لماذا يا هذا 14 :اتّصال أم انفصال؟

تاريخ النشر: 22/10/12 | 3:23

سطوة التكنولوجيا والاتصالات… تلك التي دخلت بيوتنا من غير استئذان! هل كنّا مُهيئين لاستقبالها؟ كيف نتعامل معها؟ وهل فعلاً نستخدمها بالشكل الصحيح؟ كيف أثّرت على علاقتنا الاجتماعية التي كانت الودّ والحميميّة أبرز سماتها؟ لماذا أفرغتها أحياناً من المشاعر والأحاسيس التي كنّا نشعر بحرارتها بين الأعزّاء والمُقربين والأصدقاء؟

ها هُو العيد على الأبواب… مُناسبة لالتقاء الأحباب والأهل! هل سنحافظ فيه على صدق التهاني والمُعايدات و”اللّمات” مع الأحباب والمُقرّبين، أم سنكتفي بمجرد إرسال ذبذبات صوتيّة إلكترونية وحُروف رقميّة باتت تنوب عنّا في تأدية كثير من واجباتنا الاجتماعية؟

صحيح أنّ التواصل التكنولوجي ومميزاته، قد سهّل علينا صعوبات كثيرة، ولا ننكر إيجابياته! ولكن، لا يُمكن التجاهل أيضاً، أنّه سبّب نوعاً من الفتور في العلاقات بين الناس، إذ أنّ التواصل بين الأشخاص عن طريق مجموعة حروف في جهاز صغير، قد سلبَ منّا مُتعة اللقاء والتواصُل الحقيقي الصادق في أحايين كثيرة!

أتساءل: ماذا تغيّر؟ ولماذا تخلينا عن عاداتنا وتقاليدنا؛ سعياً وراء اللحاق بركب الراكضين؟ لماذا لم نتمكن من اللحاق بهذا الركب دون أن نتأثر بسلبياته؟ لماذا أصبحت هي الأصل فيما نحن بقينا مجرّد صورة؟ لماذا، بدلاً من أن نُسخّرها لخدمتنا، استخدمتنا عبيداً لها؟!

أعي كلّ الوعيّ أنّ عالم اليوم الذي نعيشه يختلف اختلافًا جذريًا عن عالم الأمس؛ بل يمكنني القول إن كلّ ساعةٍ تختلف عن الساعة التي سبقتها؛ فلم نعد نحسب الأمر بالسنوات والساعات أصلاً؛ بل نحسبه بالدقائق والثواني في عالمٍ يلهث وراء التكنولوجيا والاتصالات واختراع كلّ ما هو جديد. تنسج التكنولوجيا خيوطها في كلّ جزءٍ من أجزاء حياتنا، وتتوغل في كل شبرٍ من كياننا؛ لتصنع أجيالًا جديدة، وعقولاً أحدث قد لا تمت لسابقيها بشيء…سوى أنّهم الأجداد، وهم الأحفاد!

لكن؛ أيعقل أن يجلس الزوج أمام شاشة الحاسوب أو شاشة الآيفون أكثر مما يجلس مع زوجته؟ّ! أيُعقل أن يتحدّث الابن مع والده عن طريق الرسائل في البيت نفسه؟ أيُعقل أن يكتفي الابن بإرسال رسالة لوالدته؛ لتهنئتها بمُناسبة العيد؟! أيُعقل أن لا تجلس العائلة مُجتمعة لتناول وجبة طعام واحدة على الأقل؟! أتسدّ الرسالة الالكترونية عن لقاء ممتع قصير مع أحد الأصدقاء أو المقربين؟! أذلك هو الاتصّال؟!

نعيش عصر التكنولوجيا والاتصالات…لا شكّ في ذلك، ولا أحد ينكر ذلك…نبدأ يومنا بالتكنولوجيا، وننهيه بها…! باتت هذه حقيقة، وإنكارها سيبدو كإنكار دوران الأرض حول الشمس! يتزايد اعتمادنا على التكنولوجيا بشكلٍ مخيف، ونسمع أخبارًا كثيرة عن “إدمان” الحاسوب والإنترنت والأجهزة المحمولة…إنها ظاهرةٌ تواجه الإنسان، وستستمر مع استمرار توغّل أجهزة الكمبيوتر وثورة الاتصالات والمعلومات وسيتعاظم شأنها ودورها في كلّ شيء.

لكن، لماذا نسمح لتلك “الاتصالات” أن “تفصلنا” عن قيم سامية وعلاقات إنسانيّة صادقة؟ ولماذا نتعامل مع التكنولوجيا بدون تفكير وكأنّها فرضٌ علينا؟ لماذا لا نكون أولئك الـ “مُستهلكين” الحُكماء لكل ما يجري حولنا؟

اسمحوا لي ختاماً، أن أتقدّم لكم جميعًا بإشراقات فيضيّة تبثّ باقات عطرة من التهاني والتبريكات بمُناسبة عيد الأضحى المُبارك! ثقوا يقيناً أنّ كلماتي ليست “مُجرد تهنئة إلكترونيّة”؛ بل كلمات صادقة من القلب نُسجت من حروف الإحساس وصدق جمال تواجدكُم الراقي بين هذه الكلمات!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة