فيروز اللبنانية الجنسية الفلسطينية الهوية… “شوارع القدس العتيقة” تشهد

الاعلامي احمد حازم

تاريخ النشر: 12/03/24 | 11:05

كتب الراحل محمود درويش في مقال له عن فيروز والأخويين عاصي ومنصور الرحباني “أن الرحابنة ” قدّما فنياً لفلسطين ما لم يقدّمه الفلسطينيون أنفسهم”. واعترف الراحل بأن الفلسطيني “أشهر هويته الجمالية بالأغنية الرحبانية العربية، حتى صارت هي إطار قلوبنا المرجعي، هي الوطن المستعاد، وحافز السير على طريق القوافل الطويل”.

اخترت مقالي هذا اليوم عن فيروز بعد أن شاءت الصدف أن أستمع الى اغنيتها “راجعون” التي عبرت فيها “سفيرة لبنان الى النجوم ” صوتا عما يجري اليوم في غزة. وعلى فكرة، عرفت السيدة فيروز مسرحياً من خلال حضوري لمهرجانات بعلبك الدولية المشهورة في لبنان، ومن خلال حضوري لعروضها على مسرح بيكاديللي في شارع الحمراء في بيروت، وهو أهم صرح ثقافي في لبنان. وكان لي شرف التعرف عليها عن قرب حيث التقيتها في مقابلة صحفية في العام 1970 بعد عرض مسرحيتها الشهيرة “يعيش يعيش” على مسرح بيكاديللي.

أغنية “راجعون” التي كتب كلماتها الشاعر الفلسطيني الراحل هارون هاشم رشيد ابن مدينة غزة، ولحّنها الأخوان رحباني، لها حكاية تعود لمنتصف خمسينيات القرن الماضي. ففي العام 1955، سافرت فيروز إلى مصر مع زوجها عاصي الرحباني وشقيقه منصور، وجرى بينهم وبين كبير المعلقين في إذاعة صوت العرب ومديرها في ذلك الوقت أحمد سعيد، حيث طلبوا من المضيف مساعدتهم في تقديم عمل فني للقضية الفلسطينية. وبالفعل تحقق لهم ما أرادوا. فقد تم تسجيل أغنية “راجعون”، التي أصبحت نشيد افتتاح إذاعة فلسطين عند تأسيسها في القاهرة.

صحيح أن كلمات الاغنية لشاعر فلسطيني لكن التي غنتها فنانة لبنانية كبيرة والتي لحنها لبناني عظيم في لحنه، ولولا صوت فيروز لما اشتهرت كلمات الاغنية كون صوت فيروز أحد اشهر الأصوات في الغناء العربي. “راجعون” هي ليست اغنية فقط بل هي حالة وصفية تكهن بها الشاعر عن غزة وحالة وصفيه صدح بها صوت فيروز تعبيرا عما يجري في غزة. “راجعون” التي دخلت الساحة الغنائية في الخمسينيات تشخص مشهدا لغزة في هذه الأيام.

صدح صوت فيروز بكلمات |راجعون”:

لا مأوى لا مثوى هل نرقد في الساحات/ لا بيتٌ لا صوتٌ وسُدىً تمضي الساعات

ذقنا الهَوْل وطفنا الليل بدون طعام/ إنْ البرد قَسَا واشتدّ فأين ننام

وبيتنا الحبيب يسكنه غريب/ ونحن لاجئون في الخيام

هل ننام؟ لن ننام

كم أنت رائعة يا فيروز وكم أنت مخلصة لفلسطين يا “جارة القمر”، وكم كان العملاقان لحنا وتأليفا عاصي ومنصور الرحباني أوفياء للقضية الفلسطينية بشكل عام والقدس بشكل خاص. “شوارع القدس القديمة”، “زهرة المدائن”، “القدس في البال”، “بيسان” وغيرها خير شاهد على ذلك. رددوا معي ما غنته فيروز عن القدس: “لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي/ عيوننا اليك ترحل كل يوم”.

وأخيراً… بدأت مقالي بكلمات الراحل محمود درويش عن فيروز وأنهي المقال بكلمات منه أيضاً، وهو الذي قال عن فيروز إنها “الأغنية التي تنسى دائماً أن تكبر، هي التي تجعل الصحراء أصغر وتجعل القمر أكبر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة