نحن أمام لعبة مصالح ومطامع محلية، إقليمية، ودولية خطيرة جداً…!

بقلم: رانية مرجية

تاريخ النشر: 25/05/25 | 8:00

صباح الخير أيها الوطن المصلوب،
صباح الخير لأمهات فلسطين وسوريا ولبنان، اللاتي نسين شكل الفرح، وباتت دموعهن تكتب الجغرافيا الجديدة للمنطقة.

أكتب لكم وقلبي مثقل. لا لأنني لا أحتمل المزيد من الأخبار، بل لأنني أحتملها أكثر مما ينبغي. لأنني – كعادتي – لا أملك رفاهية الحياد، ولا أؤمن بـ”الموضوعية الباردة” حين يُذبح الناس باسم السيادة وباسم المصالح المشتركة.

في مقالات سابقة قلت:

“لسنا ضحايا الكارثة، بل ضحايا الذين صمتوا عنها طويلاً، وتاجروا بها كثيراً، وخانوها أكثر.”

وها نحن نعيش اليوم كارثة مكتملة الأركان:
فلسطين تنزف بصمت مدوٍّ. غزة محاصرة بالجوع والموت، والضفة مخنوقة بالتنسيق الأمني، والقدس تُهوَّد على مهل، كما تُنتزع الروح من الجسد. وكل ذلك وسط صمت عربي مخزٍ، بل ومشاركة مباشرة أحيانًا تحت شعارات خادعة عن “التطبيع من أجل الاستقرار”.

“الاستقرار الذي لا ينبع من العدالة، هو مجرد تأجيل لانفجار أعنف.”
هكذا كتبت منذ عام، واليوم أشهد أن نبوءتي لم تكن نبوءة، بل قراءة في كتاب مفتوح اسمه “الخذلان”.

سوريا، تلك التي أحببتها وأبكتني مسارحها وأنا في الرملة، لم تعد لسورييها. هي الآن موزّعة بين عواصم القرار. درعا وريف السويداء تتحولان إلى ممرات لتهريب السلاح والمخدرات، ومن خلف ذلك تتسلل أصابع إيرانية تتحدى أعين الأردنيين، بينما السماء تُرصد بالأقمار الصناعية.

الأردن، بلدُ التوازن الصعب، يختنق بالضغوط. كيف يمكن لعمان أن تظل في موقع “الوسيط الحيادي” بينما الحدود الشمالية تُخترق، والتسريبات تتحدث عن تهديد وجودي في خاصرتها الشرقية؟

“إن صمت الأردن لا يعني ضعفه، بل انتظاره للحظة يضرب فيها دون ضجيج.”

لبنان، ذلك الجرح الجغرافي المفتوح، لا يحتاج إلى حرب جديدة، فهو في حالة حرب داخلية دائمة: مع الطائفية، مع الفقر، مع اللا دولة. وحزب الله – رغم ما يمثله من مقاومة – لا يستطيع أن يُخفي أن الوطن بات مختطفًا، وأن اللعبة تتجاوزه أيضًا.

السعودية، التي حاولت أن تُنقذ نفسها من مستنقعات الإقليم، تجد نفسها اليوم مجبرة على العودة للميدان. فلا يمكن لأي دولة – مهما بلغت من القوة – أن تظل بعيدة عن الحريق إذا تمدد اللهيب حتى أسوارها.

أما إسرائيل، فهي لم تكن يومًا “جزيرة آمنة”، بل كانت دائمًا مشروعًا استعمارياً يحتاج إلى حرب دائمة ليبقى. لكن يبدو أنها نسيت هذه المرة أن الشعوب التي تستيقظ على صوت المجازر قد تنام على فكرة المقاومة.

“نحن لا نُربّي أولادنا ليكونوا شهداء، بل ليكونوا أحراراً، لكن الاحتلال لا يترك لنا خياراً.”

نحن أمام فصل جديد، لكنه ليس خاتمة القصة. كل ما يحدث الآن من تحالفات، تهديدات، وغارات، هو إعادة ترتيب لأوراق “اللعبة الكبرى”، لكن هذه المرة بأجسادنا نحن، بذاكرتنا، وبأحلام أطفالنا.

في النهاية، لا أكتب لأُبشّر. بل لأصرخ.
ولا أكتب لأن لديّ إجابة، بل لأن السؤال وحده صار شكلاً من أشكال المقاومة.

صباح الخير يا وطن،
إنه زمن الاختبار الأخير… فإما أن نصحو، أو نُمحى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة