لا مع سيدي بخير ولا مع ستي بخير.. هكذا حال الفلسطيني

الإعلامي أحمد حازم

تاريخ النشر: 20/09/23 | 14:32

توجد معلقة مشهورة للشاعر العربي الجاهلي طرفة بن العبد اسمها “لخولة أطلال” يشكو فيها من ظلم الأهل يقول فيها “وظلم ذوي القربى أشد مضاضة / على المرء من وقع الحسام المهند”. وقد كتب هذه المعلقة نتيجةً لسوء المعاملة التي لقيها من أقاربه وبسبب الأذى والظلم والاضطهاد الذي مارسه عليه أقرب الناس إليه من قومه، فكانت معلقته ردَّة فعلٍ على كل ما لقيه منهم. وهذا القول يطبق بالفعل على الفلسطينيين في الدول العربية، وأيضاً على موقف مواطني هذه الدول إزاء الفلسطينيين في الداخل الذين بقوا على أرضهم بعد نكبة 1948.

الفلسطينيّون، الذين بقوا على أرضهم بعد قيام إسرائيل، يشكلون أكثر من عشرين بالمائة من سكان هذه الدولة، ولا تتوفر لهم الحقوق التامة والكاملة كمواطنين يشكلون حوالي خُمس عدد سكان البلاد. أي أنهم، وحسب تعدادهم، لا يحظون بوظائف ومناصب في الوزارات والمؤسسات الرسمية في هذه الدولة، التي من المفترض قانونياً ان تتعامل مع كافة سكانها بمساواة.

أضف إلى ذلك، هناك خطوط حمراء ومحظورات امام هؤلاء المواطنين الفلسطينيين، والتي تعكس بصورة واضحة التمييز العنصري والعرقي إزاءهم. والأمثلة كثيرة جداً في جميع مجالات الحياة الاجتماعية، حتى في القضاء الإسرائيلي هناك تمييز في الأحكام. صحيح أن القانون من الناحية النظرية واحد وموحد للجميع، لكن عملياً، فإن الأحكام التي تصدر على عربي أقسى من الأحكام التي تصدر على اليهودي، وهذا باعتراف مجموعة من رجال قانون يهود أصدروا دراسة في هذا الشأن.

ولا شك ان الفلسطينيين في إسرائيل لا يتعرضون فقط لظلم مجحف بحقهم من قبل السلطة الرسمية. فهم يتعرضون أيضا لظلم من نوع آخر أقسى وأشد معنوياً، وهو ظلم ذوي القربى العرب، أي ظلم أبناء جلدنهم في العالم العربي. فهم ينظرون إليهم بشكل عام نظرة ارتياب وشك، ليس لسبب مقنع، بل لأنهم بقوا في أرضهم، وكتب الله عليهم أن يحملوا الجنسية الاسرائيلية.

الدولةُ اللبنانيّةُ على سبيل المثال َتحرم فلسطينيّي لبنان حقوقَهم المدنيّة والاجتماعيّة والسياسيّة، وأهمُّها حقُّ التملّك، وحقُّ العمل. وقد أصدرت في العام 1982قرارًا يمنع الفلسطينيّين من مزاولة 24 مهنة، وبالتدريج وصل عددُ هذه “المهن المحرّمة” إلى أكثر من 75 مهنة. وكان هذا القرار في تلك الفترة واحدًا من سلسلة قراراتٍ تعسّفيّة أخرى، طاولتْ حقَّ التنظيم وبناء المؤسّسات الاجتماعيّة والأهليّة، وحقَّ التظاهر والمشاركة السياسيّة، وحقَّ التعبير. ويقولون بتبجح “الأخوة الفلسطينيون” فهل هكذا يتم التعامل مع الأخوة؟ علما بأن الفلسطينيين ساهموا بشكل كبير وباعترافهم في نهضة لبنان اقتصاديا وزراعيا.

الحكوماتُ اللبنانيّةُ المُتعاقبة واصلت سياسةَ فرض القوانين العنصريّة، التي تُميّز ضدّ الفلسطينيين وتحرمهم حقوقَهم الإنسانيّة. وذهبتْ إلى حدّ فرض حصار أمنيّ واقتصاديّ وثقافيّ خانق على المخيّمات بأشكال مختلفة: يبدأ من إقامة الحواجز والأسلاك الشائكة، ومحاولة استنساخٍ رخيصةٍ لجدارِ فصلٍ عنصريّ حول مخيّم عين الحلوة يحاكي جدارَ الفصل العنصري الإسرائيليّ.

وتنظر الشعوب العربية عادة إلى المواطنين في الداخل الفلسطيني، وتقيّمهم من خلال جواز السفر الذي يحملونه، وليس من ناحية قومية عربية، وكأن هؤلاء لا يكفيهم ما يعانون منه من تمييز في إسرائيل. وحتى في الدول العربية التي لها علاقات مع إسرائيل فإن شعوب هذه الدول تنظر إلى أي علاقة مع فلسطينيي ألـ 48 وكأنها تطبيع مع إسرائيل، وليس علاقة عرب مع بعضهم..

وأخيراً…

الفلسطيني يطبق عليه المثل الشعبي ” لا مع سيدي بخير ولا مع ستي بخير”. نعم، صدقة طرفة بن العبد، فما أقسى ظلم ذوي القربى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة