إن أمطرت في بلاد بشّر بلاد !

تاريخ النشر: 27/01/11 | 23:31

بقلم يوسف الجمل

قرابة الستة أشهر ومن أواخر الصيف حتى أواخر الشتاء يستدعي تعبيد شارع بطول نصف كيلومتر في قرية عربية . لقد تم شق الطريق واقتطاعها من أراضي المواطنين منذ قرابة ثمانية وعشرين سنة وظلت بواقعها الترابي الحفري الوعري إلى أن استبشرنا بقدوم طواقم العمل في نهاية شهر تموز وقبل بداية شهر رمضان المبارك فكان أن سألتني ابنتي هل سينتهون من العمل قبل العيد فأجبتها طبعاً طبعاً بالتأكيد !

ذهبت إلى المقبرة لأزور قبر والدي ووالدتي وأخبرهم أنه سيتم تعبيد الشارع ويتم ربط البيوت بالصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار وسيكون لنا شارع معبد كأبسط الحقوق والأمور والأساسيات وسأعتذر لهم عن الأموال التي دفعوها للبلدية كمستحقات عن هذه الخدمات المعطلة التي لم يحظوا بالاستفادة منها وكان أن غادرونا وفارقونا كالعديد من أبناء البلدة الذين لم ينعموا بذلك في هذه الدار وما لهم من تعويض ولكن عوضهم على الله تعالى .

كان تصورنا أن يكون كما هو مفروض وبالذات في عصرنا عصر التخصص والإبداع والعلم والتكنولوجيا والتطور والتقدم .

كان تصورنا أن يأتي هذا المشروع ليخدمنا لا ليقتلنا ويذبحنا من الوريد إلى الوريد . لم نكن نتصور أن تصل بنا الأمور كمواطنين أن يُتعامل معنا بأساليب عجيبة وأن يستلزم الأمر اعتراضات واحتجاجات وتصدٍ لأمور تهدد بيوتنا وأماننا واطمئناننا , هذه الأساليب جاءت لتختصر وتوفر وتسهل عملية التنفيذ وبأقل التكاليف على حساب المواطنين وبيوتهم.

كانت توقعاتنا كشيء مسلم به وأنه من غير المعقول بل بديهي جداً وبكل القناعات أن من خطط وعمل على المشروع هم بشر لهم الخبرة والمعرفة والاختصاص ويمتلكون المهارات والقدرات في هذا المجال وحتماً سيكون بكل المواصفات الأساسية وسيأخذ بعين الاعتبار احتياجات الناس وخصوصاً وأنه يتم تنفيذه في منطقة سكنية وفي واقع بيوت بذل فيها أصحابها كل ما يملكون وطرق اقتطعت من أراضيهم وأراض لها ظروفها ومتطلباتها ولا بد من مراعاة ذلك وأن الأمر يختلف عن واقع طريق في منطقة خالية يخطط وينفذ فيها كيفما يشاء أو طرق تشق عنوة وبالقوة والاحتلال والاستيطان القهري الذي يسلب الأرض والطريق .

كنا على قناعة تامة أن يتوخى الشارع كل السبل ليكون سهلاً مريحاً واسعاً جميلاً عصرياً وكنا كذلك نتوخى أن يكون آمناً آخذاً بالاعتبار أسس الأمان والسلامة ووضوح الرؤية وعدم السرعة لا أن يكون قطعة من العذاب ومصدر رعب وقلق وإزعاج ومصيدة تنتظر الضحية والمسألة مسألة وقت وتدبير ولطف ورحمة من الله .

إن أكبر دليل على مدى خطورة الشارع وأوضح برهان هو عدد القطط التي تعرضت للقتل وهي تحاول اجتيازه وهو بمثابة جرس إنذار مبكر لما يمكن أن يسبب من حوادث طرق ودهس للمارة وخاصة للأطفال .

بعد المعاناة الطويلة قبل تعبيد الشارع جاءت المعاناة أثناء تعبيده والعمل به من إغلاقات للطريق والضجيج والغبار والأوساخ وقطع التيار الكهربائي والمياه واشتغال السكان بربط بيوتهم بشبكة الصرف الصحي وعلى حسابهم الشخصي وكل على طريقته وبإمكانياته دون أن تولي البلدية لذلك أي أهمية أو مسؤولية أو مراقبة لتنفيذ عملية الربط وصحتها لما يمكن أن يؤثر على الطريق لو كانت عمليات الربط والتوصيل غير صحيحة أو لم تنفذ بحسب المواصفات المطلوبة .

ومن ثم المعاناة بعد تعبيده حيث أن النتيجة الحتمية لسوء التخطيط وسوء التنفيذ ستكون الوبال على الناس وخاصة الذين يسكنون بمحاذاة الشارع من أخطار واحتمالات حدوث حوادث لعدم توفر الرؤية والمتابعة وعنصر المفاجآت للسيارات والمشاة وكذلك السرعة الزائدة لعدم توفر مطبات ولافتات وتهور البعض من الشبان أثناء مرورهم وقيادتهم لمركباتهم بصورة جنونية لا يقدرون عاقبتها حتى تقع الفأس بالرأس .

كذلك ستظهر الأيام القادمة مدى جودة المواد الخام المستعملة وصمودها أمام العوامل الطبيعية ومدى جودة ودقة وصحة العمل ومدى نجاح شبكة الصرف الصحي وشبكة تصريف مياه الأمطار في التصريف بدون انسدادات وروائح وفيضانات .

والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا كل هذا ولماذا هكذا ومن الذي يدفع الثمن ؟

والسؤال الأهم هو كم من الوقت وكم من رحلة معاناة سيلزم حتى يتم تعبيد العديد العديد من شوارع القرية التي تنتظر وينتظر الناس حتى تتفضل السلطة والمسئولين بالتكرم عليهم والتفكير بهم والشعور بشعورهم .

لا يسعنا إلا أن نقول لسائر المواطنين بضرورة التفاؤل والصبر والانتظار من منطلق أنه إذا أمطرت في بلاد بشِّر بلاد وماذا نملك غير الانتظار !

‫4 تعليقات

  1. الى متى الانتظار يا سيدي يوسف؟ لقد سئمنا من ذلك ان ما كتبته صحيح واننا نعاني كلنا من ذلك في جميع قرانا ومدننا العربية من الشمال حتى الجنوب من الجليل حتى النقب وبين الطرق التي تربط بين هذه المدن والقرى نرجو من الله العلي الحميد بان يصلح حالنا وان نهتم بامورنا اليومية الحيوية الهامة كما جاء في مقالك يا اخ يوسف الجمل وان ناخذ بذلك بعين الاعتبار وشكرا لك على هذه اللفتة منك والى الامام وارجو منك ان تستمر في مقالات اخرى في امور وشؤون اخرى والى لقاء في مقال قادم

  2. اريد استفسار عن مدرسة النهضة؟؟
    هل هي مدرسه اعدادية للصفوف السابعة حتى التاسعة ,
    ام ثانوية من الصف العاشر الى الثاني عشرررررررررررر؟؟؟؟؟؟؟؟
    وشكرا
    والى الاخ يوسف : يعطيك العافية ونتمنى ان تزودنا من مقالاتك الهادفة وحياك الله.

  3. هي مدرسة من الصف السابع حتى العاشر
    والسنة القادمة سوف يفتح صف حادي عشر !

  4. حياك الله استاذي الكريم وجمل بلدك بالتقدم والشوارع العصرية.

    هناك ظواهر سلبية في مجالسنا يجب نقدها والعمل الضروري للتخلص

    منها…وهناك تصرفات وسلوكيات تخص المواطن نحن المجتمع مسؤول

    عن معالجتها.

    المجلس المحلي مراّه لاهل البلدة..كثير من المواطنين لا يدفعون مستحقاتهم

    للمجلس…معظم مجالسنا اوضاعها المالية صعبة.وبها محاسب مرافق من

    قبل وزارة الداخلية..

    علينا افراد المجتمع ان نعمل معا لتقوية روح الانتماء عند الجميع لنرقي

    موسساتنا الجماهيرية الى الامام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة