الامثال ….

تاريخ النشر: 09/09/12 | 21:02

مثل, خلاصة لمجموعة من التجارب والخبرات, وتعبير عن حياة الامم, بتاريخها ورجالها وبيئتها وتصوراتها. فهي من هذه الناحية صدى لكثير من جوانب الحياة, ومن هما تاتي قيمتها الفنية والفكرية . واما قيمة المثل الادبية فتتمثل في الإيجاز اللفظي الشديد, والوقع الموسيقي, والتشبيه الدقيق, وان تتفاوت بتفاوت قائلها في الثقافة والقدرة على التعبير.  والقرآن الكريم كثيرا ما يضرب الامتثال, لأمور عدة .لتقريب الإفهام, الترغيب, الترهيب, الردع والزجر, للحث على فضائل الأخلاق, والعمل البار, وصلاح الاعمال, وصولا الى التقوى والفوز بمرضاة الله.(وتلك الامثال نضربها للناس “ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة” سورة ابراهيم .

والمثل غالبا ما يتعلق بحادثة معينة او موقف معين ينتج عنه ان ينطق لسان بعبارة مركزة قوية تلخص الموقف كله, او تعطي العبرة منه, ثم تشيع القصة وما فيها, فاذا جد موقف يشبه الموقف الذي نتج عنه هذا المثل او حادثة تشبهه, قال العبارة نفسها التي قيلت في الموقف الأول.  وقد ينقسم المثل الى عدة اقسام ,  قسم يتعلق بحادثة تاريخية او قصة حقيقية او خرافية, وقسم يرتبط بأشخاص اشتهروا بصفات معينة, وذاعت عنهم . ومنها ما يرتبط بملاحظة الظواهر الطبيعية من مناخ, او حيوان او نبات, مثل قولهم اذا راوا انسانا اغتنى بعد فقر او نال رغيبة بعد صبر, “اقصى عنه الشتاء” لان الشتاء عندهم زمن القحط والضيق والشدة, و “اول الشجرة النواة” و “اظمأ من الرمل” ومنها ما يمثل منهجا في الحياة, “المنية ولا الدنية, الطعن في النحور خير من الطعن في الظهور, قبل الرماء تملأ الكنائن“.

وهذه قصة مثل كشاهد على الامثال “تسمع بالمعيدي لا ان تراه, او خير من ان تراه” :

قيل : ان رجلا من بني تميم يدعى ضمرة بن ضمرة , كان يغير على ثغور الملك النعمان بن النذر ملك الحيرة , فلما ضاق الملك به ذرعا ونفذ صبره , كتب اليه , “ان ادخل في طاعتي , ولك مئة من الابل” فقبلها واتاه , فلما نظر اليه  ازدراه واستخف به , وكان ضمرة دميم الخلقة ,قال النعمان: “تسمع بالمعيدي لا ان تراه او خير من ان تراه” , فقال ضمرة : مهلا ايها الملك “ان الرجال لا يكالون بالصيعان” ( الصاع كيل يكال به ) انما المرء باصغريه (قلبه ولسان)  ان قاتل قاتل بجنان , وان نطق نطق ببيان , قال : صدقت ,لله درك .هل لك علم في الامور والولوج بها ؟ قال : والله لاني ابرم منها المسحول (غير المبروم) , وانقض منها المفتول , وآحيلها حتى تحول , ثم انظر الى ما يئول , وليس للامور بصاحب من لا ينظر في العواقب , . قال: صدقت.لله درك . فاخبرني ما العجز الظاهر , والفقر الحاضر , والداء العياء , والسوءة السواء ؟ قال ضمرة :اما العجز الظاهر . الشاب القليل الحيلة اللزوم للحليلة ,الذي يحوم حولها  ويسمع قولها , فان غضبت ترضاعا , وان رضيت تفداها . واما الفقر الحاضر : فالمرء لا تشبع نفسه , وان كان من ذهب جلسه , . واما الداء العياء :فجار السوء , فان كان فوقك قهرك , وان كان دونك همزك , وان اعطيته كفرك , وان منعته شتمك , فان كان ذلك جارك , فآاخل له دارك , وعجل منه فرارك , وإلا اقم بذل وصغار , وكن ككلب هرار . واما السوءة السواء , فالحليلة الصخابة , الخفيفة الوثابة , السليطة السبابة ,التي تعجب من غير عجب , وتغضب من غير غضب , الظاهر عيبها , والمخوف غيبها , فزوجها لا يصلح له حال , ولا ينعم له بال , ان كان غني لا ينفعه غناه , وان كان فقيرا أبدت له قلاة (الكره والبغض) فأراح الله منها بعلها ,ولا متع الله بها اهلها .

فأعجب النعمان حسن كلامه , وحضور جوابه وأجزل له العطية …….

بقلم:محمد صبيح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة