تخطيط الفكر التربوي

تاريخ النشر: 03/02/15 | 11:14

بعدما تمخضت الأحداث في عالمنا العربي عن مجموعة من التحولات الخطرة، وأسفرت أمراض المجتمعات عن وجهها، ووقف الجمهور العربي تائهاًً أمام التحولات العنيفة التي تمت في السنوات الخمس الأخيرة، بات لزاماً علينا أن نضع يدنا على الجرح حتى لا تتكرر مآسينا، وحتى لا تتقرح أكبادنا مجدداً في أي أزمة قادمة.

إننا- ولا ريب – نعاني من مجموعة من الآفات الاجتماعية والتربوية والسلوكية، آفات عامة تطال شرائح المجتمع كله، وهذا ما شاهدناه جلياً في تونس ومصر وليبيا والجزائر، وفي لبنان وفلسطين سوريا والعراق، فمع بداية كل أزمة أو ثورة أو حتى آفة طبيعية نجد التيه والتخبط، وإذا انسلخ الحكام عن الشعوب نتيجة الثورات والمتغيرات، عرفنا حجم الفراغ الموجود لدى الشعوب في جوانب متعددة، على مستوى التخطيط والتخطيط الفكري والتأطير والتعامل مع الأزمات وإدارة الواقع وتجميع الطاقات ونحوها من أمور.

وكعضو فريق الخبراء في شبكة تنمية الشرق الأوسط (MDN)، ونظراً لكوني مستشاراً دولياً للعديد من الجهات والمؤسسات الحكومية والأهلية، وبعد سلسلة من الدراسات والأبحاث التي أجريت لتقديم الحلول العملية للإشكاليات التي تعترض مسارات المؤسسات والهيئات، وجدت من المهم الحديث علناً حول موضوع زرع القيم المعرفية والمهارات السلوكية لدى العاملين في مجالات الإدارة العليا فيما يتعلق بتحليل المفاهيم الفكرية وتوجيهها وتخطيط التعامل معها زمانياً ومرحلياً بصورة تراكمية هادفة ومؤثرة.

وهذا معناه بالضرورة امتلاك المهارات اللازمة لدى النخب المؤتمنة على مستقبل الأجيال في فهم معنى الفكر ومرتكزاته، وامتلاك آليات التخطيط الاحترافي، وتخطيط الفكر وصناعته، وتحليل البيئة الفكرية في الواقع، إضافة إلى قناعتهم بأهمية الدراسات والبحوث التخصصية.

بعد ذلك يمكن لنا الحديث عن مرتكزات تخطيط الفكر التربوي، وتحديد الشرائح المستفيدة من المشروعات التخطيطية، والبدء بعملية تحليل شاملة من أجل تقييم الفكر التربوي وتقويمه، وأوجه الاستفادة من التغذية الراجعة في تصويب التخطيط الفكري التربوي مستقبلاً، ويرافق ذلك دراسة حالات عالمية ناجحة في مجال التخطيط الناجح للفكر التربوي.

نعم، نحن بحاجة إلى الفكر، الفكر المنهجي التراكمي، فكر منطلق من روح المجتمع ويتفاعل مع تفاصيل ونبض المجتمع، ليرسم من خلال الموجود آفاقاً للحلول الابتكارية لمشكلاتنا، فالفقر والبطالة، والترهل الإداري، والواسطة والمحسوبية، وآفات السياسة وكوارث الاقتصاد، كلها محطات علينا أن نقرأها من زاوية غياب الفكر ليس إلا، فإذا حاولنا علاج الجزئيات والفروع، ضعنا وتهنا في عالم لا أول له ولا آخر، فكل شيء منطلقه الفكر، وكل حل يبدأ بعلاج الخلل الفكري الحاصل، وهذا ما يوجب على النخب أن تبدأ ببناء منهجية التخطيط التربوي للفكر العام.

المستشار د. نزار نبيل الحرباوي

nezar7rbawe1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة