كفر ناحوم – مدينة المسيح؟
تاريخ النشر: 09/03/20 | 10:24بقلم: سهيل مخول – البقيعة
كفر ناحوم أي قرية ناحوم ، كانت تعتبر مدينة ، تقع على الشاطئ الشمالي الغربي لبحر الجليل ، عاش فيها يسوع المسيح آخر ثلاث سنوات من حياته. جاء في الإنجيل المقدس بأن يسوع المسيح قد ترك الناصرة وسكن فيها ” وَتَرَكَ النَّاصِرَةَ وَأَتَى فَسَكَنَ فِي كَفْرَنَاحُومَ الَّتِي عِنْدَ الْبَحْرِ فِي تُخُومِ زَبُولُونَ وَنَفْتَالِيمَ”(متى 4: 13). وجعل من كفر ناحوم، مركزًا له حتى أنها دعيت “مدينته” كما جاء في إنجيل متى 9: 1 ” فَدَخَلَ السَّفِينَةَ وَاجْتَازَ وَجَاءَ إِلَى مَدِينَتِهِ”.”
وكانت كفر ناحوم مركزًا للجباية ” وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ رَأَى لاَوِيَ بْنَ حَلْفَى جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ، فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ” (مرقس2: 14 ).
وكان فيها مركزاً عسكرياً رومياً ” فَأَجَابَ قَائِدُ الْمِئَةِ وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي، لكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَقَطْ فَيَبْرَأَ غُلاَمِي” (متى 8: 5). فيها شفى غلام قائد المئة ، وشفى حماة بطرس المحمومة “وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ بُطْرُسَ، رَأَى حَمَاتَهُ مَطْرُوحَةً وَمَحْمُومَةً، فَلَمَسَ يَدَهَا فَتَرَكَتْهَا الْحُمَّى، فَقَامَتْ وَخَدَمَتْهُمْ.” (متى 8: 15-14).
وفيها شفى المفلوج الذي كان يحمله أربعة (انجيل مرقس 2: 1-13 ) “في ذَلِكَ ٱلزَّمان، دَخَلَ يَسوعُ كَفَرناحومَ … وَكانَ يُخاطِبُهُم بِٱلكَلِمَة. فَأَتَوا إِلَيهِ بِمُخَلَّعٍ يَحمِلُهُ أَربَعَة وَإِذ لَم يَقدِروا أَن يَقتَرِبوا إِلَيهِ بِسَبَبِ ٱلجَمعِ، كَشَفوا ٱلسَّقفَ حَيثُ كان. وَبَعدَما نَقَبوهُ، دَلّوا ٱلفِراشَ ٱلَّذي كانَ ٱلمُخَلَّعُ مُضطَجِعًا عَلَيه فَلَمّا رَأى يَسوعُ إيمانَهُم قالَ لِلمُخَلَّع: يا بُنَيَّ، مَغفورَةٌ لَكَ خَطاياك!.. قالَ لِلمُخَلَّع: لَكَ أَقولُ: قُمِ ٱحمِل فِراشَكَ وَٱذهَب إِلى بَيتِكَ”.
وفيها شفى المصروع المجنون (مر 1: 21- 28 ولو 4: 31- 37) وابن خادم الملك (يو 4: 46- 54) وغيرهم كثيرين في كفر ناحوم وجوارها، ومع كل هذه العجائب والمواعض والتعاليم ، لم يؤمن سكانها ولهذا تنبأ يسوع بخرابها الكامل “وَأَنْتِ يَا كَفْرَنَاحُومَ الْمُرْتَفِعَةَ إِلَى السَّمَاءِ! سَتُهْبَطِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ. لأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي سَدُومَ الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكِ لَبَقِيَتْ إِلَى الْيَوْمِ، وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَرْضَ سَدُومَ تَكُونُ لَهَا حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا يَوْمَ الدِّينِ مِمَّا لَك”. (متى 11: 23-24)
خلال العهد البيزنطي ، تم بناء الكنائس والأديرة في جميع الأماكن التي ذكرت في العهد الجديد، وكان ذلك بين القرن الرابع والسادس ميلادي كانت كفر ناحوم من أهم المزارات المسيحية، وذلك لأنها ترتبط بشكل مباشر مع الأحداث التي ذكرت في العهد الجديد.
سكن القديس بطرس في كفر ناحوم، وبيته تحول إلى كنيسة بيزنطية على شكل مثمن الأضلاع، هدمها الفرس سنة 614 م. فى سنة 1894 م اشترى الفرنسيسكان الموقع وأقاموا سوراً حول المساحة التي اشتروها، وبعد حوالي عشرة أعوام باشروا بأعمال الحفريات. كشفت هذه الحفريات عن آثار كنيس يهودي وبعض البيوت وبقايا الكنيسة البيزنطية ولكن بعد الحفريات التي أجراها الفرنسيسكان تم اكتشافها وترميم قسم من الآثار، وفي 29 حزيران 1990 انتهت أعمال بناء الكنيسة الفرنسيسكانية الحالية وهي مبنية على شكل قارب صيد وتحتفظ تحتها بأطلال الأبنية السابقة.
يقع في القسم الشرقي من هذا المكان مساحة كبيرة تابعة للوقف الأرثوذكسي وبه توجد كنيسة القديس بطرس وبولس ذات القباب الحمراء. تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية في الثاني عشر من تموز كل عام بعيد القديسين بطرس وبولس.
تُوقر الكنيسة هذين القديسين، حيث استشهد كلاهما حبا وتفانيا في المسيح. فالقديس بطرس هو الأساس المتين الذي بنى عليه المسيح كنيسته فقال له “وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا.” (متى 16: 18)
أما القديس بولس فقد ثبت في الإيمان وبشّر بالإنجيل بكل ما يملك من قوة. داخل كنيسة القديسين بطرس وبولس توجد الكثير من الأيقونات التي تجسّد القصص الإنجيلية وتوجد والكثير من الرسومات على قباب الكنيسة وجدرانها.