شاعرُ الكادحين والمناضلين

تاريخ النشر: 19/10/21 | 8:32

في رثاء الشاعر والكاتب الفلسطيني الكبير المناضل حنا ابراهيم )

يبكي الجليلُ عليكَ والأرجاءُ – والبعنةُ الحمراءُ والشُّرفاءُ
والكرملُ الوَسنانُ والشَّاغورُ – والسَّاحلُ الغربيُّ والأنحاءُ
كلُّ البلادِ دُموعُهَا هَتَّانةٌ – إنَّ الدُّموعَ لأنهُرٌ ودماءُ
أزِفَ الرَّحيلُ وما أفادَ عَزاءٌ – أزِفَ الرَّحيلُ ولن يكونَ لقاءُ
أزفَ الرَّحيلُ وكلُّ قلبٍ نازفٌ – الجوُّ حُزنٌ والبلادُ شقاءُ
الأريحيَّةُ والكرامةُ أثكلتْ – إنَّ المُروءةَ أدمُعٌ وبكاءُ
يا أيُّهَا السَّيفُ المُهَنّدُ نصلهُ – طولَ الزَّمانِ تألّقٌ وَمضَاءُ
طولَ الزَّمانِ مآثرٌ وَمناقبٌ – رغمَ الرَّزايا قامةٌ شمَّاءُ
يا شاعرَ الشعراءِ أنتَ مُخلَّدٌ -في قلبِ شعبِكَ مُشرقٌ وَضَّاءُ
يا شاعرَ الشعراءِ أنتَ مُتوَّجٌ – الكلُّ يشهدُ انكَّ العنقاءُ
خُضتَ الحياةَ مُكافحًا وَمُناضلا – طول المسيرةِ سُؤدُدٌ وإباءُ
ضحَّيتَ قدَّمتَ النّفيسَ لشعبنا – تسعونَ عامًا همَّةٌ وَعطاءُ
ما لان جذعُكَ بالثَّرى مُتَشبِّثٌ – ما هانَ عزمُكَ ، شُعلةٌ وَذكاءُ
يا قبلة َ الأحرارِ.. كلِّ مُناضلٍ – الحُزنُ بعدكَ قد طغى وَبلاءُ
من نورِ فكرِكِ كلُّ دربٍ نيِّرٍ – يتعلَّمُ الأجيالُ والأبناءُ
يا قبلة َ الأحرارِ .. رمزَ كفاحِهِمْ – بكَ يلتقي الأحرارُ والفقراءُ
الإشتراكيُّونَ كُنتَ منارَهُمْ – طبَّقتَ ما آمنتَ … والخُلصَاءُ
كالسنديانِ بعُمقِ أرضِكَ راسخٌ – ومَدى الدُّهورِ تمجُّدٌ وَعطاءُ
أنتَ الكريمُ وفيضُ جودكَ غامرٌ – رغمَ المآسي ديمةٌ وَطفاءُ
وَحملتَ أنتَ هُمومَ شعبٍ صامدٍ – في ( رَبذةِ ) الآلامِ كانَ رجاءُ
وَحملتَ صلبانَ الفداءِ جميعَهَا – قدَّمتَ روحَكَ والطريقُ عناءُ
وعَبرتَ جُلجثةً وكنتَ مُعانقًا – دمعَ الغلابى ، والصُّمودُ لواءُ
كم من نبيٍّ قد مشاهَا قبلنا – كانَ انتصارٌ ، في الفدا ، وَعلاءُ
أنتَ الأبيُّ منارُ كلِّ مناضلٍ – منكَ استنارتْ أنجمٌ زهراءُ
وَطرِدتَ من حزبٍ رَفعتَ لواءَهُ – من بعدِ أن عَمَّ الاذى ووَباءُ
حزبٌ تهاوَى غاصَ في أوْحَالِهِ – واليومَ صارَ يقودُهُ العُملاءُ
بالأمسِ كان مآلَ كلِّ مُكافحٍ – واليوم من كلِّ الأباةِ خلاءُ
وجريدة للحزبِ أضحَتْ منبرًا – للخائنين هنا وماتَ حَياءُ
تستقطبُ الأوباشَ … كلَّ منافقٍ – ويصولُ فيها الصُّكّعُ الخرقاءُ
قد زيَّفتْ تاريخنا ونضالَنا – وَكرُ العمالةِ إنَّها الرَّقطاءُ
وعلى الأشاوسِ والجهابذِ عتَّمَتْ – وطريقها التّضليلُ والإخفاءُ

لا ترتضي حُرًّا أبيًّا صادقًا – وَلِشعبهِ مَن كانَ فيهِ وَفاءُ
مليونُ وجهٍ إنها في عُهرِهَا – بتقلّبٍ وتبدُّلٍ حرباءُ
يا ايُّهَا الرئبالُ في وجهِ اللظى – صرحُ الأسودِ جبينُكَ العلياءُ
لا تقبلُ العُهرَ السّياسيَّ الذي – قد خاضَهُ الأوباشُ والسّفهاءُ
إنَّ السياسة َ كالدَّعارةِ أصبحَتْ – يرتادُهَا الأوغادُ والخلعاءُ
وَبقيتَ أشرفَ مَن مشى فوقَ الثرى – قدَّمتَ عُمرَكَ كي يكونَ رَخاءُ
قد كنتَ قُربانًا لنهضةِ أمَّةٍ – وَلِيَسعدَ الفقراءُ والبسطاءُ
أنتَ الكميُّ على الشَّدائدِ صامدٌ – رغم المَواجعِ دوحةٌ خضراءُ
لا تنحني للفقرِ أنتَ وللطوَى – للجوعِ تحني الهمَّةُ القعسَاءُ
يا قبلة َ الأحرارِ.. صوت كفاحِهِمْ – رغم الخطوب الصَّخرةُ الصَّمَّاءُ
يا أيُّها الطودُ الذي بهرَ الدُّنى – طولَ الزَّمانُ تألُّقٌ وَسناءُ
علَّمتنا حُبَّ البلادِ وعشقهَا – هذي بلادي جنّةٌ غنَّاءُ
ينسابُ صوتُ الارضِ في أعماقِنا – وَتمُوجُ في وجدانِنا الأصداءُ
للحقِّ تُشهِرُ كلَّ سيفٍ صارمٍ – وليَخسَإِ الجُبناءُ والخُنعاءُ
تبقى نشيدَ الرفضَ في دربِ الفدا – قُدْتَ السَّفينة َ حولكَ الأنواءُ
وبكَ النضالُ الحُرُّ ألهِبَ عزمُهُ – واستبشرَ الضُّعفاءُ والبؤساءُ
يا أيُّها الطودُ المُبجَّلُ ذكرُهُ – بكَ والنّضال ستخصبُ البيداءُ
بكَ كلُّ حُلمٍ تاهَ في إشراقِهِ – سيعودُ للزهرِ الكئيبِ شذاءُ
يا أكرمَ الكرماءِ دونَ مُنازعٍ – من بحرِ جودِكَ يغرفُ الكرماءُ
هذي بلادي فجرُنا وَمآلُنا — هيهاتَ عنها أن يكونَ جَلاءُ
طولَ المَدى مُتشبّثون بأرضِنا – وَسيرحلُ اللقطاءُ والدُّخلاءُ
نحنُ العذابُ المُرُّ والدَّمُ والرَّدَى – نحنُ الحمائمُ طهرُهَا ونقاءُ
ولكمْ مَددنا للسَّلامِ لهُمْ يدًا – قطعُوا الأيادي وأنطوتْ أشلاءُ
لا صوتَ يعلو فوقَ صوتِ جراحِنا – خُضنا الحُتوفَ وَحُزنُنا الخنساءُ
وَكطائرِ الفينيقِ أضحى شعبُنا – وَمِنَ الرَّمادِ سَيُبعَثُ الشّهدَاءُ
شهداؤُنا كالأنبياءِ تمَجَّدُوا – لهمُ القداسةُ للمدَى وَبقاءُ
دمُهُمْ على دربِ النضالِ مشاعلٌ – كانوا الطليعة َ والطريق أضَاءُوا
زيتونُنا صَانَ العُهودَ وَإنّهُ – طولَ الزمانِ تشبُّثٌ وَبقاءُ
في كلِّ شبرٍ من تُرابي شاهدٌ – في كلِّ رُكنٍ صيحةٌ وَنداءُ
عربيَّةً كانتْ وتبقى أرضُنا – ..عريبيَّةٌ أرضُ الفِدا سمراءُ
رغمَ التّشرُّدِ والمآسي والنَّوى – مهما استطالَ على النُّزوحِ ثوَاءُ
هذي فلسطينُ الحبيبةُ أثكلتْ – مَسْبيَّةٌ في أسرِها تستاءُ
من أجلِهَا خُضتَ النّضالَ ولم تهُنْ – وَبكَ استنارَ الدَّربُ طابَ فداءُ
يا فارسَ الفرسانِ في ساحِ الوَغى – تزهُو بكَ الأوطانُ والنجباءُ
وتظلُّ للشّعرِ المُقاومِ رائدًا – كلُّ الاشاوسِ بعدَ نهجِكَ جاءُوا
صغتَ القريضَ روائعًا وبها انتشى – كلُّ الجهابذِ ، حارتِ البلغاءُ
قصصًا كتبتَ وصَلتَ في إبداعِهَا – للعالميَّةِ …. ينحني العظماءُ
سرُّ البلاغةِ والفصاحةِ حُزتَها – كم يشهدُ الخطباءُ والأدباءُ
يا أوَّلَ الأدباءِ في هذا الحِمَى – قولي صحيحٌ ليسَ فيهُ مِرَاءُ
يا سيّدَ الحَرفِ الأبيِّ وَنزفهِ – سِربالكُ الأنوارُ والأضواءُ
كلُّ الهُمومِ تكأكأتْ وافرَنقعَتْ – من هَولِ بأسِكَ تختفي الأرزاءُ
أنا في طريقِكَ قد بقيتُ مناضلا – الدربُ طالَ وَضلَّتِ الوَجناءُ
نحنُ احترقنا على صليبِ كفاحِنا – ما أنجبتْ كنضالِنا الغبراءُ
الحقُّ يرجعُ بعدَ سَعيٍ مُجهدٍ – إنَّ الحياةَ معاركٌ وبقاءُ
البَغيُ يهوي رغم عهدٍ حالكٍ – وَمصيرُ كلِّ الظالمين فناءُ
ستزولُ أشواكٌ وَنرسمُ فجرَنا – وَتُزاحُ عنَّا ضيقةٌ وَعَناءُ
فاهنأ قريرَ العينِ في أرضِ الفدا – يمضي بدربكَ أخوةٌ وُدَعَاءُ
ما العيشُ إلا فترة هي تنقضي – لكنَّما العمرَ المَديدَ ثناءُ
سيظلُّ زيتونُ البلادِ مُؤرِّخًا – لصُمودِنا ، طولَ المدى معطاءُ
سيكونُ فجرٌ بعدَ ليلٍ أليَلٍ – وَيشعُّ نورٌ دائما وضياءُ
سيعودُ للوطنِ الحبيبِ بهاؤُهُ – وَيعودُ للجوِّ الكئيبِ صَفاءُ
شعر : الدكتور حاتم جوعيه – المغار – الجليل – فلسطين
………………………………………………………………………………..
*1 – الربذة : إسم المكان الذي نفيَ إليه الصحابي الجليل (أبو ذر الغفاري).وهو أول ثائر في الإسلام .. ثار ضدّ الظلم والإستغلال ومطالبا بحقوق الفقراء والمضطهدين زمن الخليفة عثمان بن عفان.

( شعر : الدكتور حاتم جوعيه – المغار – الجليل – فلسطين )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة