لغتنا العربية المحكية تزحف نحو الهاوية..عضوا عليها بالنواجذ!!

تاريخ النشر: 08/12/11 | 10:39

أنا عسوق- עסוק…. آسف أين لي زمان אין לי זמן وبالترجمة الحرفية إلى اللغة العربية. أنا مشغول. آسف ليس لدي متسع من الوقت.. هكذا أجابني الشاب العربي ابن بلدي الذي أنهى للتو الصف الثاني عشر عندما توجهت إليه بسؤال مفاده إذا كان بإمكانه فحص إطارات عجلات سيارتي لأنني مضطر للسفر بها إلى مدينة بعيدة..شكرته وغادرت على أمل أن أجد مكانا بديلا يقدم لي هذه الخدمة البسيطة وأنا أعتقد بل وأجزم أن صاحبنا هذا آمن وبقرارة نفسه أنه تحدث إلي بلغة عربية مئة بالمئة ولم يدر أنه استعمل أربع مفردات عبرية من مجموع ست مفردات أي أنه وبعملية حسابية بسيطة تحدث بلغة كونت معها المفردات العبرية 66,6% ، أنها اللغة المحكية الجديدة والتي قطعت مشوارا كبيرا من التكون.

هذه عينة من ظاهرة آخذة في التفشي والانتشار بين جميع قطاعات شعبنا الفلسطيني في الداخل لتشمل كافة الفئات العمرية تقريبا من الرجال والنساء وحتى الأولاد الصغار ونادرا ما نسمع كلمة مكيف هوائي أو جهاز تكييف فقد أصبحت مزجان מזגן على لسان الكبير والصغير، الذكور والإناث، وكذلك الحال بالنسبة بالمتحكم بالتلفاز الذي أصبح شلاط שלט والأمر لا يختلف عنه كثيرا في المأكولات والمواد الغذائية: بيتا פיתה (كماجه) ، سلاط يرقوت סלט ירקות (سلطة خضروات)، عل هأش על האש (مشاوي،شواء)، مناه מנה (وجبة)>

المؤسف بل والمقلق جدا أن ظاهرة استعمال المفردات بل والجمل العبرية في التخاطب والتحادث أصبحت أمرا طبيعيا ومألوفا متجاهلين أنهم باستعمالهم هذه اللغة المسخ الخليط من العربية والعبرية يسيئون إلى لغة الأم لغة الضاد لغة القرآن الكريم التي أنزل بها قرآنه على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم احتراما وتقديرا له ولقبيلته قريش التي نزل القرآن بلغتها، وفي هذا السياق لا بد من وقفة عند بعض طلابنا وطالباتنا الجامعيين العرب، وقفة عتاب ومحاسبة، فهم قبل غيرهم مطالبون لدورهم الريادي في مجتمعنا عدم استعمال المفردات العبرية أثناء محادثاتهم مع بعضهم البعض، ننكر عليهم ذلك ونحملهم مسؤولية جسيمة أكثر من غيرهم، فاحترام لغتنا العربية وفي الحرم الجامعي واجب أدبي وأخلاقي ووطني ولا مبرر لاستعمال هذا البعض لغة المسخ هذه، فهل هم عاجزون عن استعمال المفردات العربية المقابلة لكلمات عبرية مثل: חוג (قسم)، מרצה (محاضر)، ספרייה (مكتبة)، תואר (لقب جامعي)، מלגה (منحة)، מעבדה (مختبر)، הרצאה (محاضرة)، מסלול (مسار)، מעונות (مساكن – نزل) والقائمة طويلة وقد تطول وتطول، هذه الكلمات وغيرها يجب أن تمحى من قاموس لغة طلابنا الجامعيين المحكية والاستعاضة عنها بلغتنا العربية الغنية الجميلة، والذي أخشاه وإذا ما استمر هذا الانزلاق والتدهور أن يأتي يوم على شعبنا الفلسطيني المحلي نفقد فيه لغتنا العربية المحكية لتحل محلها لغة المسخ هذه لنفقد معها هويتنا القومية الخاصة بنا ولنبدأ بعدها  ومن جديد بمعركة لاسترداد كرامة لغتنا العربية المفقودة وهويتنا المفقودة كذلك.

ومستعملو هذه اللغة المسخ يساهمون ومن حيث لا يدرون بدعم العناصر اليهودية المتطرفة والتي تسعى إلى نفي وإلغاء اللغة العربية أولا كلغة رسمية في هذه الدولة وكلغة عادية ثانيا وكدليل على كراهية هؤلاء المتطرفين للغتنا العربية التشويهات التي تمارس على لافتات الطرقات التي تحمل أسماءا عربية وتتعرض لهجمات بين الفينة والأخرى تتمثل في الشطب أو الطلي بالطلاء الأسود وآخر هجمة تعرضت لها لغتنا العربية: مشروع قانون قدم للكنيست يقترح فيه مقدموه إلغاء رسمية اللغة العربية كثاني لغة رسمية في البلاد بعد اللغة العبرية، إنها هجمة شرسة تتعرض لها لغتنا والتي حافظت على أصالتها حية نابضة عدة قرون كثيرة بل وكثيرة جدا، ولكثرتها لا أعرف عددها بالضبط، ظلت شامخة رافعة رأسها أصلها في عمق الأرض وفرعها في السماء، وليعلم أبناء جلدتنا الذين يستعملون هذه اللغة المسخ إن لغتهم العربية الفصحى والمحكية فرعها ذات جذور عميقة في التاريخ وأنها من أغنى لغات العالم وأن العديد من لغات العالم هي أقزام بجانبها، وليعلمن الذين يستعملون كلمة “بسيدر” בסדר العبرية مثلا إن لهذه الكلمة عدة مرادفات في اللغة العربية وهل يعجز الناطق بهذه الكلمة أن يقول مثلا: تمام، على ما يرام، طيب، مليح، حسن، بالضبط وليعلمن كذلك أن لغتهم هذه قد أثرت لغات العالم بمفرداتها ومصطلحاتها الأدبية والعلمية وخصوصا في علوم الرياضيات وفي الكيمياء، وفي الطب، الفلك، علوم البحار والملاحة ويشهد على ذلك آلاف المفردات العربية المزروعة في عدة لغات عالمية نذكر منها على سبيل المثال اللغة الأسبانية ولا تخل اللغة العبرية من كلمات عربية استقرت في أحشائها وأصبحت جزءا لا يتجزأ منها ، ولنتذكر جميعنا أن اللغة العربية الأم كانت اللغة الرائدة في العصور الوسطى، لغة الآداب والعلوم، أيام كانت أوروبا تغط في سبات عميق في عصر أطلقوا هم عليه “عصر الظلمة” وكانت مجالس علماء الشرق العربي وبيوت الحكمة أما الغرب العربي – الأندلس – فهناك جامعة قرطبة التي كانت محجا لطالبي العلم لا للعرب والمسلمين وحدهم بل لمن هم ليسوا عربا أو مسلمين كرجال الكهنوت المسيحيين في أوروبا مثلا.

وأستميح الكاتب خالد كيلاني من كندا العذر لاقتباسي بعض الفقرات من مقالته: عناصر قوة ثقافتنا – اللغة العربية: كما ورد في صحيفة الصنارة يوم 18/11/2011 قال كارلونلينو اللغة العربية تفوق سائر اللغات رونقا وغنى ، ويعجز اللسان عن وصف محاسنها.

وقال فان ديك – الأمريكي – “العربية أكثر لغات الأرض امتيازا، وهذا الامتياز من وجهين: الأول من حيث ثروة معجمها والثاني من حيث استيعابها آدابها”.

قال فيلا سبازا: اللغة العربية من أغنى لغات العالم بل هي أرقى من لغات أوروبا لتضمنها كل أدوات التعبير في أصولها في حين أن الفرنسية والانجليزية والايطالية وسواها قد تحدرت من لغات ميتة.

ويقول المستشرق الأمريكي وليمورل: ان اللغة العربية من اللين والمرونة ما يمكنها من الثكيف وفق مقتضيات العصر وهي لم تتقهقر فيما مضى أمام أي لغة أخرى من اللغات التي احتكت بها وهي ستحافظ على كيانها في المستقبل كما حافظت عليه في الماضي.

هل هو شعور بالنقص أم عدم شعور بالانتماء، لا أدري ؟!!

وباستعمالنا هذه اللغة العربية المحكية الخليط من العبرية والعربية أصبحنا مدعاة للتهكم وأحيانا الازدراء من قبل أخواننا في الدول العربية وفي هذا السياق أذكر وفي رحلتي وزوجتي إلى مصر الشقيقة وبينما كانت تقلنا حافلة من القاهرة إلى الإسكندرية كان المرشد المصري بين الفينة والأخرى أثناء السفر يقول متهكما ومن خلال الميكرفون “عاوزين شروتيم” שירותים أي تريدون قضاء حاجاتكم في المراحيض، قالها المرشد لكثرة ما رددها المسافرون أخواننا وأهالينا وكأني بهم وقد عجزوا عن إيجاد بديل لهذه الكلمة أو لم يستعملوا في حياتهم كلمات مثل:حمام، مرحاض، بيت خلاء، بيت خارج، بيت أدب، غريب أمر أبناء شعبي، انه أمر مؤسف حقا، فهل هو شعور بالنقص أم عدم شعور بالانتماء، لا أدري ؟!!

أصحوا وأنقذوا لغتكم من الضياع

والخلاصة: ما أخشاه أن يستمر هذا التدهور، يستفحل وكأن الأمر لا يعنينا، ليصل بنا الأمر كما وصل مع يهود أوروبا وألمانيا بالذات واستعمالهم للغة جديدة أسموها “الأيدش” وهي خليط من العبرية واللغة المحلية، وعندها سنحصل على لغة مسخ، لا هي عربية ولا عبرية خليط غريب عجيب، وناقوس الخطر يدق ولسان حاله يقول لنا:لرجال التربية، للآباء، للأمهات، للأطباء النفسانيين، لمجامع اللغة العربية، ولكل غيور على اللغة الأم، أصحوا وأنقذوا لغتكم من الضياع. عضوا عليها بالنواجذ وإلا وصلت الهاوية وعندها لا ينفع الندم (ولات ساعة مندم).

‫6 تعليقات

  1. مقال قيم ومهمد جدا. واجبنا الحفاظ على لغتنا العربية الاصيله وعلى هويتنا العربية الاسلامية. تحياتي لك ولكل العائلة.

    محمد غالب يحيى- ديوان لعداسه

  2. تحيه لسعاده المربي وصديق الموقع

    اولا احيك على هذه المعلومات القيمه , مقال شيق في غايه الاهميه لكن اسمح لي بأن اقول لغه القرأن ستبقي شامختا الى ——–, المشكله هي بأن مدارسنا لم تعي اهتمام كامل وشامل على مدار السنين وتعاقب الاجيال تعليم الطلاب اللغه العربيه الفصحى ولكن للاسف اصبح تعليم اللغه في المدارس كأي موضوع ثاني في المنهاج الدراسي لذالك كان الهم الوحيد التسجيل في يوميات المعلم – المنهاج قطعنا مادة كذا وكذا , وانا على يقين حتى مفتشي اللغه العربيه لم يتطرقوا لهذه النقطه وهكذا اصبح الامر لدا الجميع طبيعي جدا لذا اصبحنا في البيت , المقهى وحتى المدرسه نتكلم كما ذكرت , لذالك العيب بنا وليس باللغه هي :
    أكثر لغات المجموعة السامية متحدثينَ، وإحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم، يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة،1 ويتوزع متحدثوها في المنطقة المعروفة باسم الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة كالأحواز وتركيا وتشاد ومالي والسنغال وإرتيريا. اللغة العربية ذات أهمية قصوى لدى المسلمين، فهي لغة مقدسة (لغة القرآن)، ولا تتم الصلاة (وعبادات أخرى) في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلماتها. العربية هي أيضا لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في الوطن العربي، كما كتبت بها الكثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى. وأثّر انتشار الإسلام، وتأسيسه دولاً، في ارتفاع مكانة اللغة العربية، وأصبحت لغة السياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي التي حكمها المسلمون، وأثرت العربية، تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي، كالتركية والفارسية و الأمازيغية والكردية والأردوية والماليزية والإندونيسية والألبانية وبعض اللغات الإفريقية الأخرى مثل الهاوسا والسواحيلية، وبعض اللغات الأوروبية وخاصةً المتوسطية منها كالإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية. كما أنها تدرس بشكل رسمي أو غير رسمي في الدول الإسلامية والدول الإفريقية المحاذية للوطن العربي.
    كم من اديب ومفكر عربي نالوا جوائز عظمى من خلال ادب , فن ورونق لغتنا الثريه اذا اين العيب يا حضرة الاستاذ ” בסדר ….. ” ,

    هذا مجد لغتنا سيدي المربي والحديث كثير لكن احيانا يعجز اللسان عن التعبير واليد عن الكتابه
    تحياتي لك وللجميع

  3. بوركتَ أبا إياد على طرحك مثل هذه الموضوعات الواقعية الهامّة!
    نعم، لغتنا العربيّة السليمة في خطر، وهناك حاجة ماسّة لتضافر الجهود
    للنهوض بها، ورفع مكانتها.
    يجب أن نثق بلغتنا الخالدة الجميلة وقدرتها الفائقة على التعبير عن خلجات
    النفوس، وعن الأفكار والعلوم الحديثة، وما ينقصها هو التمسّك بها وتجديدها
    وتيسيرها واستخدامها في الكلام وفي الكتابة الأدبيّة وغير الأدبيّة!

  4. مقالة شيقة وممتعة وتتلائم مع وضع عربنا في هذه الايام ولكننا يجب ان نتذكر اننا نعيش مع مجتمع يهودي ولربما نتكلم معهم اكثر مما نتكلم مع اي انسان عربي (بالعمل، بلاماكن العامة…) فيجب ان نحافظ على اللغتان معاً لكي نستطيع ان نعيش في هذه الدولة وبالمقابل ان لا ننسى لغة الضاد
    شكرا…

  5. بارك الله فيك جدي العزيز وصدقت في كل كلمه .. فصدق ولا حرج اننا في بعض الاحيان ننسى الكلمه بالعربيه ونقولها فقط بالعبريه وذلك للاننا نعيش في دوله غالبيه اماكنها العامه والهامه يعمل بها اليهود مثل المكاتب الحكوميه و…. .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة