مقال في سياق حادثة غرق المحامي رائد محاميد: فريق عربي للنجدة والطوارئ (3)

سامي العلي

تاريخ النشر: 01/08/22 | 9:04

إن الهبة الشعبية الإنسانية التي شهدها مجتمعنا على مدار 9 أيام، المتمثلة في البحث عن الغريق المحامي رائد محاميد، تؤكد لنا التعاضد والتلاحم العظيم المتجذر في مجتمعنا، وتؤكد تأصل روح التضحية والعطاء والتطوع لدى الغالبية العظمى. هذه الهبة وما تحمله من معانٍ وقيم إنسانية طغت على كثير من النواقص في حاجيات حيوية في مجتمعنا، وعلى غياب هيئة إنقاذ وطوارئ عربية، وحتى أنها طغت على غياب إدارة للحالة الطارئة، على المستوى التنظيمي اللوجستي، وانعدام التنسيق والعمل وفق خطة بحث واضحة.

كما أن حالات الغرق المتكررة سنويا وتودي بحياة العشرات من أبناء وبنات مجتمعنا، تعيد للأجندة قضية إقامة جسم طوارئ عربي وتشغل الخطاب الإعلامي والأهلي المدني والسياسي.

في الحلقة (2) تطرقت للإشكاليات المهنية التنظيمية في خدمات الإنقاذ ولسياسة المؤسسة بشأن حالات الغرق. واستعرضت معطيات هامة جدًا. في ظل هذه الإشكاليات وفي ظل حقيقة أن 90% من حوادث الغرق تحدث في شواطئ مفتوحة لا تتوفر فيها خدمات إنقاذ أو بعد انتهاء عمل المنقذين، وأن خطة وزارة الداخلية الهادفة لزيادة عدد الشواطئ المعدة للسباحة عالقة لأسباب بيروقراطية، واجبنا التحرك سريعا لإقامة فريق إنقاذ وطوارئ عربي مستقل، ويملك كل الوسائل اللازمة والكوادر المهنية والعلمية والإدارية المختلفة.

أول مبادرة لإقامة فريق إنقاذ بحري عربي

قبل 4 أعوام، بادرت مجموعة من أهل البحر ومحترفين ومدربين في الرياضات البحرية وعشاق البحر، وجمعيات وأندية رياضة مائية، لإقامة فريق إنقاذ بحري عربي. فعلًا اجتمعنا عدة مرات وشكلنا لجنة لإدارة وتطوير المبادرة بالتعاون مع جمعية “مرجان- لحماية البيئة والإنسان” في القدس.

وبسبب قلة الموارد والإمكانات اقترحنا في المرحلة الأولى تنظيم كل الكوادر والقدرات والتشبيك بين مجموعات الرياضات البحرية والصيادين من كل البلدات العربية مع التشديد على بلدات الساحل. وقمنا بفتح قناة تواصل وبدأنا بتقديم العون في حالات الغرق بكل ما أوتينا من قوة وذلك عبر استدعاء الكوادر المتوفرة والجاهزة في منطقة وقوع الحادثة. لجانب ذلك يعمل أعضاء جمعية مرجان، وأفراد مستقلين في مجتمعنا وخصوصا في البلدات الساحلية، على نشر الوعي حول مخاطر البحار والتجمعات المائية وضرورة أخذ الحيطة والحذر والتعرف على ظروف البحر والسباحة الآمنة في موسم الصيف وكيفية تقديم المساعدة واستدعاء النجدة لحالة طارئة وغريق أو شخص في ضائقة.

ويضم الفريق غواصين ومنقذين، سباحين وأصحاب قوارب ودراجات بحرية، مرشدي رياضات مائية، مسعفين، حرفيين ومختصين والعديد من المتطوعين في مجالات مختلفة. مجموعة من المتطوعين على أتم الاستعداد لتقديم العون والمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ.

وبما أن النواة بدأت تتشكل ومجتمعنا غني بالقدرات والمهارات، فإن المطلوب هو دعم وتطوير هذه المبادرة الحيوية لمجتمعنا واحتضانها من قبل الهيئات التمثيلية والمؤسسات الأهلية والحركات المختلفة، والمستثمرين ورجال الأعمال والمبادرين وأهل الخير، إضافة لإعداد خطة استراتيجية على المستوى المهني، التنظيمي، الإداري والمالي. ونحن على استعداد تام لتقديم الخبرة والتجربة والمقترح لبناء وتنمية هذا المشروع الإنساني الوطني.

ختاما، أتقدم بالتعازي الخالصة لعائلة الغريق المرحوم رائد محاميد، سائلا له الرحمة والمغفرة وأقول لأهل أم الفحم ولعائلة الفقيد: أعظم الله أجركم ورحم فقيدنا.

(سامي العلي، مدير حسكة للرياضة البحرية وعضو فريق الإنقاذ البحري العربي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة