الكمامة أصلها عربي ضاع بضعف العرب

تاريخ النشر: 29/04/20 | 0:17

بقلم: إبراهيم أبو صعلوك
الكمامة التي أصبح لبسها لزاما في ظل جائحة الكورونا، يُخالف من لا يضعها بموجب القانون في بعض الدول أصلها عربي. لكن على الرغم من أن لكلّ أمة فضل على البشرية بشكل أو آخر، تبقى المشكلة ليس في وجود الفضل من عدمه، بل تكمن في دوام ذكر هذا الفضل من عدمه، وإسناده إلى أهله. ولا يدوم فضل أمة ولا يرد إليها إلا بقوتها، فإن زالت قوتها طمس فضلها وتطفل عليه غيرها.
يسوقنا هذا الكلام إلى التعرف على علاقة العرب بالكمامة، وأصلها العربي، لنصل إلى العصر الأندلسي، يوم كانت أمة العرب والإسلام تتمتع بالقوة والعزة حيث كان يشترط وضع الكمامة، بشكل ملزم على كل من يمتهن حرفة “الطحانين والخبازين” وذلك طلبا لحفظ الصحة. وكإجراء لتطبيق ذلك كان محتسبو الأسواق في الأندلس، في عصر المرابطين لا يسمحون لمن لا يضع الكمامة بممارسة مهنة الطحين والعجين (منقول). قال ابن عبدين التجيبي الأندلسي في “مراقبة المحتسب للطحانين والخبازين: “… ولا يعجن أحدهم إلا وهو ملثم لئلا يتطاير من فمه شيء إذا عطس أو تكلم، وأن يشد على جبينه عصابة بيضاء كي لا يعرق فيقطر منه شيء فوق العجين”.
ولم يتوقف وضع اللثام الذي هو في الواقع بمثابة كمامة مع سقوط الأندلس بل استمر لأنه ثقافة عربية أصيلة عريقة متأصلة في التراث العربي تكاد لا تفارقه حتى في أيامنا وأن كان شح وجود استعماله في هذا الزمان، زمن الموضة والتحضر الزائف. ومن ينكر ذلك فليسأل جدته أو جدة أبيه وأمه عن الملاية مع البرنس الذي كانت تضعها نساء المدن على وجوههن، وعن البرقع الذي كانت نساء البادية تضعه على وجوههن، وعن اللثام الذي كانت تلتثم به نساء القرى، حشمة وحياء وزينة، وعن لثام الرجال الذي كان لا يماط عن وجوههم إلا عند الخلود إلى النوم، يتلثمون به دفعا لغبار الطرق وتحرزنا من الهوام والذباب وطلبا للتخفي في الصحراء. وكل ذلك مستمد من أوامر دينهم الحنيف حفاظا على النفس والدين.
الكمامة تقليد عربي أصيل متجذر في الثقافة العربية، لذا وخاصة في ظل هذه الظروف التي تكاد الأمم تقتتل على الكمامات طلبا للتحرز من فيروس كورونا، وفي ظل إدراك العالم كافة لحقيقة أن المسلمون هم أول من استخدم الحجر الصحي كإجراء وقائي من المرض والوباء، وإقبال غير المسلمين على التعرف على الاسلام، وفي ظل عجز العرب المعاصرين ضعفا عن صناعة حتى الكمامات في العصر الحاضر، وتكرم بعضهم بمخزونه المستورد منها على غيرهم، كان حري بالعرب على الأقل أن ينبري إعلامهم وأن يسخروا ما استطاعوا من جهود في سبيل إظهار فضل أجدادهم الذين استعملوا الكمامات قبل غيرهم من الأمم، ولكي يدحضوا ما يبث من تشويه لصورة العرب والمسلمين ولكي يزيدوا في معرفة من يريد التعرف على فضل العرب والمسلمين، أن يبينوا للناس أن الكمامة أصلها عربي ضاع بضعف العرب.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة