نظرية المسرح والإضاءة

تاريخ النشر: 24/08/14 | 13:21

يقاد العالم العربي اليوم بنظرية سياسية إدارية عالمية، تندرج في منظومة المسرح والإضاءة، ونُخدع مرات ومرات بهذه السياسة، وتنطلي علينا الألاعيب الدولية دون أن نعي حقيقة ما يجري إلا بعد فوات الأوان.

لا تتسرعوا بالحكم على أي واقع، ولننظر بعد هذه النظرية كيف سيكون حكمكم عليها ؟

داعش والخطر الداهم، سوريا وأزماتها الطاحنة، إيران وإسرائيل، قرع طبول الحرب في ليبيا، أزمة في تونس، أزمة في مصر، حرب في فلسطين.. وهكذا دواليك..

لنقف قليلاً.. ولنفكر بالأمر بهذه الصورة..

عندما تدخل قاعة مسرح ما لحضور مسرحية، مهما كان منصبك أو اسمك أو لقبك الجامعي أو مستواك المعيشي، بعض النظر عن راتبك الشهري وسعة أفقك، وبغض النظر عن عشيرتك ونفوذك، تجلس على المقعد المخصص لك، حيث تم إعداد مقاعد الزوار، ولن تجلس أبداً على مقعد المخرج أو فني الإضاءة ولا يسمح لك بالوقوف خلف الستارة.

المخرج الذي بيده نص المسرحية قد وَضع في مكان ما في منتصف المسرح شخصاً يلقن الممثلين أقوالهم في حال نسي أحدهم ( خط رجعة وحماية ) لعدم وجود إمكانية للخطأ أمام الجمهور، وإلا كان شكل المسرحية تافهاً باهتاً.

المخرج نفسه يمسك بيده نص السيناريو، ويعرف متى يخرج هذا الممثل وماذا سيقول وكم هي مدة مكوثه في هذا المشهد أمام الجمهور، والجهة التي سيخرج منها، ومن يأتي بعده، وما هو دوره، وما هو مساره.

والمخرج، مسؤول عن حركة الإضاءة على المسرح، ففي هذه اللحظة لا بد أن تضاء الجهة اليمنى العليا من المسرح لأن الجمهور لا بد أن ينظر في هذه اللحظة إلى هذه البقعة تحديداً، وبعد دقيقتين لا بد أن تضاء الجهة اليسرى السفلى، وتطفأ الإضاءة في المسرح كله، لأن المخرج لا يريد لأحد أن يرى شيئاً غير هذه البقعة في هذه اللحظة.

والمخرج هو من يعطي الأمر بإزاحة الستارة، وإعطاء إيقاع البدء لشد انتباه الجمهور، وهو الذي يعطي الإشارة بانتهاء المشهد وبدء المشهد التالي، وهكذا…

ونحن في العالم العربي، بل وعلى مستوى كثير من النخب، نتابع حركة الإضاءة، ونكتب عن مجرياتها ونعلق ونحلل، ونسب ونشتم ونخوّن ونكفّر، في حين أن يد المخرج على زر الإضاءة الجديد الذي سيزيح المشهد لمنطقة أخرى، ليجعلونا نتحول لمنطقة أخرى، وهكذا دواليك.

وبكل أسف، الجمهور يتفاعل مع الحدث الموضعي، ويضيع وقته في متابعات تعطل الإنتاجية العامة، في وقت لو انشغل الجمهور في بناء قوته الذاتية في شتى المجالات لكان الناتج أقوى وأفضل.

ونصيحتي للنخب والكتاب والمحللين بداية، أن يفتتحوا مسارحهم الخاصة بهم، ليخرجوا الأعمال المسرحية بأنفسهم، وإن لم نستطع ذلك، فلا أقل من أن نفهم لعبة المخرج ولعبة الإضاءة فلا نتيه معها وننجرف وراء سذاجة التحليل الأعمى لبعض الأدوار الفرعية وننسى أصول اللعبة.

لنتخيل مثلاً زوال الممثل الرئيس في المسرحية، ألا ينسف ذلك جهد المخرج ويضيع كل استعداداته ؟ أليس إنهاء الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين كل فلسطين سيعفي الشرق الأوسط من عشرات آلاف الإشكاليات التي يسببها وجود هذا الممثل الرئيس في يد المخرج صاحب الخبرة ؟!!

سؤال بريء في عالم المسرح ليس إلا !!!

د. نزار نبيل أبو منشار الحرباوي

nezar7rbawe1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة