أمريكا جرّت بوتين إلى مستنقع أوكرانيا وأوروبا تدفع تكاليف الحرب

بقلم: أحمد حازم

تاريخ النشر: 27/08/22 | 12:26

الدول الأوروبية (والمقصود هنا أوروبا الغربية) يضرب يها المثل في العالم العربي على أنها بلاد الذكاء والحضارة والوعي و”الفهم” ويتمنى كل عربي أو غالبية العرب أن يمضون حياتهم في أوروبا. وقليلون يعرفون أن أوروبا مثل الميدالية لها وجهان. قد تكون الحضارة و”الرقي؟!” الوجه الأول لكن الوعي والفهم فيما يتعلق بالسياسة، لا ينتميان مطلقا للوجه الأخر، لأن الوجه الحقيقي الملموس للوجه الثاني هو الغباء وقصر النظر السياسي. والحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا هي أكبر مثال على ذلك.

الحرب الروسية الأوكرانية مر عليها لغاية الآن أكثر من نصف سنة(منذ 24 فبراير/شباط الماضي) ولم يتم فيها الإعلان عن انتصار أو انهزام وهي مستمرة إلى أجل غير مسمى. حرب ظاهرها صراع بين دولتين أوروبيتين شرقيتين بتمويل دول أوروبية غربية ولا سيما ألمانيا. لكن حقيقة الحرب هي الصراع بين روسيا والولايات المتحدة التي أدارت الحرب وتنظر إليها من بعد كونها غير مشاركة فيها لا لوجستيا ولا ماديا، لكنها بطبيعة الحال هي المستفيدة منها. حرب أوكرانيا هي حرب خططت لها ورتبتها الولايات المتحدة وتمولها من الناحية العملية أوروبا نيابة عن الولايات المتحدة.

هذه الحرب هي أشبه بالحرب الإيرانية العراقية التي استمرت ثماني سنوات في ثمانينات القرن الماضي، ولم يخرج منها غالب أو مغلوب، وهي الحرب التي دمرت اقتصاد البلدين وألحقت بهما خسائر كبيرة جدا في الأرواح والعتاد والبنية التحتية، وهي الحرب التي كانت أيضا بتخطيط الولايات المتحدة التي ازدهرت مصانع الأسلحة فيها خلال هذه الحرب. وقتها كانت أمريكا تتفرج وتبيع الأسلحة وتمارس النفاق بالوقوف تارة إلى جانب العراق وتارة أخرى بجانب إيران، وإن كانت تصريحات الإيرانيين تذهب في اتجاهات أخرى.

حلف الأطلسي العسكري المعروف باسم “ناتو” أسسته دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة في منتصف القرن الماضي، أي في فترة الحرب الباردة، لمواجهة الحلف العسكري الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي والذي كلن يسمى “حلف وارسو”. هذا الحلف الغربي (ناتو) هو الذي يقف وراء هذه الحرب من خلال دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا.
الصراع الدموي الذي نشهده بين روسيا وأوكرانيا له أيضا خلفية أخرى، غير الخلفية المعلنة. وهي محاولة الولايات المتحدة السيطرة على جوار “الدب الروسي” من خلال محاولة ضم هذا الجوار إلى حلف “الناتو”. أمريكا تريد إفهام بوتين أنها صاحبة القرار في العالم. لكن الدب الروسي انتفض غي وجهها.

قد يكون بوتين بمارس لعبة “القط والفار” في هذه الحرب، وقد يكون وقع في فخ أعده له الغرب، ليسقط في وحل أوكرانيا ، كما سقط سابقيه قادة الاتحاد السوفييتي في وحل أفغانستان، وكما كان الحال أيضاً مع الولايات المتحدة في أفغانستان نفسها. والنتيجة كانت انسحاب سوفييتي مهين وانسحاب أمريكي أكثر إهانة. وليس من المستبعد أن يكون “الدب الروسي” قد تورط في المستنقع الأوكراني، ولم يستطع لغاية الأن بعد أكثر من ستة أشهر، حسم النتيجة لصالحه. هذا يعني أن الحرب مستمرة ولا أحد يعرف متى تنتهي.

والسؤال الذي يطرح نقسه باستغراب كبير: كيف أن تعلباً سياسياً مثل بوتين يتمتع بخبرة سياسية ومخابراتبة عالية جدا يتم استدراجه إلى حرب استنزاف مهلكة في أوكرانيا؟ أم أن بوتين خاض هذه الحرب مع معرفة مسبقة بما تخطط له أمريكا وله حساباته الخاصة في هذا الأمر؟ سننتظر..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة