بين لبنان وفلسطين.. امريكا واسرائيل ليستا قدرا

تاريخ النشر: 15/03/21 | 11:25

فتحي كليب

منذ بدء الصراع العربي والفلسطيني الإسرائيلي، وباستثناء بعض المحطات، لم يلمس ان العرب والفلسطينيين اهتموا كثيرا بصياغة خطط واستراتيجيات تحاكي دول العالم. وكانت السمة الغالبية لحالهم هي السياسة الانتظارية والتعليق على مواقف ليسوا هم من يصنعها. وإذا كان هناك من مشروع فلسطيني او عربي واضح، فهو يعود الى العام 1974، عندما تبنت منظمة التحرير الفلسطينية البرنامج الوطني المرحلي، الذي نقل الوضع الفلسطيني والعربي من حال الى حال، بعد ان ظل المشروع الصهيوني حاضرا على الساحة الدولية منذ النكبة عام 1948، باعتباره المشروع الوحيد الذي يمكن الحوار بشأنه. ولم يلحظ خلال الفترة التي سبقت اقرار البرنامج المرحلي، ان دولة عربية فكرت او اهتمت ولو مجرد التفكير بضرورة ان يكون للعرب مشروع سياسي يتوحدوا عليه في صراعهم مع المشروع الصهيوني المدعوم من الدول الغربية الاستعمارية..

ونظرا للانجازات السياسية التي تحققت على ارضية البرنامج المرحلي، فقد كان، وظل، موضع استهداف من اسرائيل والولايات المتحدة، اللتين كانتا في سباق مع الزمن لوقف التفاعلات العربية والدولية التي تركتها مسألة توافق الفلسطينيين على مشروع سياسي موحد، بعد ان سعتا بكل الطرق افراغ ذلك البرنامج من مضمونه، حيث تحقق لهما ذلك بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان وبدء مرحلة جديدة عنوانها التسوية السياسية، على قاعدة هزيمة المقاومة الفلسطينية ومشروعها السياسي..

مع التوقيع على اتفاق اوسلو، الذي هو ايضا صنيعة الآخر، عادت الحالة الفلسطينية والعربية خطوات الى الخلف، والى مرحلة ما قبل البرنامج المرحلي، لتصبح اتفاقات اوسلو، وما تفرع عنها، هي محور التحركات العربية والدولية، والتي على ارضيتها خرجت المبادرة العربية وغيرها من مشاريع وسيناريوهات لم تبتعد كثيرا عن المسار العام الذي رسمته الادارة الامريكية بشأن التسوية في المنطقة.. رغم ان اسرائيل قد تجاوزت في سياساتها وممارساتها اتفاقات اوسلو، شكلا ومضمونا، فقد بقي من لا زال يعتبر في هذا الاتفاق ارضية صالحة لمفاوضات مستقبلية مع اسرائيل..

تكررت السياسات الانتظارية الفلسطينية والعربية مع نجاح بيل كلينتون ثم باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية الامريكية، فاعتقد البعض، العربي والفلسطيني، ان هناك من جاء لينصف العرب والفلسطينيين. انتظروا القليل والكثير من الايام الى ان جاءهم ردا امريكيا “ايجابيا”. الرئيس الامريكي يعلن انه سيزور جامعة القاهرة (4 حزيران 2009)، ومن هناك يتحدث بصراحة ووضوح عن الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 1967، ويدعو الى انهاء الاحتلال الاسرائيلي ووقف الاستيطان، والى رفع الظلم عن الشعب الفلسطيني، ويسعى، اقله، نظريا، الى حل قضايا الصراع وبؤر التوتر في المنطقة والعالم.

نام العرب على حرير هذه المواقف، وانتظروا ان يعلن اوباما “حربا تحريرية ضد اسرائيل” لاجبارها على التسليم بما اعلنه الرئيس وترجمته واقعا على الارض.. ولم يكلف مسؤول عربي او فلسطيني واحد عناء السؤال عن كيفية تحويل مواقف الرئيس الامريكي الى افعال، كما لم يكلفوا انفسهم عناء الاستفادة من تلك المواقف، بغض النظر عن مدى امكانية تطبيقها، لجهة صياغة استراتيجيات تراكم على الكثير من نقاط القوة الموجودة فيي الحالتين العربية والفلسطينية، والمدعومة بحالة دولية ليست بالبسيطة. في المقابل نشط المسؤولون الاسرائيليون، بدعم من لجنة الشؤون العامة الامريكية الاسرائيلية (إيباك)ن واستنفرت دوائر المنظمات الصهيونية في العالم، الذين جهدوا جميعا وعملوا ليل نهار من اجل افراغ مواقف الرئيس الامريكي من مضمونها، ونجحوا في ذلك.. إذ سرعان ما اخذت المواقف الامريكية بالتآكل، وبدأت تطل برأسها افكار ومقترحات تساوم على عناوين ليست ذات شأن، تارة عبر الدعوة للقاءات مباشرة مع السلطة الفلسطينية، وتارة اخرى لاشتراط تجميد الاستيطان بشكل مؤقت وجزئي مقابل التطبيع المباشر مع الدول العربية. وكل هذا كان يجري في غياب اي موقف جاد من قبل النظام الرسمي العربي الذي ظل على موقفه الانتظاري السابق..

وفيما كان النظامين الرسميين العربي والفلسطيني يغطان في سبات عميق، اعلن نجاح دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الامريكية، الذي لم ينتظر كثيرا حتى اعلن مروحة واسعة من الحروب السياسية والاقتصادية والنفسية باتجاه دول عدة: روسيا، الصين، كوبا، فنزويلا، كوريا الديمقراطية، المكسيك، ايران، سوريا، اضافة الى عدد من حلفاء مفترضين في اوروبا وكندا. لكن كل هذه الحروب لم يثبت حتى اللحظة ان الولايات المتحدة قد حققت انتصارا كبيرا ولو على دولة واحدة، بل ان جميع الدول والشعوب التي اعلنت عليها الحروب الامريكية ما زالت تقاوم صامدة، حتى ان بعضها اخذ يتعاطى بندية صريحة مع الولايات المتحدة، سواء على المستوى العسكري او السياسي او الاقتصادي. ولعل الانجاز الوحيد الذي حققته الادارة الامريكية هو في الاختراق الواسع للنظام الرسمي العربي لجهة اتساع عمليات التطبيع وسرقة ثروات العرب واموالهم والسطو عليها…

لبنان وفلسطين كانا من بين الشعوب التي شنت الادارة الامريكية عليهما حربا عدوانية صريحة. وفي بعض اوجه هذه الحرب برز نموذجان يستحقان التوقف عندهما:

في لبنان ليس سرا القول ان الادارة الامريكية، ومنذ فترة، تسعى الى العبث بالاوضاع الداخلية اللبنانية، تارة عبر دعم الحروب الاسرائيلية المتواصلة واختراق السيادة اللبنانية، واخرى عبر اعلان حروب اقتصادية وسياسية في اطار حربها العدوانية التي تشنها منذ فترة ضد سوريا وايران. وهي مارست كل اشكال العدوان الداخلي والخارجي بذريعة معلنة ان الحكومة اللبنانية “تدين بولائها لحزب الله”. وقالت اكثر من مرة انها لن تقدم لهذا البلد اية مساعدات ما لم يتخلص من حزب الله وسلاحه.. وعلى هذه الخلفية سارت العديد من الدول الغربية والعربية بهدف خنق لبنان وإخضاعه ودفعه اما الى حرب اهلية او التسليم بالشروط الامريكية التي ليس سلاح حزب الله الا واحدا من عناوينها مضافا اليها عناوين على تماس مباشر بالصراع مع اسرائيل..

ومنذ منتصف عام 2019، ضغطت الادارة الامريكية سياسيا واقتصاديا على لبنان، واصرت على عدم تقديم اية مساعدات، الا اذا التزمت الحكومة بالشروط الامريكية. كان من نتيجة هذا الضغط، الى جانب اسباب ذاتية وموضوعية اخرى، انهيار اقتصادي شامل طال كافة القطاعات الاقتصادية وعانى منه جميع اللبنانيين، سواء من هم في بيئة حزب الله وحلفاءه او في البيئة المعارضة، ما دفع ببعض القوى الى البحث عن خيارات بديلة، انطلاقا من قناعة ان لبنان ليس مجبرا على ربط نفسه، اقتصاديا، بالولايات المتحدة دون غيرها، ويجب البحث عن خيارات بديلة مع جميع دول العالم، فكان خيار “التوجه شرقا” كأحد الخيارات البديلة. وعلى هذه الارضية بدأت الاتصالات بين الحكومة اللبنانية وحكومات الصين وايران والعراق الذين تعهدوا بتقديم بعض اوجه الدعم للبنان..

وما ان بادر لبنان الرسمي الى بدء اتصالاته مع تلك الدول حتى اوعزت الادارة الامريكية الى بعض حلفاءها بسرعة التحرك وعدم ترك الساحة للآخرين، وبسحر ساحر تغيرت لهجة الادارة الاميركية لتعلن على لسان وزير خارجيتها وسفيرتها في لبنان اضافة الى قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال كينيث ماكينزي أنّ واشنطن ملتزمة بدعم لبنان ولا تريد له الانهيار، وانها ستدرس امكانية تقديم اعفاءات واستثناءات معينة من “قانون قيصر” الذي اعد خصيصا بهدف احكام الطوق على سوريا.

نموذج آخر جاء من فلسطين. فمنذ اليوم الاول لتسلم الرئيس الامريكي مهامه، اعلن جملة من المواقف التي اشرت الى ان هناك مرحلة جديدة في التعاطي مع القضية الفلسطينية، وما هي الا ايام حتى بدأت عناوين خطته تظهر الى العلن التي عرفت لاحقا بـ “صفقة القرن” التي تتعاطى مع حقوق الشعب الفلسطيني ليس باعتبارها حقوق واحدة وموحدة، ولا تنظر الى الشعب الفلسطيني كشعب موحد له حقوق وطنية واحدة وموحدة. بل ان هذه الصفقة لا تعترف اصلا، بالحقوق الوطنية الفلسطينية، انها حقوق معترف بها دوليا، بل ان عقلية وعنجهية القوة الغاشمة والذهنية الاستعمارية المتحكمة بأركان الادارة الامريكية واسرائيل هي التي رسمت وحددت طريقة التعاطي مع الشعب الفلسطيني باعتباره مجرد مجموعات سكانية لا حقوق وطنية لها ولا قرارات دولية او اسرة دولية تدعمها..

بدأت الادارة الامريكية بتهيئة الاجواء الدولية والعربية لاستقبال خطتها، فاعلنت اعترافها بالقدس عاصمة للكيان، واغلقت سفارة منظمة التحرير في واشنطن، واعتبرت الاستيطان والمستوطنات امر طبيعيا لا يتناقض والقانون الدولي. وحين وجدت ان هناك صعوبة في تمرير هذه الخطة، لجأت الى الخطة البديلة وهي الضغط الاقتصادي، فقطعت مساهمتها في موازنة وكالة الغوث البالغة نحو (360) مليون دولار، كما قطعت مساعداتها عن المؤسسات الصحية والتعليمية في القدس، وفرضت على السلطة الفلسطينية حصارا اشبه بالعقوبات الاقتصادية الجماعية.. وغير ذلك من اجراءات تندرج في اطار العقدة الامريكية التي اسمها “عقوبات”..

ظل الموقف الفلسطيني صامدا ورافضا للخطة الامريكية، وكان للجمعية العامة موقفان هامان حين رفضت الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، وايضا حين اكدت دعمها لوكالة الغوث.. فيما واصلت الادارة الامريكية ضغطها بعد ان كانت قد اعلنت الشق الاقتصادي من الخطة في حزيران 2019 في ورشة المنامة – البحرين، التي لم تفلح في تحقيق اي هدف اقتصادي، وما حققته كان عبارة عن مزيد من الاختراقات في مجال التطبيع مع الدول العربية.. فما كان من احد اطراف الادارة الامريكية الا ان اعلن ان الادارة ماضية في خطتها سواء وافق الفلسطينيون ام لم يوافقوا عليها.. وبهذا تكون الادارة الامريكية قد اماطت اللثام عن كذبة وبدعة ووهم امكانية تعديل الخطة من الداخل، ليتأكد انها صفقة ليست مطروحة لا للحوار ولا للنقاش، بل للتطبيق الفوري وبالقوة..

الموقف الذي اتخذته اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في شهر ايار 2020، بوقف العمل بالاتفاقيات مع اسرائيل والولايات المتحدة، على ارضية خطة الضم وعمليات التطبيع، ورغم انه لم يترجم بخطوات جدية اخرى كسحب الاعتراف باسرائيل، والتعاطي معها كدولة احتلال للشعب الفلسطيني كل الحق في مقاومتها بمختلف الاشكال النضالية وفي مقدمتها المقاومة المسلحة، واتخاذ اجراءات لتعزيز الوحدة الوطنية واقفال كل اشكال التدخلات الاجنبية، وبما يعيد الاعتبار للبرنامج الوطني الفلسطيني كونه برنامجا وطنيا تحرريا واعادة الاعتبار لحركة التحرر الوطني الفلسطينية كحركة تحرر وظيفتها الراهنة النضال من اجل طرد الاحتلال بكل السبل.. الا انه اكد ان الفلسطينيين يمتلكون خيارات بديلة عن العملية السياسية المحكومة بالسقف الامريكي الاسرائيلي، وهم قادرون على الذهاب ابعد من مسألة وقف العمل بالاتفاقات..

ورغم ان موقف اللجنة التنفيذية لم يرتق الى مستوى خيارات نضالية خارج المسار الذي رسمه اتفاق اوسلو منذ اكثر من ربع قرن، الا ان هذا الموقف المتكئ على استعداد نضالي فلسطيني فصائلي وشعبي لمواجهة شاملة مع الاحتلال، دفع بالولايات المتحدة الى اعادة النظر بتوقيت اعلان خطة الضم التي كان يفترض اعلانها في الاول من تموز الماضي 2020، مكتفية باتفاقات التطبيع مع بعض الانظمة الرسمية العربية.. وخرجت مصادر من داخل البيت الابيض لتوحي ان الولايات المتحدة لم تعط الضوء الأخضر لإسرائيل للبدء بخطة ضم أجزاء من الضفة والأغوار، في تراجع تكتيكي واضح عما سبق وقالته.. اضافة الى اعتبارات داخلية امريكية ودولية..

إن مجرد التفكير باحتمال تفجر الوضع في الضفة وغزه، او وضع امكانية لجوء السلطة الى خيارات بديلة عن اوسلو، دفع الكثيرين من اصحاب القرار، سواء داخل الولايات المتحدة على مستوى اعضاء في الكونغرس او على المستوى الاوروبي، برلمانات ووزراء خارجية، الى التهديد باجراءات ضد اسرائيل.. وبامكاننا ان نتخيل صورة الواقع العربي والدولي اذا ما لجأت قيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية الى رفع سقفها اكثر، خاصة وان الاسباب الموجبة لذلك موجودة وباعتراف كافة دول العالم، التي اعتبرت صفقة القرن وخطة الضم تناقض مع القانون الدولي.. وقد كانت الاجراءات الاسرائيلية والامريكية فرصة مناسبة لطرح خيارات فلسطينية بديلة عن الخيار الواحد المتمثل بالمفاوضات.. لمن للاسف هذا لم يحصل، وظل الخيار الوحيد هو الرهان على ادارة امريكية قادمة ربما تكون مختلفة عن الادارة الجمهورية..

في مراجعة تجارب جميع الحركات التحررية والاستقلالية في العالم، يتبين ان ما من محتل او مستعمر استجاب ورضخ لارادة الشعوب بسهولة، او ان بعض الحركات التحررية انتظرت المحتل او المجتمع الدولي ليأتي لها بحقوقها، وخطىء من يعتقد ان اسرائيل يمكن ان تستجيب للحد الادنى من الحقوق الفلسطينية عبر الشكوى والمناشدة والرهان على دول خارجية لن تتعاطى الا وفق مصالحها، التي تبدو متوافقة في هذه المرحلة مع المصالح الاسرائيلية والامريكية، والدليل على ذلك ان كثيرا من الدول الاوروبية نصحت الفلسطينيين بعد الصدام مع الامريكيين، وان الاتحاد الاووبي لا يمكن ان يكون بديلا عن الولايات المتحدة في رعايتها لعملية التسوية.. لذلك نقول: إن الخطوات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية لجهة تطبيق قرار التحلل من الإلتزام بالإتفاقات والتفاهمات، ومخرجات لقاء الامناء العامين، على اهمية استمرارها وتطويرها، الا انها ما زالت عند الخطوة الأولى. فالغاء اتفاق اوسلو وعائلته، يعني اننا ندخل مرحلة جديدة قد تعتبر بنظر البعض اعلان حرب ليس فقط على اسرائيل، بل وعلى كل المرحلة السابقة وما حملته من تداعيات مست كافة عناوين القضية الفلسطينية، وبالتالي لا يمكن مواجهة الواقع الاحتلالي والاستيطاني الا عبر مجموعة من الاجراءات التصادمية مع الاحتلال حددها اجتماع اللجنة التنفيذية الذي عقد اواخر شهر ايار 2020، وخرج بمجموعة قرارات نعتقد انها يمكن ان تشكل نقطة انطلاق جديدة في التعاطي مع المرحلة المقبلة..

لقد اصاب من نبه وحذر من الاكتفاء بما صدر عن السلطة من مواقف، وانتظار ضغوط خارجية على اسرائيل، او استمرار الرهان على كذبة تأجيل الضم او اعادة تعويم اوسلو بما يقود الى تمرير خطة الضم بشكل تدريجي ودون اي رد فعل عربي او دولي او حتى فلسطيني. فالدعم الدولي مطلوب في كل الاوقات، غير انه ليس بديلاً لساحة النضال الرئيسية على الأرض الفلسطينية وفي بلدان اللجوء والجاليات والشتات. فالعنصر الفلسطيني هو الأساس في المعركة، وان الدعم الدولي، يوفر فرصة يجب البناء عليها في الميدان، ومن أجل مطالبة المجتمع الدولي بخطوات إضافية كالإعتراف بالدولة الفلسطينية، ومقاطعة الإقتصاد الإسرائيلي، ونزع الشرعية عن الإحتلال وفرض عقوبات عليها، وغير ذلك من الخطوات الضاغطة. أما الإعتماد على الدعم الدولي وحده فهو استسلام خطير للواقع على الأرض الفلسطينية وتعبير مذل عن حالة العجز.

اما هروب البعض الى نظرية “يا وحدنا” وعدم امتلاكنا القدرة على المواجهة، فهذه مصيبة اخرى لن تقود سوى الى حالة من اليأس لدى الحركة الشعبية الفلسطينية، التي اكدت انها تملك مخزونا نضاليا عاليا يحتاج الى ارادة جدية لاستثماره. وقد آن الاوان ليقتنع من لا زال لديه بعض الاوهام ان سياسة الاستجداء لا يمكن ان تمنح الشعب الفلسطيني حقوقا، والتطورات اثبتت عدم صوابية المراهنة على الموقف الاميركي الذي سيبقى منحازا لصالح اسرائيل.. وقد اكدت تجارب التاريخ ان ما من حركة ثورية في العالم استطاعت ان تحصل على حقوقها بدون ثمن، وما من محتل ومستعمر منح شعوبا ودولا حقوقا او تنازل عن احتلاله الا عبر المقاومة..

لكل خيار ثمن، ومهما كان الثمن الذي سيدفعه الشعب الفلسطيني، اذا ما اختار خيار الوحدة والتحرر والمقاومة، فهو لن يساوي شيئا مقارنة مع الاثمان البشرية والسياسية والاقتصادية والنفسية التي دفعها شعبنا منذ ان حطت صيغة اوسلو رحالها فوق الجسد الفلسطيني، ولا زال يدفعها حتى اليوم، وعامل الوقت ليس في صالح الشعب الفلسطيني الذي دائما ما لبى نداء الواجب الوطني.. فلا تدعوه ينتظر كثيرا ذلك النداء..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة