المؤسسات المحلية في قرية الطنطورة…

د. محمد عقل

تاريخ النشر: 19/04/24 | 19:34

الطنطورة قرية عربية مهجرة تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط على بعد نحو 24 كيلو متر جنوبي مدينة حيفا، وعلى بعد 5 كيلو متر شمال غرب مستعمرة زخرون يعكوف. تحيط بها من الشمال كفر لام ومن الشرق الفريديس ومن الجنوب الكبارة ثم جسر الزرقاء.
والقرية من أجمل بلدان فلسطين.
في عام 1904 كان يعيش في الطنطورة 737 نسمة، وفي عام 1912 ارتفع عددهم إلى 791 شخصًا منهم عشرة من المسيحيين، وفي عام 1922 انخفض عدد السكان إلى 750 نفرًا، وفي سنة 1931 وصل عددهم
إلى 953، ثم ازدادوا عام 1945 إلى 1490 بينهم 20 مسيحيًا. ويقدر عددهم عام النكبة ب 1728 شخصًا. وهي قرية كبيرة بمقاييس ذلك الزمان.
1.إنشاء أول مجلس محلي:
في سنة 1912 كان في الطنطورة مختار اسمه نايف حسن بن الحاج إعمر. أما في عهد الانتداب البريطاني فقد تم تحويل المخترة إلى مجلس محلي. في سنة 1923 أصدر المندوب السامي أمرًا بتأليف مجلس محلي منتخب في اجتماع عمومي يجري في القرية، هذا نصّه:
قانون المجالس المحلية لسنة 1921 بفلسطين
أمر
1.قد صدر بناء على توصية حاكم المقاطعة الشمالية بتأسيس مجلس محلي في قرية الطنطورة.
2.يؤلف المجلس من رئيس وستة أعضاء يتم اختيارهم في اجتماع عمومي في القرية. قائمة بأسماء المرشحين يتم إعدادها مسبقًا من قبل حاكم اللواء بالتشاور مع الوجهاء والقرويين. يجب أن يكون المرشحون من سكان القرية ومن أصحاب الأموال غير المنقولة بها أو قادرين على تقديم كفالة قدرها 100 جنيه فلسطيني وذلك بموافقة حاكم اللواء.
3.يمكن لحاكم المقاطعة تعيين رئيس للمجلس من بين الأعضاء المنتخبين من حين لآخر، أو يُخوّل صلاحية التعيين للأعضاء.
4.يجوز للأعضاء شغل مناصبهم لمدة لا تتجاوز السنتين، ويكونون مؤهلين لإعادة انتخابهم. يجوز لحاكم المنطقة أن يقيل من المجلس أي عضو أدين بانتهاك ميثاق السلام، أو أي سلوك مشين آخر.
5.يجب للمجلس بموافقة حاكم المقاطعة أن يصدر أنظمة لحفظ الأمن في القرية. كل من خالف هذه الأنظمة يعاقب كما لو خالف أنظمة البلدية.
6.على المجلس ان ينظم ميزانية بإيراداته ومصروفاته ويعرضها على الحاكم لمصادقتها.
7.للمجلس صلاحية جباية جميع / أو قسم من الرسوم والضرائب ضمن حدود إدارته على النحو التالي:
أ) ضريبة رأس بنسبة لا تتجاوز 10 غروش في السنة على كل ذكر في القرية ممن كان عمره 15 سنة وما فوق.
ب) ضريبة على المباني بنسبة لا تتجاوز تلك المنصوص عليها في المادة الثانية من قانون ضرائب البلدية نافذة المفعول.
ج) ضريبة اثنين ونصف في المئة يدفعها المشتري على ثمن البضائع أو الحيوانات المباعة بالمزاد العلني.
د) ضريبة أثنين ونصف في المئة يدفعها المشتري من ثمن جميع الحيوانات المباعة ضمن حدود القرية.
ھ) ضريبة ثلاثة غروش شهريًا على كل جمل، حصان، أو بغل. وغرشين ونصف على كل حمار، وعلى كل ما يملكه المقيم في القرية مما يستعمل للتأجير، الركوب، الحمولة.
و) ضريبة ذبح الحيوانات يجب ألا تتجاوز النسب التالية:
-غنم: غرشان عن كل رأس
– خروف أو سخل: غرش ونصف عن كل رأس
-عجل: 5 غروش عن كل رأس
– بقرة أو ثور: 8 غروش عن كل رأس
– جمل أو جاموس: 10 غروش عن كل رأس
ح) ترخيص تجارة أو صناعات معينة تخضع لأي مرسوم يصدر من وقت لآخر.
8. تشمل صلاحية المجلس جميع الأراضي الواقعة ضمن حدود القرية.
هربرت صموئيل
(المندوب السامي البريطاني)

إلغاء المجلس المحلي:
في 23 نيسان 1932، بعد مرور نحو عشر سنوات قام المندوب السامي بإلغاء المجلس المحلي في إجزم والمجلس المحلي في الطنطورة في أمر واحد هذا نصّه:
قانون المجالس المحلية لسنة 1921
أمر من المندوب السامي أ. ج واكوب
قد أمر المندوب السامي بأن المجالس المحلية التي أُقيمت في قريتي إجزم والطنطورة
في لواء حيفا في المقاطعة الشمالية سيتم إلغاؤها.
الأمر المؤرخ في 27 آذار ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 15 أيار 1922 بشأن إقامة مجلس محلي في إجزم، والأمر المنشور في الصفحة 350 من الجريدة الرسمية الصادرة في 15 أكتوبر 1923 بشأن إقامة مجلس محلي في الطنطورة تم إلغاؤهما.
بأمر من فخامته
م. أ. يونغ
رئيس السكرتارية
في الأول من نيسان 1932

أسباب إلغاء المجلس المحلي:
لفهم الأسباب التي أدت إلى الإلغاء المذكور أعلاه نتوجه إلى الصحف التي نشرت أخبارًا عن حوادث جرت في الطنطورة وإجزم.
_في 27 نيسان 1930 أثناء شجار وقع في الطنطورة عثر لدى عربي على بندقية صيد غير مرخصة فتم القبض عليه وصودرت البندقية. (جريدة دافار)
_في 6 تشرين الأول 1931 حكمت المحكمة على أحد سكان الطنطورة بالحبس لمدة ستة أشهر بتهمة قلع أشجار من بستان يهودي بالخضيرة. (جريدة دؤار هايوم)
_في 27 آب 1931 وقع في المساء شجار عمومي في قرية إجزم جرح فيه عدد من المتشاجرين. وكانت الشجارات قد تكررت في الآونة الأخيرة ما دعا مساعد حاكم اللواء أندراوس إلى إحضار 10 من زعماء القرية وحكم على كل واحد منهم دفع كفالة مالية قدرها 150 جنيهًا فلسطينيًا. (جريدة دؤار هايوم)
_ في 29 آب 1931 فرض مساعد حاكم اللواء كذلك على سعيد صالح العمر بتقديم كفالتين معتبرتين ب 150 جنيهًا فلسطينيًا لمده سنة ضمانًا لحسن سلوكه كرفاقه. وقد أثنى مراسل جريدة فلسطين على مساعي مساعد حاكم اللواء على مساعيه لوضع حد للفساد في قرية إجزم، ودعا الفلاحين أن يُدركوا الأخطار التي تهددهم في وطنهم ولا خير فيمن يطلب الزعامة عن طريق إيجاد الخصام بين العائلة الواحدة والوطن الواحد.
هذه الأخبار تدل على أن أسباب الشجارات في الطنطورة وإجزم كانت مرتبطة بالبحث عن الزعامة، والتنافس الشديد في الانتخابات ما أدى إلى قرار إلغاء المجلسين.
يبدو أن إلغاء المجلس المحلي في الطنطورة كان إجراء مؤقتًا، إذ في بداية عام 1946 كان في القرية مجلس محلي.
2.المدرسة في الطنطورة:
تأسس في الطنطورة عام 1307ھ/1889م، أيام العهد العثماني، مدرسة. استمر التلاميذ بالتعلم في الكُتّاب في المرحلة الأولى ثم انتقلوا إلى تلك المدرسة. في العام الدراسي 1942-1943 كان أعلى صف فيها هو الصف السابع الابتدائي. في العام 1937-1938 أُنشئت مدرسة للبنات وفي العام الدراسي 1942-1943 كان أعلى صفوفها الرابع الابتدائي.
في 29 تموز 1941 قام عدد من مخاتير القرى ووجهائها بتقديم مضابط للحكومة تطلب فيها بناء مدرسة داخلية لطلبة القرى المجاورة في الطنطورة. وكانت النية أن تقوم بتحقيق هذا الحلم دائرة المعارف بالاشتراك مع الحكومة. وقد أشار مراسل جريدة الدفاع إلى أن مدرسة عالية لطلبة القرى هي الأولى من نوعها في الشمال.
في 31 آذار 1942 نشرت جريدة الدفاع تحت عنوان: “حماسة قرية الطنطورة في التعليم”: “تم جمع مبلغ 250 جنيهًا من أهالي قرية الطنطورة، التابعة لحيفا، لبناء جناح جديد للتعليم يتصل بالمدرسة الحاضرة، وقد دفعت الحكومة مثل هذا المبلغ تشجيعًا لسكان القرية الغيورين على العلم. وفي الطنطورة الآن مدرستان الأولى للذكور وعدد الطلاب فيها 150 والثانية للإناث وعدد الطالبات فيها 50. وقد تألفت لجنة في القرية وفرضت التعليم الاجباري على البنين والبنات. ويعتزم سكان القرية ارسال طالبين في كل عام إلى المدارس الخارجية العليا على شرط أن يكونا مبرزين في الدروس وسيكون إرسالهما على نفقة القرية”. ا. ھ
بسبب خلافات محلية توقف البناء في مدرسة الطنطورة. عن ذلك نشرت جريدة الدفاع بتاريخ 22 تموز 1943 ما يلي: ” علمنا أن البناء توقف في مدرسة الطنطورة الجديدة، وهو شيء مؤسف، والسبب فيه خلافات محلية بسيطة يُرجى أن تزول قريبًا، وأن يصلح وجهاء القرية ذات بينهم لإعادة العمل في البناء من أجل مصلحة القرية”.
يبدو أن البناء اكتمل في سنة 1944. في المدرسة 12 صفًا، وهي تقع في شرقي البلدة. وتعلم بها طلاب القرى المجاورة: الفريديس، كفر لام، صرفند، عين حوض، عين غزال. استعمل المعلمون الشدة والضرب حتى كاد أحد التلاميذ يموت نتيجة لضربه بالفلقة.
في عام 1947 كان مدير مدرسة ذكور الطنطورة الأميرية الأستاذ أحمد رشيد عودة. ومن المعلمين حسن محمود سلامة من خربة بيت ليد.
3.نادي النهضة:
في بداية سنة 1946 بادر أربعة من شباب الطنطورة وهم: محمد علي نور، مدحت هندي، عبد الرحمن وأحمد نعيم دسوقي إلى إقامة نادي رياضي ثقافي في الطنطورة، اسموه نادي النهضة وقرروا التواصل مع نادي الاتحادي العربي في حيفا للبحث في سبل العمل المشترك.
في 29 أيار 1946 اجتمع المبادرون الأربعة مع ممثلي نادي الاتحاد العربي وبعد نقاش مطول قرر الطرفان قيام شراكة بينهما، واتفقوا على شروط هذه الشراكة وسجلوا بنود الاتفاق على ورقة رسمية تحمل اسم نادي الاتحاد العربي حيفا -فرع الطنطورة، ومن ثم وقع الجميع على الاتفاقية.
أرسل رئيس اللجنة الرياضية رسالة إلى المحامي محمد توفيق اليحيى-ابن الطنطورة- يعلمه تأسيس فرع جديد في الطنطورة للاتحاد العربي، فأجابه بمرسال يخبره من خلاله استعداده التام لدعم النادي الجديد.
توجه نادي النهضة برسالة مفصلة إلى مجلس الطنطورة المحلي يطلب منه الدعم المادي السنوي للنادي.
بدأ شباب الطنطورة بتقديم طلبات انتساب للنادي الجديد. … ولكن لم تطل المدة.. وجاءت النكبة.!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة