورة في اليمن، سيمنح التطرف والإرهاب فرصة أكبر للسيطرة والتمدد، وانتشار خطره بشكل أكبر، الأمر الذي يهدد الشرق الأوسط، خصوصا دول الجوار في مناطق الخليج العربي
وفيما سقط الآلاف من القتلى في العام الماضي، استقبل اليمنيون 2015 بعشرات القتلى والمصابين من جنود القوات المسلحة، حيث تعرضت كتيبة تتبع اللواء (62) احتياط – حرس جمهوري سابقاً- في أول يوم من العام إلى محاصرة قبليين مواليين للإصلاح في محافظة مأرب (شرق اليمن) أثناء عودتها إلى العاصمة صنعاء، قادمة من شبوة، وأشارت المعلومات إلى مقتل 6 جنود وإصابة نحو 12 جراء اندلاع اشتباكات بين القبليين والجنود، فيما قتل اثنين من القبليين، وجرح نحو 8 آخرون، وانتهت الاشتباكات بسيطرة المواليين للإصلاح على الكتيبة العسكرية بالكامل.
في الإطار ذاته؛ أصيب جنديان في انفجار استهدف دورية عسكرية بمدينة (شبام) التابعة لحضرموت، فيما أصيب أحد أعضاء اللجان الشعبية التابعة للحوثيين، بانفجار عبوة ناسفة زرعت بالقرب من أحد المنازل بـ(أبين) ، كما نجا ضابط في جهاز المخابرات في اليوم الثاني للعام الجديد من محاولة اغتيال جراء تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين في مدينة (الحوطة) عاصمة محافظة لحج، كما قتل شخص وأصيب آخران جراء إطلاق نار وقع بالقرب من مبنى محافظة عدن، مساء اليوم ذاته. وبعد مرور 72 ساعة علي 2015؛ شهدت اليمن عده حوادث، حيث اغتال مجهولون ضابطاً في قوات الأمن مساء السبت في مدينة (سيئون) بحضرموت، وذلك بعد إصابة ثلاثة جنود في انفجار استهدف دورية أمنية في المدينة نفسها، كما قتل جندي وأصيب آخران جراء هجوم نفذه مجهولون على دورية عسكرية في منطقة (الضلعة) بمحافظة (شبوة) جنوب شرق اليمن، في حين شهدت تعز مقتل جندي في الشرطة العسكرية برصاص مسلحين قيل إنهم من جماعة الحوثي بسبب خلاف نشب بين الطرفين. كما لن تستخدم إيران أيضًا ما يمكن أن تمتلكه من سلاح نووي ضد إسرائيل؛ لأنها تعلم جيدًا حجم الفارق الكبير في القوة النووية والعسكرية بينها وبين إسرائيل التي تملك أكثر من 200 سلاح نووي، فضلاً عن الدعم العسكري والنووي الأمريكي لإسرائيل، ناهيك عن أن إسرائيل ليست داخل دائرة الاهتمام الإيراني؛ لبعدها عنها (1800 كم)؛ ذلك لأن دائرة الاهتمام الإيراني تنحصر في المنطقة العربية ومنطقتي وسط وجنوب آسيا المجاورين لها (مجموعة دول آسيا الوسطى، وباكستان، وأفغانستان).
ولتحقيق هدف الابتزاز في السياسة الإيرانية، فإنه يمكن الجزم بأن إيران لن تتخلى عن برنامجها النووي التسليحي تحت أي ضغوط؛ لسببين: الأول: أنه محور التفاف وتجمع الرأي العام الإيراني والجبهة الداخلية حول نظام حكم الملالي، فإيران النووية هي وسيلة افتخار كل إيراني ببلده، حتى وإن تعرضت بلاده لانهيار اقتصادي واجتماعي وسياسي داخلي وعزلة دولية. أما السبب الثاني: فهو أن البرنامج النووي سيكون وسيلتها للتعامل بنديّة مع الدول الكبرى على الساحة العالمية؛ وبما يساهم في تحقيق أهدافها في الساحة الإقليمية، ومد نفوذها إلى ساحات بحرية أوسع.
– أما التهديدات الأخرى الرئيسية التي تواجهها دول الخليج -ومعها باقي الدول العربية- فتتمثل في قدرة النظام الإيراني الحاكم في النفاذ إلى داخل عمق الجبهات الداخلية في هذه الدول، وخلق نفوذ قوي لإيران يؤدي إلى تقويض الأنظمة الحاكمة القائمة حاليًّا، واستبدالها بأنظمة سياسية دينية متحالفة مع إيران توسع من دائرة المجال الحيوي الإيراني في منطقة غرب ووسط وجنوب آسيا، وأيضًا في إفريقيا. وأساليب إيران لتحقيق هذا الهدف متعددة تشمل أعمال التجسس، وتجنيد عملاء معظمهم من الشيعة، والتحالف مع أحزاب دينية شيعية وسنية ومساعدتها في الوصول للسلطة (أبرزها جماعة الإخوان المسلمين التي فازت بالحكم في مصر وتونس والمغرب، ويتوقع أن تسيطر على الحكم بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، مع احتمالات لذلك أيضًا في الأردن) فضلاً عن تعاون إيران مع تنظيم القاعدة خاصة في اليمن، حيث تسيطر القاعدة تقريبًا على جنوب اليمن، في حين يسعى الحوثيون للسيطرة على شمال اليمن، وكلاهما مدعومان من الحرس الثوري الإيراني، وإنشاء تنظيمات مسلحة أشبه بالحرس الثوري الإيراني في هذه الدول تؤمن للحكومات الدينية المتحالفة مع إيران استمرار هيمنتها على الحكم لسنوات طويلة، هذا فضلاً عن استخدام الدعم المالي والتسليحي والإعلامي؛ لترسيخ أقدام هذه الحكومات الدينية في دولها.
والغريب في الأمر إن المجتمع الدولي منقسم أيضا على نفسه بشأن الخطوات التي ينبغي اتخاذها بشأن الأوضاع المرتبكة في ليبيا واليمن، ففي حين دعت أطراف إلى تبني الخطوات العسكرية واستعادة السلطة بالقوة، رفضت أطراف أخرى هذه الاقتراح الذي قد يؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، فيما دعت أطراف عديدة إلى تبني الحوار بين الأطراف المتنازعة من اجل منع انزلاق البلدين إلى حافة الحرب الأهلية وسيطرة المنظمات الإرهابية، لكن ما زالت هذه الدبلوماسية بعيدة عن ارض الواقع، طبعا لعدة اعتبارات يمكن اعتبار أهمها إن مصالح بعض الدول يمكن إن تصب في مصلحتها الفوضى الموجودة في هذه المناطق، كما إن الدعم الإقليمي والدولي للجهات المتصارعة على السلطة في اليمن وليبيا يؤثر بشكل كبير على إي تفاهم أو حوار مستقبلي بين الأطراف المتنازعة. لكن ينبغي الاهتمام بشدة لما يجري في ليبيا واليمن قبل انفجار الأوضاع وخروجها عن نطاق السيطرة، فالحرب الأهلية وسيطرة التنظيمات المتطرفة على كل أو جزء من أراضي هذه الدول يمكن إن يقلب المعادلة (حتى للدول الداعمة لهذه الفوضى) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوربا، وهو ما لا يتمناه أحد بالتأكيد.
الدكتور عادل عامر