أزمة نصوص في مهرجان مسرحيد

تاريخ النشر: 15/08/12 | 1:46

تسنى لي هذا العام أن أشاهد كافة عروض المسرحيات المشاركة في مسابقة مهرجان مسرحيد في عكا ، مهرجان مسرحيات الممثل الواحد ، لأنه وقع عليّ الاختيار من قبل إدارة المهرجان ، بأن أكون أحد أعضاء لجنة التحكيم . فكان لزاماً عليّ أن أسرع من قاعة الى أخرى لأتمكن من مشاهدة ثلاث مسرحيات مساء كل يوم من أيام انعقاد المهرجان. ولحسن حظي أن شاركني في عضوية اللجنة رفيق دربي في المسرح الفنان محمود صبح ، والأديب عصام خوري الذي أكن له الاحترام والتقدير ، فكان لقاءنا التلخيصي قبل اعلان النتائج عملياً ، موضوعياً ، مهنياً ، وعبرت نتائج المسابقة خير تعبير عن وجهة نظرنا الموحدة ، الواضحة والصريحة.

حصلت مسرحية ” فن طازيا ” على جائزة أفضل مسرحية في المهرجان لهذا العام ، نظراً لتنوع وتعدد الشخصيات التي قدمها لنا الممثل حسام جويلس بأسلوب محبب وقريب الى قلب المتلقي ، بدون تكلف أو مبالغة . النص طرح بأسلوب ساخر وجريء قضية المزاودة لدى بعد تجار الوطنية الزائفة ، وعرّى هؤلاء الانتهازيين الوصوليين بأسلوب كوميدي . المسرحية من تأليف وتمثيل حسام جويلس، إخراج مشلين شمشوم، موسيقى سامر سيوري، ديكور عماد سماره، إضاءة رمزي الشيخ قاسم ، إنتاج المسرح الكوميدي- القدس.

جائزة أفضل ممثل كانت من نصيب الفنان وسيم خير عن مسرحية “في ظل الشهيد” ، حيث بذل وسيم مجهوداً ملفتاً للنظر ، معتمداً في ادائه أسلوباً مميزاً في التمثيل ، مستخدماً القناع والتنوع الرائع في الانتقال من حالة الى أخرى ، وبهذا نجح بالتغلب على المطب الذي وقع به غالبية المشاركين في المهرجان ، وهو تحوّل الممثل الى راوي يسرد الأحداث. المسرحية من تأليف فرنسوا أبو سالم وباولا فونفيك، تمثيل وسيم خير، تصميم الإضاءة فيليب أندريو، ترجمة من الفرنسية عامر خليل وإيهاب أبو معمر.

وقررنا في لجنة التحكيم أن نمنح جائزة تقديرية لمسرحية “بنبراور” لمسرح مسرح المهباج من النقب ، فهذه المسرحية تمتعت بأصالة البادية وجوّها الهادىء والمريح للمتلقي ، وللإداء المتميز والرائع للممثل كايد أبو الطيف ، ولجرأة النص في طرح قضيّة ملحة يعاني منها شباب النقب . المسرحيدية من تأليف إيسي ممانوف وكايد أبو الطيف، تمثيل كايد أبو الطيف، إخراج إيسي ممانوف وسهل الدبسان، موسيقى دورون شلوم، تصميم إضاءة شموئل مور.

هنالك مسرحية لم تحصل على أيّة جائزة ، أو بالأحرى ضيّعت فرصة الفوز بسبب دوران النص في حلقة مفرغة ، أرهقت الجمهور بطرح قضايا عديدة ومتشعبة ،رغم الاداء الرائع للممثل ابراهيم سقا الله ، ورغم الإخراج غير النمطي للمسرحية ، حيث حاول المخرج الخروج من النمطية عن طريق إيجاد ثلاثة محاور للتمثيل ، ولكن هذا المجهود لم ينقذ مسرحيدية “ضيعة الفرص” من تضييع الفرصة بالفوز.

مسرحية “يافتي” مثل العديد من المسرحيات التي طرقت موضوع الهجرة وعودة المغترب وبكائه على الأطفال ، لقد عاف شعبنا البكاء على الأطلال ، المسرحية لم تأت بجديد ،إنما هي عبارة عن تكرار لتجارب سابقة ، زد على ذلك مشكلة اللفظ غير الواضح لدى الممثلة ، وإدائها الأقل من عادي . كما أن مسرحية “لماذا ؟” وقعت في مطب السرد الممل ، علماً أن المسرح ، الدراما عبارة عن فعل ، حركة ، شيء ما يحدث.

لوحظ بشكل عام في المهرجان مشكلة النصوص التي قدمت في إطار المسابقة ، فمعظمها إن لم يكن كلّها ، وضعت إطاراً للمسرحية وبنت الأحداث حول هذا الإطار دون أن يحدث أي تطور في الحدث الدرامي. قدمت لجنة التحكيم توصيتها للسنوات القادمة ، بأن يتم مرافقة الانتاجات المسرحية المشاركة في مسابقة المهرجان من قبل كاتب مسرحي ليساهم في تطوير النصوص المسرحية ولإيجاد الحلول للعقبات التي تعترض تطور الحدث الدرامي ولإنقاذ النصوص المسرحية المشاركة من مطب السرد والحكواتي. سبق وساهمت في السنة الماضية للمهرجان بمرافقة بعض الانتاجات المسرحية لتطوير نصوصها ، ولكن ترك الخيار للمشتركين بأن يستعينوا بي او عدم الاستعانة ، الأمر الذي أفرغ هذه التجربة من مضمونها ، فإدارة المهرجان عادة هي التي تفرض قوانين اللعبة لا العكس.

في الختام أعتقد أن مهرجان مسرحيد في عكا أصبح راسخاً ممأسساً ، وبدون شك سيترك بصماته الواضحة على تاريخ مسرحنا المحلي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة