حماية الإعلام في فلسطين

تاريخ النشر: 24/08/14 | 15:21

في وقت تشير فيه الإحصاءات التي تتم بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلى ارتقاء 16 شهيداً، وأكثر من 18 مصاباً، واستهداف أكثر من 17 مؤسسة إعلامية جرى استهدافها بشكل مباشر، أظن أنّ الأوان قد حان لطرح هذا الأمر على بساط البحث بصورة جدية وعملية تؤسس لحماية الإعلاميين العاملين على الأرض الفلسطينية وفي كل المواقع الإعلامية فيها وكل منتسبيها.

قبل الخوض في استعراض القوانين والمواثيق الدولية العالمية، لا بد من معرفة حجم وشكل الاستهداف القائم في فلسطين، فالآلة العسكرية الإسرائيلية تستهدف الضفة وغزة والقدس والداخل الفلسطيني إعلامياً بما يمكن تسميته بكل سهولة: استهدافاً ممنهجاً للإعلام والإعلاميين الفلسطينيين والعاملين في فلسطين من الإعلاميين المنتدبين، والتي تتنوع ما بين الاستهداف بالقتل والرصاص، وبين التضييق المستمر على حركتهم وقدراتهم التواصلية وافتتاح عمل إعلامي رسمي معاصر.

يأتي ذلك في وقت تفيد فيه المادة 19 من القانون العالمي لحقوق الإنسان بوضوح بحرية الإنسان في إذاعة الأنباء والأخبار والمعارف بالطريقة التي يراها مسموعة ومرئية ومكتوبة، وفي ظل إعلان اليونسكو حول إسهام وسائل الإعلام في دعم السلام العالمي والتفاهم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة العنصرية للعام 1978م.

كما أن إعلان جوهانسبرغ 2002 للأمن القومي وحرية الوصول للمعلومات قد أيد الحق في الوصول للمعلومات، باعتباره من الحقوق الضرورية لضمان التمتع بالحق في حرية الرأي والتعبير وكذلك الأمر بالنسبة للتقريرالخاص للأمم المتحدة حول حرية الرأي والتعبير الصادر بتاريخ 1993م.

ولعل من أبرز تطورات صياغة هذه الحقوق عالمياً هو قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 2010 م، والقرار 1738 لمجلس الأمن الدولي والذي نص على إدانة الهجمات المتعمدة ضد الصحفيين وموظفي وسائل الإعلام والأفراد المرتبطين بهم أثناء النزاعات المسلحة، وهي حقوق مقرة في كل الدساتير العربية والغربية.

هنا يأتي دور تطبيق هذه القوانين والمواثيق، والبدء برفع الصوت والصورة والأرقام والإحصاءات أمام المؤسسات الدولية، والبدء بحملة الضغط المؤسسي المدني لإلزام سلطات الاحتلال باحترام العمل الصحفي ورواده.

ولذا؛ وجب البدء بعملية تشبيك مؤسسي مدني واسع النطاق ما بين المؤسسات المدنية والاتحادات والنقابات الفلسطينية والعربية والغربية، لوضع النقاط على الحروف، وللتأكيد على الحقوق المنصوص عليها دولياً لحماية الصحفيين ومنع استهدافهم، والمطالبة بتقديم الاحتلال ومسؤوليه أمام كل المحاكم الدولية كمجرمي حرب، وكمنتهكين للمواثيق الدولية بحق المدنيين والمؤسسات الصحية والأهلية والإعلامية على حد سواء.

هذه الخطوة تعتبر القفزة النوعية الحقيقية في سبيل إتاحة الفرصة أمام الإعلام الفلسطيني للنهوض من كبوته، وتأسيس كياناته المستقلة، كما تعني لجم العدوان الإسرائيلي المستمر على الطواقم الصحفية العاملة في فلسطين، وسحب المبررات والذرائع التي يحاول الإسرائيليون التستر خلفها كلما طرحت جرائمهم أمام الرأي العام الدولي والمؤسسات الحقوقية، وهو ما يعني البدء بمرحلة التعريف بالقضية الفلسطينية بكل مصداقية بعيون الإعلاميين وعيون كاميراتهم وتوثيق كل ما يجري على الأرض الفلسطينية من ممارسات عنصرية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل.

د.نزار نبيل الحرباوي

nezarnbeel

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة