ألـ “طلاسية” السنية وإسقاط “الأسدية” العلوية في سوريا

بقلم الإعلامي: احمد حازم

تاريخ النشر: 18/06/23 | 16:42

وزير الدفاع السوري الأسبق اللواء مصطفى طلاس المسلم طائفيا والسني مذهبا، هو الشخصية السنية الوحيدة التي اخترقت قلب الطاغي حافظ الأسد وبنت لنفسها قلعة محصنة في نظامه، بسيره على طريقة ” أمرك سيدي”. هذا الجنرال طلاس الذي كان يعتبر أحد أهم اعمدة نظام حافظ الاسد العلوي منذ العام 1970 كان شخصية مثيرة للجدل في حياته، ولم يسجل له التاريخ السوري إنجازات عسكرية، ورصيده يتجسد فقط في ولائه اللامتناهي لرئيسه العلوي حافظ الأسد الذي اعتمد عليه بل وأمنه على توريث ابنه بشار لرئاسة سوريا منذ العام 2000.

يقول المثل الشعبي “من خلّف ما مات” وقد ينطبق هذا المثل على البعض سياسيا واللواء مصطفى طلاس أحد هذا البعض. ترك مصطفى طلاس وراءه من الذكور ولدين، أحدهما يدعى مناف طلاس. صحيح أنه يحمل رتبة عسكرية رفيعة المستوى (عميد) لكن لم يكن مثل أبيه في الولاء للنظام وبرهن على أنه لم يسر على خطى والده بإعلان الولاء التام للوريث بشار، كما كان ولاء والده للحاكم حاقظ. صحيح أنه من ظهر طلاسي لكنه ليس “أسدي” الولاء.
مناف طلاس هو زميل وصديق بشار الاسد قبل ان يرث الرئاسة، ومن إنجازاته أنه أدخل مئات الضباط من المذهب السني في الجيش في وقت كانت رتب الضباط مقفلة على الطائفة العلوية في بلاد الامويين. لقد حاول العميد مناف إصلاح الأمر بين المعارضة الشعبية في بداية الانتفاضة ضد آل الاسد والنظام، وبذل جهوداً حظيت بشكر بشار له عل ما بذله، لكنه بالتالي لم ينجح، وفضل عدم التغريد داخل السرب العلوي بل خارجه، ليس بسبب بشار بل بسبب من هم حول بشار.

العميد طلاس اعلن عن تشكيل مجلس عسكري سوري من مكان إقامته في العاصمة الفرنسية باريس التي لجأ إليها في العام 2012، وفي وقت لاحق أعلن عن مشروع “حركة التحرر الوطني” السورية’، يتضمن توحيد جميع القوى الوطنية السورية العسكرية والمدنية المعارضة تحت قيادة واحدة

من أجل “ضبط التحرك السياسي والعسكري في إطار واحد، ونزع السلاح المنفلت وتأطيره في خدمة المجلس العسكري الانتقالي ومشروع التحرر الوطني”.

في الخامس من شهر نوفمبر/ تشرين ثاني عام 2019 صرح فراس طلاس الابن الثاني لمصطفى طلاس خلال حلقة من برنامج “قصارى القول” على شاشة RT الروسية:” أن أباه جمعه مع أخيه عندما قررا الخروج من سوريا، وقال لهما: هذا النظام لا تستطيعون إسقاطه لا أنتم ولا الدول العربية.. لأن حافظ الأسد هو من نسجه داخل النظام العالمي وسيسقطان معا حال سقوطه”. وإذا أخذنا تصريحات الشقيق بعين الاعتبار، فلعلى ماذا يعتمد مناف طلاس في تحركاته إذاً؟ المعلومات المتوفرة لنا تقول ان العميد الشاب يعتمد على ثلاث ركائز:

أولها، مفاوضات جرت بين جهات عربية بقيادة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وبشار الاسد، تحدث فيها بن سلمان عما يشبه تفويض من قوى دولية واقليمية عن مستقبل بشار الاسد وشقيقه بعد عام2025 ، وعن مستقبل سوريا بدونهما. وثانيها، موافقة مصرية على الموقف السعودي، مع العلم ان القاهرة هي العاصمة العربية الاساسية التي ظلت تتعامل بإيجابية مع النظام السوري، وثالثها، التغيير المفاجيء في موقف روسيا الذي ابقى بشار في السلطة حتى الآن، حيث أعلنت موسكو عن تفهمها موقف الرياض بضرورة تطبيق القرار الدولي الرقم 2254 الذي ينص على اعادة تشكيل السلطة في سورية.

على كل حال، فإن سوريا الآن على بعد سنتين من تغيير النظام (إذا صحت تقديرات المحللين وتحققت المعطيات). فهل يسجل تاريخ سوريا المعاصر قدرة “الطلاسية” السنية بدعم شعبي ودولي على إزاحة “الأسدية العلوية” التي حكمت البلاد بالحديد والنار 53 عاماً؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة