قراءة كتاب سيأتي الضياء للكاتبين وهيب نديم وهبة ونايف خوري

لبابة صبري

تاريخ النشر: 24/02/24 | 8:40

كلمة الأديبة والمحاضرة لبابة صبري في الأمسيّة التّكريميّة للشّاعر وهيب نديم وهبة، والكاتب الإعلاميّ نايف خوري.

إنّ السرد النثريّ في نصوص سيأتي الضياء هو أثرٌ مرجعيّ لواقع اجتماعيّ معيش يتزامن مع دلالته، وينتج معانيه، ومرهون بسرد حقيقي مناط بفنيته. تتنوّع مواضيع النصوص لتشمل الوطن، الروح، الإيمان، المحبة والخير.
وإنّ استخدام أسلوب الرّسائل بين الكاتبيْن وهيب ونايف في كتاب سيأتي الضياء لهو أسلوب حيويّ وأشدّ تأثيرًا من الأسلوب الشعريّ السرديّ العادي؛ إنّ أسلوب الرّسائل يعرض الحدث ذاته من وجهات نظر مختلفة وبتفسيرات مختلفة.
إنّ ما يميّز كتابة الشاعر وهيب للنثر المبدع يتخلّله استباق أو تخيّل ردود فعل الكاتب نايف، الذي بدوره يبدع في تعقيباته ويرقى لما كتبه وهيب، والعكس أيضًا وذلك بأسلوب يجذب القارئ وينحو منحى الواقعية من منظورات مختلفة، ويمكن التسليم بأنّ نصوص الكتاب والتي تقدّم وجهتيْ نظر تؤثّر على استجابة القارئ عاطفيًا وفكريًا.
عبّر وهيب في نصّ سيأتي الضياء عن أنّ عنق الزجاجة لا يجرح، وإنّما الأحبّة هم الذين يجرحون القلب، وبنفس السياق يعقّب نايف عن أنّ الزجاجة لا تجرح إلا بالكسر، وأنّ الضياء والشعاع يخترق الزجاجة ويثمل، أي أن ما تحتويه الزجاجة يُذهب العقل، وبالتالي تناول الكاتبان مفهوم الزجاجة والجرح بتعبيرات ودلالات مختلفة، مما يجعل العلاقة بين الزجاجة والجرح معقّدة ومشوّقة من الناحية البلاغية والتعبيرية.
لعلّ أحد المكوّنات الثابتة في نصّ روح الفراشة هو حبّ الوطن والتمسّك به؛ يكتب وهيب: دع روحك الهائمة المحلّقة كالفراشة فوق وردة.. ويعقّب نايف: كيف لروح كهذه أن تهاجر؟ إنّ هذه التعبيرات تبعث الطمأنينة والانتصار والنهاية السعيدة..
كما تتميّز نصوص مرج “أم الزينات” النسر العائد وحيفا النائمة وشمس إقرث بنصوص طافحة بالحب والطمأنينة وديمومة الحياة، هي الحياة حين تتطلّع الذات إلى تفتّحها، وترغب في استعادة أمكنتها. يقول وهيب في نص النسر العائد: كان النسر يأخذ شكل الوطن العائد، ويعقّب نايف: حملتني هذه القصيدة عاليًا بشموخ النّسر. وتدلّ هذه الكلمات عن بحث الطيور عن فضاءات للحرية وعن حلم العودة إلى الوطن واستشعار الدفء والحميمة فيه.
ويقول الكاتب نايف في نص شمس إقرث: لا أجمل من شمسك يا إقرث، ويعقّب الشاعر وهيب: تنادي العصافير العائدة مع الشمس غدًا. تشير هذه الكلمات إلى الحنين إلى الأمكنة الدافئة والحميمية والتي يشعر بها القارئ.
بالإضافة إلى إحالة النصوص إلى الزمن (الفجر والصباح)، كما في نص يعود لي؛ يتحوّل الزّمن إلى فعل يتّخذ قيمته وأهميته الأساسية بالعودة في شكل الوطن الغائب (وهيب) ومن البعيد الغائب (نايف)، هذا النثر الذي يبني عالم الزمن والعودة وفق إيقاعه الفنّي الدلاليّ، ويشير إلى العلاقة بين المتخيّل الأدبيّ والواقع الحياتيّ. إنّ عملية بناء عالم الزمن والعودة إلى الوطن يقوم بمهمّة الإحالة عند القراءة إلى عالم الواقع الحياتيّ، وهو بمثابة رهن للحقيقيّ بالفنيّ أو بمثابة اشتغال على النثر الفني يتولّى مهمة إنتاج حقيقيّ يناظر الحقيقة أو يعادلها.
تتميّز النصوص أيضًا بالغوص في الروحانيات والإيمان بغضّ النظر عن المسمّى الدينيّ، إنّ الروح هي التي تتلفّت إلى المحبة والخير بصور متعدّدة؛ منها الصلاة أو التأمّل مع الله أو يسوع أو أي رمز ديني آخر. وتتداعى الرؤى من خلال سردهم النثريّ الذي يدعو إلى التأمّل الروحانيّ، فهو ليس سردًا للأحداث أو الوقائع، وإنّما تأمّلًا بقدرة القلب على رؤية ما لا تراه العين، وعشقًا إلهيًا، ونشرًا للمحبة والخير والفرح والنور.
وتكلّلت النصوص الأخيرة بالحديث عن القدس؛ مدينة القدس وأسوارها، كنيسة القيامة، المسجد الأقصى وقبّة الصخرة، خطبة الجمعة وقدّاس الأحد، كلّها مغلّفة بمفاهيم الوطنية والصمود، الروحانية والإيمان، الأمل والفرح إلى جانب الألم والحزن. وتبقى في القدس روحًا تسطع بالنور.
إشارة”
في قاعة كنيسة يوحنّا المعمدان الأرثوذكسيّة، وبرعاية المجلس الملّي الأرثوذكسيّ الوطنيّ في حيفا، أقام نادي حيفا الثّقافيّ أمسية تكريميّة للشّاعر وهيب نديم وهبة، والكاتب الإعلامي نايف خوري، 25-01-2024.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة