يمكن بتقول عن حالك ملاك !

تاريخ النشر: 12/12/11 | 3:33

كل شخص منا فيه من الغرور والأثرة والثقة بالنفس ولديه من القناعة ما لا بأس به بأنه على درجة عالية من المثالية وأنه صاحب العديد من المبادئ والقيم وفي مخزن الصفات لديه الكثير من الصفات الايجابية وأن ايجابياته تعلو على سلبياته هذا إذا اعترف بأنه لديه سلبيات !

في الصدق والأمانة والوفاء بالوعود وحفظ العهود والعقود والإخلاص في العمل وفي البذل والتضحية والعطاء فهو يتربع على القمة وربما لا يتنازع معه فيها أحد !

ولا تقف الأمور عند هذا الحد بل يتعدى ذلك إلى اللوم والنقد للغير وانتقاص واعتراض ورفض كل عمل أو سلوك وتصرف لا يتماشى معهم حتى لو كان من نوع ما يستسيغونه لأنفسهم ومن جنس ما يعملون هم به !

المشكلة هي في أننا نرى ونحرص على أن نرى ما يفعله غيرنا ولا نبالي ولا نهتم بالنظر إلى عيوبنا لأننا على قناعة بأنها غير موجودة أو أنها صغيرة لا تكاد تُرى.

لقد تغلغل الكذب فينا حتى صار نهجاً وأسلوب حياة ولا نبالي !

وعمّ فينا إخلاف الوعود وصار همنا بالمردود وقابلناه بهدوء وبرود !

ونقضنا الالتزامات والعهود بسهولة وتجاهلنا العقود بمتعة وصارت من صفات الرجولة !

زاد الاستغلال والطمع والنصب والاحتيال والديون والتسويف والتأجيل !

وتضاعفت حالات التطنيش والتجاهل وأساليب المكر والخداع والدهاء !

والمؤلم أن كل ذلك أفرز اللامبالاة والفوضى والجحود والعداوة والعنف.

من منا يحاسب نفسه ؟ ويقيّم نفسه ؟ ويعترف بأخطائه ويحاول إصلاحها ويقوم بتغيير سلوكه ومعاملاته فيصدق في القول والفعل ويوفي ويخلص ويؤدي الأمانة والحقوق والديون ؟

من منا يستمع لملاحظات غيره ويقبل النقد ويصغي للنصيحة والوعظ والإرشاد ؟

إن المرآة والانعكاس من أعظم الاختراعات والاكتشافات فهي تعكس للإنسان نفسه وعلى حقيقتها فيسارع إلى إصلاح منظره وهيئته وينسى جوهره , وكل عمليات التجميل والماكياج والأصباغ هي بمثابة اعتراف بحقيقتنا والواقع الذي نحن عليه وإنكاره ورفضه والسعي إلى تغييره وتحسينه وتزيينه وتجميله مع كل ما يترتب عليه من مخاطر وجهود وتكاليف .

لماذا نعيش حالات الرفض لذواتنا ولملاحظات غيرنا ونقبل بملاحظات المرآة ؟

لماذا نقبل, بأنفسنا ولأنفسنا , بما هي عليه ونُصِرُّ على ذلك ونشتغل بمحاولة النيل من غيرنا ولا نسعى إلى إصلاح أنفسنا وأنفسنا أولى لنا.

أليس كل ذلك لأننا نتعامل مع أمورنا الحياتية بنوع من الاستهتار والاستخفاف وعدم مراجعة حساباتنا ومحاسبة أنفسنا بصدق وإقرار النتائج وتنشيط الجانب المعالج.

أليس كل ذلك لأننا نقبع كلٌ في برجه العاجي ونعتقد أننا على الصواب وأن طريقنا هي الصواب وطريق غيرنا مليئة بالسراب والضلال والضباب .

أليس كل ذلك لأن كل منا يعتقد أن فوق محل الشمس موضعه وأنه بلا خطيئة بينما نعرف كلنا أن هذا كله بسبب تمسكنا وحبنا للدنيا وحب الدنيا أكبر خطيئة .

أليس كل ذلك ناتج من قناعاتنا بأننا ملائكة وكل شي ماشي ومش مهم !

‫4 تعليقات

  1. يقول سقراط: إعرف نفسكَ! (مع أني أخذت نفسي على أن لا أستشهد إلا بأقوال علمائنا )،فإذا عرفت نفسك، وهذا أمر في غاية الصعوبة، فاكتشفت أن النتائج عن نفسكِ غير مرضية، وهذا أشد صعوبةً ، فلتحاول إصلاحها، كما يرى مجتمعك مناسباً،أو ربما حسب قناعاتك الخاصة، الأمر لكَ! والصحيح أن سقراط كان عليه أن يقول : إعرف نفسكَ بنفسكَ أي بواسطة نفسك لا أن تكون أداة يديرك المجتمع كيف يشاء وتعرف نفسك من خلاله، وفي النهاية يصل بنا الجدال الى قصة الملك الذي شرب من البئر فأصبح مجنوناً وعندما شربت الرعية أصبحوا هم المجانين.
    والصحيح أن معرفة النفس تجمع بين الأمرين معرفة النفس بالنفس وعن طريق المجتمع. هذه مجرد فاتحة لنقاش طويلّ!!!!!
    أشكرك يا أستاذ يوسف على إثارة الموضوع والى الأمام

  2. حياك الباري استاذي الكريم وجمل ايامك بالسعادة ومكارم الاخلاق..

    مقالتك جوهرية المضامين..تعالج ظواهر اجتماعية تنخر سلبا بمجتمعنا..

    مجتمعنا بحاجة الى نهضة ثقافية تهز بنيانه من الاعماق نحو السلوكيات الايجابية

    مكارم الاخلاق والفضائل..

    محاسبة النفس اسلوب رائع وقيم..من خلاله نذوت قيم النقد البناء بالذات والنفس البشرية.

    جدير بنا ان نسير بدروب المعرفة والتنمية البشرية لصقل الشخصية بصفات حكيمة تقودنا

    الى المثالية ..الصدق..الامانة..الاخلاص..العطاء الخالد…ومكارم الاخلاق .

    جدير بنا ان نتالق بالعطاء لنخلق مجتمع متطور مزدهر به مستقبل واعد للاجيال

    القادمة..

    استاذي الفاضل..لا يصح الا الصحيح..نعيش الحياة بسعادة وبهجة اذا سرنا دروب

    الحياة بالسلوكيات الفاضلة..

    تحية شكر وامتنان على مقالاتك المتميزة..جزاك الله كل خير.

  3. مقالة رائعة استاذ يوسف جزاك الله كل خير .
    كالعادة دائما تتحفنا بالمميّز والجميل .

  4. كل إنسان منا كي يستمر ويتقدم يجب أن يشعر بأنه إنسان عظيم والطرق لذلك سهلة جداً… أن أكون عظيماً لا يعني الغرور لكن الثقة بالنفس جداً مهمة من أجل الإستمرار بدرب التقدم والتطوير, وجني ثمار النجاح.
    محاسبة النفس..
    يستطيع كل انسان أن يرسم جدولاً يحوي العديد من الأسئلة ألتي من شأنها أن تغير العديد من التصرفات والصفات التي من الممكن ان تكون خاطئة, لا مشكلة بأن يجلس الإنسان ويكتب ماذا فعل وكيف تصرف بموقف معين وماذا كان يجب أن يفعل..
    هذه الخطوة من شأنها أن تخلق إنسان جديد بداخل كل إنسان وأن تدله على الصحيح والخطأ بنفس الوقت..
    وإن كانت على اسهل الأمور وهي التعامل بإحترام متبادل بين الناس وعدم التلفظ بكلمات صعبة ومحاولة لعكس معاملة جيدة أمام من يحاورنا..
    سعدت جدا بقراءة مقالك أستاذ يوسف
    موضوعه شيق به العديد من النقاط الأساسية لحياة ملؤها الاستقرار والراحة النفسية
    مزيد من التألق والإبداع والنجاح

    تحياتي
    معالي مصاروة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة