أضرار دُرزيّة !
تاريخ النشر: 16/11/14 | 13:23علاقات قويّة كانت تربط بين الطائفة الدرزية في فلسطين وبين الجماعات اليهودية- ليس الكل- وازدادت تباعاً منذ قيام الدولة (الإسرائيلية) في العام 1948، ربما بلغت ذروتها إبان حياة الزعيم الروحي للطائفة “أمين طريف” الذي أعطى ولاءً بلا حدود للدولة الوليدة، التي اعتمدت في سبيل التحقق منه، من خلال وسائل متعددة، وأهمها تقديم الأموال والصعود بالطائفة، ووعدها بمناصب سياسية واقتصادية في الدولة، والتي ساعدت في اجتذاب تعاطفها وكسب ولاءها لها على نحوٍ متقدّم، وإيهامها بأنها أقرب إلى اليهودية من القومية العربية المتلاشية، والتي ترسخت لديهم بشدّة أكثر، حين ما تم إحياء هذه المزاعم من خلال نائب الكنيست الدرزي “أيوب قرّا” – عضو في حزب الليكود اليميني الإسرائيلي ويقف جنباً إلى جنب مع رئيس الوزراء “بنيامين نتانياهو” في سياسته ضد الفلسطينيين، وكان من أشد المعارضين لخطّة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005- حين أكّد بأن الطائفة الدرزية هي إحدى القبائل اليهودية التي تاهت في صحراء سيناء، واستدل على أن أبناء الطائفة يؤمنون بزفولون (سبلان) والياهو (الخضر) ويترو (شعيب) المذكورين في كتاب – التاناخ- التوراة، وأن لا تمييز بين الديانة والطائفة، إذ يرى أن الإسلام طائفة، كما أن مزاعم الهولوكوست الدرزي الكبير،الذي حصد 11 مليون درزي، على أيدٍ عربية، أي ضعف الهولوكوست اليهودي الذي لم يتجاوز 6 مليون يهودي كما تحكي المزاعم اليهودية، كانت مثّلت دعامة قوية في الانتماء الدرزي للدولة والاندماج فيها، وبالتالي ساهم في نمائها وتطورها.
معظم الدروز هم مندمجون في الدولة (الإسرائيلية)، ويكنّون التقدير والولاء لها، وهم يتفرقون حول الأحزاب الإسرائيلية وخاصةً اليمينيّة، وعلى رأسها (الليكود)، وهناك العديد من الشخصيات الدرزية، التي تبوأت مكانة داخل تلك الأحزاب، والتي أهّلتهم للدخول في مؤسسات الدولة الحكومية، وأهمها مؤسسة الجيش، حيث تقلّدوا خلاله مناصب قيادية لكتائب وألوية وكأعضاء في الكنيست الإسرائيلي، ومنهم النائب “مجلّي وهبة” وسابق الذكر “قرّا” وكلاهما خدما في الجيش الإسرائيلي برتبة (رائد) في وحدات عسكرية مختارة.
برغم التقاليد العنصرية ضد غير اليهود، في إسرائيل، هناك من يغارون على الدروز ويدافعون عنهم، نظراً لولائهم للدولة ولليهوديّة بشكلٍ عام، بغض النظر عن بعض تصرفات بعضهم كالتهرّب من أداء الخدمة العسكرية أو عدم الولاء كفاية للعلم الإسرائيلي، أو عدم الانتظام لبعض القوانين الإسرائيلية، وكان الأصولي المتشدد وزعيم حزب البيت اليهودي “نفتالي بينت” قد ثار بقوّة لصالح الدروز، بناءً على صلتهم الجيّدة مع الدولة، وتماهيهم مع الحزب بشكلٍ خاص، سيما وأن مئات الدروز هم أعضاء فيه.
لدينا، وفي أنحاء المناطق العربية، كان يطغى الوصف بـ “الدرزي” لمن يشتد قلبه بالقسوة، أو باختلاق بدعةٍ مؤذية، أو بالمعاملة الصعبة، كما عانى الفلسطينيون أشدما معاناة من أعمال الدروز وسلوكياتهم منذ التحاقهم كعناصر فاعلة في قيادة الدولة، وسلوكهم المعادي لهم، سيما وأن جُل قادة الحكم العسكري داخل المناطق في القطاع أو الضفة الغربية هم من الدروز، وحتى أُلصقت أغلبية عمليات القتل التي حدثت في صفوف الفلسطينيين بدايةً بتحقيق عمليات أمنية ضد فدائيين فلسطينيين ومروراً بعمليات القتل التي حدثت خلال الانتفاضتين الفلسطينيتين 1987،2000، وانتهاءً بالمشاركة في العدوانات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، حيث كان لهم الدور البارز في العدوان الإسرائيلي الأخير في يوليو الماضي -الجرف الصامد- تحمل خلاله الجنود الدروز مسؤولية لا بأس بها، أثناء الحرب، ولا أحد يستطيع نسيان قائد القوات الإسرائيلية “غسان عليان” الذي أصيب خلال العملية العسكرية على مشارف القطاع، وعاد في نفس اللحظة إلى حومة الوغى- متحدياً- للقتال وسحق المقاومة الفلسطينية.
في قرية أبوسنان، في منطقة الجليل شمال فلسطين، اتضح ولاء الدروز للدولة الإسرائيلية والدفاع عنها بشكلٍ صارخ، عندما ثاروا ضد مسلمين مناوئين لإسرائيل وممارساتها القمعيّة ضد الفلسطينيين ومقدساتهم، حيث أصيب عشرات الأشخاص، منهم حالات خطرة خلال شجار عنيف.
ليست هذه الحادثة مهمّة، بقدر ما كشفت أن هناك ولاءً درزياً متزايداً بالنسبة إلى الدولة الإسرائيلية، في مقابل عداءٍ متنامٍ ضد الفلسطينيين المسلمين، ليس في القرية هذه والتي تضم 15000 ثلثهم تقريباً من الدروز، وإنما في كل القرى التي يشترك في سكنِها أفراداً من الطائفتين، بما يعني أن المسألة ربما لا تتوقف عند هذ الحد، وهو الأمر الذي يُوجب الحذر.
د. عادل محمد عايش الأسطل
خانيونس/فلسطين
15/11/2014
هذه المقالة مبنية على معطيات جلها خاطئة ولا افهم المغزى والهدف اللذين تسعى اليهما. انا اعرف ابناء الطائفة العربية الدرزية منذ حداثتي، اي ما يقارب اربعة عقود من الزمان. نشأنا سوية، درسنا سوية، ومعا انتمينا لأحزاب وحركات وطنية، ومعا شاركنا في النضال السياسي لابناء شعبنا، في المرحلتين الثانوية والجامعية. لم اشعر خلال هذه السنوات كلها بأني أعيش او اتعامل مع اشخاص اقل مني عروبة. فمن اين هذه الادعاءات بكونهم مجموعة دينية يهودية؟ كيف وهم يشهدون بأن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله؟ كيف وهم يقرأون القرآن في مآتمهم ويستضيفون الشيوخ المسلمين في بيوت أجرهم؟
هذا على الصعيد الديني، اما بخصوص الصعيد القومي، فالدروز هم عرب اقحاح، تسكن غالبيتهم في منطقة “جبل العرب” في الشام، وانتمائهم القومي السوري مثلا واخلاصهم ووفائهم له يساوي ان لم يفق انتماءنا وولاءنا لقوميتنا. منهم خرج جهابذة في الادب العربي، ساهموا مساهمة كبيرة في ترسيخ وتدعيم انتماءنا القومي في هذه البلاد. منهم وعلى رأسهم الشاعر الكبير المرحوم سميح القاسم، الشاعر المرحوم سلمان فراج، الشاعر الكبير اطال الله عمره نايف سليم، الاديب سلمان ناطور والدكتور نبيه القاسم، العضو الفاعل جدا في مجمع اللغة العربية واحد ابرز ادبائنا المحليين، من اين تأتي اذا كل هذه الادعاءات بعدم عروبتهم؟ ألا يجب ان نسأل، في السياسة كما في السياسة، عن المستفيد؟
وعلى الصعيد المحلي، فاخواننا الدروز ملزمين بالخدمة العسكرية، منذ اواسط الخمسينيات. ومن البداية كان هنالك من عارض الخدمة وهنالك من خدم. فهل امتنع غير الدروز عن الخدمة في اجهزة الامن الاسرائيلية كلية؟ اليس من بين المسلمين والمسيحيين من يخدم في سلك الشرطة مثلا، والشاباك؟ هل هم قلائل؟ لا أدري ولكنهم يخدمون. لكن السؤال يبقى، هل استفاد اخوتنا الدروز من هذه الخدمة؟ هل عملت المؤسسة الاسرائيلية على مساواتهم بالاكثرية اليهودية؟ لا اظن ذلك. فالقرى العربية الدرزية تعاني ما تعانيه جاراتها من القرى العربية المختلطة او غير الدرزية، من نفس الشح في الميزانيات، ونفس سياسة التضييق، فلا مدارس بمستوى عال ولا مناطق صناعية الى سائر النواقص البنيوية التي نعاني منها.
أما بخصوص التمثيل في الكنيست والمناصب الحكومية، فالمشكلة الاساسية هي امتناع القيادة الاسرائيلية، ولأسباب عنصرية، عن مشاركة العرب في الحكم. فالنواب العرب على الاغلب مستبعدين عن الوزارات او نيابتها، وعن المناصب المؤثرة في السلك الحكومي. من بين القلائل الذين “نجحوا” بالوصول الى بعض هذه المناصب، مقابل يعقوب القرا ومجلي وهبة، الدرزيين، نجد نواف مصالحه وغالب مجادله، المسلمين، الاول عمل كنائب وزير للصحة بداية والخارجية لاحقا، والثاني كوزير للعلوم والتكنولوجيا. فلماذا ننظر اذا الى مواقع مجلي وهبة والقرا فقط؟
قد اكون أطلت لكن ما كان لبقجة ان تنشر هذا المقال، او على الاقل ليس كما هو. خاصة انه لا يفضي الى شيء ايجابي سوى التهويل والتخويف وزيادة الفرقة. المطلوب منا منذ زمن بعيد، ان لا نقبل بسياسة التجزئة والتفريق، ان ندرس وان ندرس تاريخنا وانتماءنا العربي، اسلاما، دروزا ومسيحيين، ان نحافظ على اللحمة واواصر الاخوة بيننا، لا ان نقع في مطبات حفرتها السياسة المؤسساتية، ونحن نعلم بها، منذ البداية.
دمتم ودام ابناء شعبنا، بكل طوائفهم وانتماءاتهم المذهبية، بخير.
شكرا يا عزيزي د. حسام. أنا لا أريد الكتابة في الموضوع لأنك قلت كل ما يجب أن يُقال.
أحوّل الكاتب من خان يونس إلى كتابين لي كتبتهما عن الدروز في إسرائيل “واقع الدروز في إسرائيل” صدر عام 1976 عن دار الأيتام في القدس. وكتاب ” الدروز في إسرائيل في البعد التاريخي والرّاهن” صدر عام 1995 لعله يجد الحقيقة المخفيّة عنه. واسلم
نبيه القاسم