تفاقم صراع الصقور على خلافة عباس…الطيراوي في مهب الريح
بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 01/09/22 | 12:10في الثامن من الشهر الماضي أقدم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على خطوة خطيرة (فتحاوياً) فقد أعلن فجأة عن إقالة اللواء توفيق الطيراوي من منصب رئيس مجلس أمناء جامعة الاستقلال دون ذكر الأسباب لذلك، علماً بأن الطيراوي هو الذي ساعد في تأسيس هذه الجامعة، وهي أول مؤسسة أكاديمية تقدم دراسات في العلوم الأمنية والعسكرية. واللواء الطيراوي شغل أيضاً منصب الرئيس السابق لجهاز المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية، وهو عضو بارز في اللجنة المركزية لحركة فتح الحاكمة في السلطة.
ويرى مقربون جداً من قادة فتح أن ما جرى في أيام ما قبل الإقالة يظهر بوضوح سبب اتخاذ عباس هذا القرار. فقد سمع عباس التسجيل الصوتي الذي تم تسريبه للشبكات الاجتماعية، والذي ينتقد فيه الطيراوي حسين الشيخ المقرب جداً من عباس، الذي أصدر في وقت سابق قراراً بتعيين الشيخ في منصب الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقراراً آخر بسحب حراس الأمن الذين يتولون حماية منزل الطيراوي. هذا التصرف “العباسي” يعكس مدى الأهمية التي يوليها عباس لحسبن الشيخ خصوصاً أن رئيس السلطة يرى في الشيخ المرشح الأفضل.
وما اتخذه عباس بحق الطيراوي يأتي في إطار معاقبة كل مسؤول فلسطيني يتجرأ على انتقاد الرئيس، الذي يعتبر نفسه فوق الانتقاد وعلى الأخرين تقديم الولاء والطاعة فقط، ومن تخوله نفسه الخروج عن هذا الخط،ـ فسيكون مصيره إما السجن أو الفصل من المنصب، والأمثلة كثيرة على ذلك. وكان الطيراوي كثيراً ما قام في السنوات القليلة الماضية، بانتقاد قادة السلطة الفلسطينية، بما فيهم عباس، وحمَّلهم المسؤولية عن الفساد المالي وسوء الإدارة، وبالتالي ليس من المستغرب بل كان متوقعاً من عباس أن تكون له ردة فعل بهذا الحجم.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فقط. فقد أخبرتني شخصية قيادية فلسطينية معروفة(غير فتحاوية) أن حسين الشيخ بدأ بالتحرك ضد اللواء الطيراوي في إطار الصراع على منصب خليفة عباس، ويعمل بجهد كبير على إزاحته من الطريق ليكون درساً للغير في التجرؤ على الوقوف بوجه الشيخ.
لكن بأي سيف يضرب حسين الشيخ حتى يسمح لنفسه التصرف بهذا الشكل؟ واضح أن الشيخ يعتمد فقط على رئيس السلطة وليس على قوته الشخصية في حركة فتح. ولكن ما هي الأسباب التي تجعل عباس ميالاً لحسين الشيخ وبالأحرى لماذا يدعمه؟
المعلومات المتوفرة تقول إن حسين الشيخ قدم تعهدات بالتزامه بالنهج الذي يسير عليه رئيسه عباس، وبالحفاظ على مصالح أولاد الرئيس إن كان ذلك في الأردن أو في السلطة الفلسطينية، والتعهد الأهم هو عدم المس بالتنسيق الأمني مع إسرائيل.
ولكن ما هي خطة حسين الشيخ للتخلص من الطيراوي. هنا قد يعيد التاريخ نفسه فيما حصل مع محمد دحلان وإبعاده من الضفة الغربية. وبما أن الصراع على السلطة قد ظهر على السطح بشكل مكشوف، فليس مهماً أن تكون خطط الشيخ سرية ما دام هناك ضوء أخضر أمامه من عباس. فالمعلومات المتوفرة تقول ان الشيخ يقوم بالتحضير لسيناريو تفديم الطيراوي لمحكمة بتهمة فساد، وكأن الطيراوي وحده هو الفاسد في هذه القيادة الغارقة في الفساد من رأسها حتى أخمص قدميها.
الشيخ سيقدم مضمون التهمة لرئيس السلطة ولمحكمة “فتح”، تمهيداً لتجريد الطيراوي من منصبه وإزاحته كلياً عن المشهد السياسي والأمني، وفق السيناريو نفسه الذي تمّ به فصل محمد دحلان من الحركة عام 2011. ولن أستغرب (في حال فشلت الخطة) التحضير لعدم انتخاب الطيراوي مرة أخرى عضواً في اللجنة المركزية في المؤتمر الثامن لحركة فتح ، والمتوقع انعقاده نهاية العام الحالي.
ولذلك فإن الطيراوي يجد نفسه الآن في مهب الريح.