غزة… وعبق النصر
تاريخ النشر: 21/11/12 | 5:09عمود السحاب، بل أنا أقول عمود “الخازوق”، هو اسم عملية العدوان التي أطلقتها إسرائيل على غزة وتعتبر الأولى من حجمها على قطاع غزة، بعد ما حدث في العالم العربي “الربيع العربي” .
إن إسرائيل وحسب محللين عسكريين إسرائيليين لم تحقق انتصار من خلال هذا العدوان وخصوصاَ بعد ما صرحت به قيادة الجيش الاسرائيلي بأنها ضربت ودمرت قدرة المقاومة على تهديد العمق الإسرائيلي بالقذائف والصواريخ بعيدة المدى، لذا فأنها لم تبادر إلى اجتياح بري بسبب قناعتهم بان مثل هذه العملية لن تغير شيئاً من واقع المقاومة علماً بان إسرائيل وقيادتها مقتنعين بان سلاح الطيران لم يعد قادراً على حسم المعركة وتدمير قدرات المقاومة الفلسطينية، فرغم الشهداء والجرحى والأشلاء والقصف والدمار والخراب ستقاوم غزة حتى الانتصار ولن تتنازل عن حقها وثوابتها الوطنية مهما صار , هذا هو لسان حال أطفال, نساء, رجال غزة هاشم جميعاً اثر العدوان الإسرائيلي الغاشم عليها, وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار التنظير القائل ان الدول عندما تواجه مشاكل داخلية تلجأ إلى توجيه أزماتها نحو الخارج, وقد شهدت إسرائيل خلال هذا العام مظاهرات غضب احتجاجاً على سوء الأوضاع الاقتصادية, فان العدوان على غزة من وجهة نظر نتنياهو سيساهم في إعادة اللحمة والتضامن بين الشعب اليهودي وسيحقق تركيع غزة وبروز نتنياهو كبطل قومي بما يضمن فوزه في المعركة الانتخابية القادمة, ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
إن ما تقوم به إسرائيل من قصف بطائراتها وبوارجها البحرية واستهداف المواطنين الأبرياء وخاصة الأطفال منهم هي حرب همجية مسعورة حولت غزة الى انهار من الدماء والأشلاء والجثث الهامدة تحت البيوت والعمارات المدمرة, ودمار وخراب للمنازل والمنشآت الرسمية والبنية التحتية، ان كل هذا يؤكد بان نتنياهو – براك وبني غانتس يمرون بحالة كبيرة من التخبط والإحباط وفقدوا صوابهم وعقلهم وأعطوا أوامرهم بقصف وضرب كل من يتحرك في غزة, الإنسان, البيت, الشجر والحجر.
ومما لا ريب فيه ان قدرات المقاومة الفائقة والرد على العدوان وضربه في ابعد المناطق في دائرة لم يسبق لها مثيل مثل تل أبيب ,القدس وهرتسليا أربكت نتنياهو وغانتس وبراك, وشكلت مفاجئة ومتغيراً كبيراً في معادلة الرعب مع اسرائيل وستكون لها اثر كبير في مجرى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني الامر الذي جعلهم يتخبطون كالكلب المسعور لا مله له ولا دين يبحث عن الحجج ليفترس ضحيته, وجعلت نتنياهو شخصياً يبحث عن طرق ووسطاء من اجل التوسط لإيقاف هذه الحرب وإخراجه من هذا المأزق”الخازوق”.
إن التهدئة التي ترعاها مصر أصبحت في مهب التأجيل, منذ صباح أمس الثلاثاء عاشت غزة على وقع الحديث عن التهدئة التي كان من المفروض الإعلان عنها مساء يوم أمس, لكن الساعات مرت والقصف ازداد والعدوان اشتد ضراوة قبل إن يطل المساء المنتظر ليكشف عن تأجيل توقيع الاتفاق إلى يوم الأربعاء, وربما لأيام معدودة أخرى, وهذا يعني مزيداً من التصعيد والمجازر والدمار والقتل واستمرار العدوان.
لقد باتت هذه التهدئة المرتقبة في طي المجهول ودخلت إلى غرفة الإنعاش وهي بحاجة الى جراحة وحتى تتم هذه العملية الجراحية قد تكون الآلة الحربية الإسرائيلية نفذت وكثفت ما يحلو لها من غارات وتدمير وتخريب وقصف همجي وحشي في القطاع الصامد.
إن المشاهد المرعبة التي نشاهدها عبر وسائل الإعلام تعجز أقلامنا وكلماتنا إن تصف هذه البشاعة بحق أطفال غزة، فمن يوقف هذا العدوان الغاشم؟، ومن يمنع هذا التدمير والتخريب؟، ومن يوقف شلال الدم؟؟.
في نهاية المطاف ستخرج غزة منتصرة في هذه المواجهة تماماً كما انتصرت في عام 2009 اثر حرب “الرصاص المصبوب” وستوقف إسرائيل العدوان من طرفها وفق تهدئة متبادلة ومتوازنة وسيجر نتنياهو, براك وغانتس اذيال الهزيمة والخيبة تماماً كما جرها اولمرت, بيرتس وحلوتس في شتاء عام 2009.
بقلم: كايد ألقصاصي