عقدة انتصار غزة المصرية
تاريخ النشر: 26/08/14 | 23:13ما زال المشككون والمتواطئون ﻻ يقرون بان غزة انتصرت، واعرف ان العاجزين عن تحقيق اي شيء لشعبهم وليس ﻻنفسهم، يعز عليهم ويزعجهم ان يحقق الشعب الفلسطيني اي شيء عن غير طريقهم، فكيف اذا كان انتصارا كهذا اﻻنتصار الذي ما كنا نحلم به ابدا في زمن الذل والهوان الذي نعيش، واللي بدو يزعل يزعل وينفلق، فانا ممن قالوا وكتبوا مبكرا باننا لسنا امام انتصار فحسب وانما نحن امام تاريخ وفجر فلسطيني جديد. ومما زادني يقينا وقناعة بما قلت وكتبت، ما قاله من يوصف في اسرائيل بانه، ابو الفكر اﻻستراتيجي اﻻسرائيلي، البروفيسور يحزقيل درور عضو لجنة فونغوغراد، بان،،المقاومة تفوقت على الجيش اﻻسرائيلي في كل ما يتعلق بما اسماه التفكير العسكري اﻻبداعي، وتابع قائلا، ان الجيش والمؤسسة اﻻمنية في اسرائيل فشلا ذريعا في تطوير قدراتهما،، وطالب بتشكيل لجنة تحقيق، للتدقيق في جميع احداث الجرف الصامد منذ اليوم اﻻول وحتى اليوم اﻻخير لفحص لماذا فشل سﻻح الجو في حسم المعركة في بداية الحرب ولماذا لم نفهم مسبقا جوهر اﻻنفاق، ولماذا اعلنا عن انتهاء العملية العسكرية بينما في الواقع لم ينته اي شيء، ابعد هذا القول قول؟! ﻻ ورب العزة .
اما وان اﻻنتصار قد تحقق بفضل واحد احد على وجه اﻻرض وهو كتائب القسام وكتائب الفصائل اﻻخرى المقاتلة، ومن خلفهم شعبنا في غزة، شعب الجبارين فعلا ﻻ قوﻻ، وحتى نحافظ ونبني على اﻻنتصار فاننا وقبل فوات اﻻوان علينا ان نحل عقدة العقد والحلقة اﻻكثر تعقيدا، اﻻ وهي علاقة كتائب القسام الجناح العسكري لحماس بالقيادة والنظام السياسي الحالي في مصر الجارة والجغرافيا، قبل مصر الشقيقة وقبل مصر الحاجة والضرورة . فقد آن اﻻوان وحان الوقت ﻻن نصارح انفسنا وان ﻻ نستمر في اغماض العين عن حقيقة يعرفها العدو قبلنا.. يعرفها اكثر منا بكل تفاصيلها، فلم الصمت اذا ؟ ولم اﻻستمرار بالعمل على طريقة النعامة ، فقد كشفت كلمة الناطق باسم كتائب القسام ابو عبيدة رجل المرحلة، الذي يعمل تحت قيادة قائد هذه المرحلة، القائد الفذ محمد ضيف.. كشفت الكلمة عن عمق الخﻻفات بينهما، ان لم نقل ما هو ابعد من الخلاف، فتوصيف المفاوضات الجارية في القاهرة بالعبثية وهي من وجهة نظري اصبحت كذلك بعد ان طالت بدون نتائج، وبانها تشبه رقصة العفاريت وبان المبادرة المصرية ولدت ميتة وتم قبرها مع الطفل الشهيد ابن بطل الحرب محمد ضيف، ان هذا التوصيف وبهذه اللغة الحادة والقاسية بالمقاييس السياسية، يؤشر ويدل على ما هو ابعد واعمق من المضاوضات على اهميتها، ليطال من يقف وراء المفاوضات والمبادرة نفسها وﻻ نحتاج لعبقري ليقول ويفسر لنا .
لنعترف اوﻻ اننا امام معضلة ومعقدة من كافة الجوانب، فالخلاف ليس هامشيا بل له جذور عميقة، وبين اطراف محورية ومركزية في هذه المعركة الطاحنة، التي ستحدد نتائجها معالم الخارطة الفلسطينية وربما ان احسنا ادرارتها ستحدد معالم المنطقة في المستقبل القريب والبعيد. ان اﻻزمة بين من له الفضل اﻻكبر في صناعة اﻻنتصار وبين من يستطيع ان يقرر مصير ومستقبل القطاع كله بحكم الجوار الجغرافي على اﻻقل، فلا حدود ومنافذ على العالم الخارجي للقطاع سوى منافذ العدو ومصر، فهذه حقائق الجغرافيا اﻻهم على الاطلاق من كل العوامل اﻻخرى تاريخية كانت ام غيرها في اقرار وتثبيت الحقائق على اﻻرض. والميناء الذي تركز عليه كتائب القسام قد يكون حلا مؤقتا لفك الحصار ولكنه ﻻ يمكن ان يكون حلا استراتيجيا او بديﻻ للعلاقة مع مصر التي ﻻ تحتمل اﻻنتظار لتغير اﻻوضاع فيها والى ان يتم ذلك سيكون انتصارنا وكل تضحياتنا اصبحت في خبر كان.
حقائق الجغرافيا تقول بان لفلسطين عمقين غير البحرالمتوسط المحرومين منه، عمق بلاد الشام التي نحن خزء منها وهي بيئتنا وحاضنتنا الرئيسية،وفي احسن اﻻحوال يمكن اﻻمتداد شرقا الى بلاد ما بين النهرين، والعمق الثاني مصر، وكل ما يقال عن اي عمق عربي او اسلامي آخر، هو عمق حقيقي ولكنه يقع في المرتبة الثالثة، ان لم يكن عند بعضهم كدول الخليج في المرتبة العاشرة، هذه حقيقة الجغرافيا التي ﻻ يستطيع ان يغيرها احد، وﻻ ينكرها او يتجاهلها اﻻ جاهل. فاذا كانت مصر بالنسبة لفلسطين بهذه اﻻهمية، فانها بالنسبة لقطاع غزة مسألة حياة او موت.
جراء هذا الخلاف اصبحت مصر اﻻن في موقع ﻻ يريد للقسام ولحماس ان تحقق اي انتصار وفي المحصلة والنتيجة حرمان قطاع غزه وجماهيره وحرمان الشعب الفسطيني ككل من قطف ثمار انتصار نحن في امس الحاجة له، في زمن عزت فيه اﻻنتصارات. وحرمان القطاع من العيش بحرية وكرامة، وهذا ﻻ يجوز باي معيار من معايير العروبة او الاخلاق او الجيرة او حتى بمعيار المصالح المشتركة، فلا قيمة وﻻ دور لمصر عربيا او اسلاميا وحتى دوليا اذا لم تكن فلسطين وبوابتها الشرقية عنوانها وقضيتها المركزية، وهذا ما اكدته مسيرة مصر منذ كامب ديفيد وحتى اليوم، وسترسب القيادة المصرية الحالية في اﻻمتحان رسوبا مروعا اذا لم تدرك هذه الحقيقة التي ﻻ ابالغ ان قلت بانها حقيقة مطلقه.
وما يزيد اﻻزمة تعقيدا ان الطرف الثاني في المعادلة الفلسطينية وهو منظمة التحرير ورئيس السلطة ﻻ يتمنون ان تقطف حماس ثمرة اﻻنتصار، وﻻ يملك الرئيس عباس قدرة الضغط على الرئيس المصري علما بانه ﻻ يسعى لذلك، نظرا لتوافقهما
السياسي المعروف ولسببين آخرين: اﻻول: انه يدرك ان للرئيس المصري مواقفه الخاصة من العلاقة مع اسرائيل ومع فلسطين ويبدوا انها متبلورة ومنذ زمن، والسبب الثاني: موضوع دحلان المعروف والذي يؤرق الرئيس ﻻعتبارات يعرفها الطرفان، وهذا ليس موضوعنا اﻻن .
ﻻ بد، بل يجب وبالضرورة ان يتم تجاوز هذه المعضلة باي ثمن، وانني اتمنى واطالب بان تكون نقطة البدء والانطلاق من بيان تصدره كتائب القسام، توكد فيه ورغم اي اختلافات على عمق العلاقة مع مصر ما دامت مصر مع فلسطين، وان كتائب القسام وحماس حركة تحرر وطني فلسطيني، وﻻ تعمل اﻻ من اجل تحرير فلسطين ورفعة العرب والمسلمين وهذا ﻻيضير الكتائب او حماس في شيء بل ستكبر في عيون اهلها وشعبها، وليس بهذا اي تنازل، ونحن معنيون بسحب البساط من تحت اقدام نتياهو وحلفائه كافة. وارجو ان ﻻ يفهم من هذا الكلام بانني احمل المسؤولية للقسام، فهذا موضوع آخر، وانما سيعطي موقفا كهذا سلاحا قويا وفعاﻻ لكل الحريصين على اعادة مصر لموقعها الطبيعي في دعم القضية الفلسطينية او على اﻻقل لتكن على الحياد وهذا ممكن اذا ما احسنا ادارة المعركة بكل جوانبها.
هذا جانب من الصورة، اما الجانب الثاني وهو اﻻهم ان يقوم كل حريص على دور ومستقبل مصر، وكل حريص على حماية واستثمار انتصارنا، وخاصة اﻻحزاب والقوى الوطنية والقومية العربية ورجال الفكر والثقافة، بما فيهم من مفكرين وكتاب ومبدعين وشخصيات عامه بالحوار والضغط على قيادة مصر، ﻻن تكون مع نفسها، بان تكون مع فلسطين وبان ﻻ تساهم في اضاعة فرصة فك الحصار واعادة اعمار ما دمره واكله وحوش العصر الحديث.
بقلم الكاتب الفلسطيني صابر عارف – الرأي