إلى أطفالي الذين لم يولدوا بعد…

تاريخ النشر: 15/03/12 | 13:58

“أعلم أنه لربما لم تتواجدوا لقراءة هذا, ربما سأكون ميتا قبل أن تروا نور الحياه, أو بالأحرى قبل أن تشهدوا وحشية وظلم هذا العالم. لكني سأكتب لكم على أي حال.. ربما وعلى الأقل قد يشهد أخوكم الأكبر أو أختكم الكبرى كل هذا ويقرأ رسالتي!

منذ أن جئت إلى غزة, وانا احلم بحياه أفضل. هادئة يملؤها السلام. خالية من الانفجارات و الدم. خالية من الاصابات والشهداء. مجرد حياه عادية آمنه يحلم بها كل فرد منا.

في غزة, كل شيء مختلف. في سماء غزة تحلق بدائل طيور اسرائيلية الصنع من طراز إف16 س, في غزة ننام عل الأزيز المستمر بدون انقطاع لطائرات الاستطلاع, في غزة نستيقظ لنجد أنه لا يوجد كهرباء, في غزة تضيء الانفجارات السماء كشروق الشمس ورائحة الرماد هي عبق المدينة.

في غزة بالكاد ما تتواجد الكهرباء, كل لحظة جدية تمر عليك في هذه المدينة تعتبر فرصة جديدة للعيش في خضم أخطار انقطاع الكهرباء و الغارات الإسرائيلية.. فهم يظنون أن جلب معداتهم فوق سماءنا لعبة مسلية..يظنون أنها من التسلية أن يتلاعبوا بأرواحنا بقساوة!.

يا أطفالي الأحباء الذين لم يولدوا بعد, أن تكون مواطن في غزة يعني أن تكون قوي الإرادة, جسور, ولا مثيل لك. ومع ترعركم في غزة ستتمكنوا من معرفة كل شيء عن الأنواع المختلفة للأسلحة المسموح استخدامها والمحرمة دوليا على حد سواء. المختلف في غزة أن اسرائيل لا تفرق في أهدافها..فهي تقتل كل شيء يتحرك, كل شيء يبتسم…في الحقيقة سوف يقتلوننا أكثر من مرة لو كان هذا ممكنا.

ترعرعكم في غزة ليس بسهل, ترعرعكم في غزة هو في حد ذاته تحدي, مغامرة ومطاردة, رحلة من البحث والتنقيب. والمكافأة؟! المكافأة هي شخصية شجاعة وقوية, شجاعة جدا لدرجة أنكم قد تقفوا أمام الدبابة الإسرائيلية بصدر عاري مسلحين بلا شيء… غير الحجارة!, بقوة متحديا الدبابة أن تتحرك للأمام , بلا شيء إلا صراخ شجاع ” على جثتي أن تمروا!!!”..أو بالأحرى اسحقوني قبل أن تمروا!.

شيء آخر سوف تكتسبون معرفته كمواطنين في غزة هو القدرة على تمييز أصوات جميع معدات القتل الإسرائيلية الممكنة سواء كانت مقاتلات, سفن حربية , طائرات حربية وقذائف الدبابات….وقد تطول القائمة للأبد. العيش في غزة هو تحدي لصبركم, ووحده القوي الجسور هو من يستطيع  النجاه, وبالنجاه أقصد أن تعيشوا يوما آخر, يوم أخر من النضال والخوض في معاناه الحياه.

وأخيرا وليس آخرا, لاتتركوا فلسطين, فهي حيث تنتمون , فلسطين هي الأمل, هي حيث المعاني الحقيقية وكل شئ له قيمة, فلسطين حيث مهما كان التغيير صغير فالتأثير كبير, لا تتركوا فلسطين ….لا تتركوا الوطن, موطني. موطنكم. لاتتركوا فلسطين لأنه في نهاية اليوم هي كل ما تبقى لكم. لا تتركوا فلسطين حتى لو كان عليكم أن تعيشوا على زيت الزيتون والزعتر كل حياتكم.

ملحوظة : أخبروا  والدتكم أني أحبها. إطبعوا على وجنتيها وجبهتها القبل من أجلي

مع كل حبي, بابا”

بقلم نادر الخزندار  من غزة

* نادر  ٢٤ عام  عاد الى غزة منذ حوالي ٢٠ سنة ولم يتركها  من حينها بسبب الحصار على غزة. حصل على درجة البكالوريوس في نظم المعلومات الادارية مع مرتبة الشرف  و على المركز الاول في التخصص.  له مدونة  خاصة ” غزة لا تنام”  يكتب بها عن الحياة في غزة   www.sigaza.com . هذا المقال “إلى أطفالي الذين لم يولدوا بعد”  كتبه ونشره اول امس على مدونته وطلب  من كل من يقرأه ان يترجمه الى لغته. وهكذا خلال يوم واحد فقط تجاوب معه الكثيرين  وتُرجم المقال الى الكثير من لغات العالم  (العبرية, الانجليزية, الايطالية, التركية , الفارسية, الاسبانية, الألمانية ,الأندنوسية  والألبانية) .

فهل بامكانكم ترجمته له  بلغات أخرى؟؟

‫7 تعليقات

  1. الله اكبر
    محزن جداً .. وتحية اخي نادر

    إخواننا في غزه نشد على أياديكم

  2. بسيط لدرجة البكاء… أبدعت في صفعنا اخي العزيز
    تمنياتي لك بحياة هادئة في غزه حرة

  3. نادر كل الاحترام ليك وقلبي وقلب كل اهل فلسطين ويااك
    يا رب تعيش وتتزوج وبجد اولادك يكونو فخورين فيك كل الاحترام ليكواتمنى ليك ولاطفالك الذين لو يولدو ولزوجتك الغير معروفه حياه مريحه بعيده عن كل هذه المتاعب

  4. كل لغات العالم مرات بتكفيش تصفع العالم النذل الذي لا يفعل شيئا لأجل غزه

  5. الله يساعد ويصبر اهل غزه وكل فلسطين محنا ناسينهم وقاعدين منقتل بعض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة