انصت قليلا للغة
تاريخ النشر: 05/04/14 | 14:54بقلم: محمود مرعي
اِصْبِرْ قَليلًا لِلُّغَهْ ..
فَلَعَلَّها تَأْتيكَ أَوْ تُؤْتيكَ خاتِمَةَ ٱلْكَلامِ وَما وَراءَ ٱلْأَسْئِلَهْ..
اِصْبِرْ قَليلًا لِلْقَليلِ مُمازِجًا رَطْبَ ٱلْعَناصِرِ بِالتَّصَحُّرِ في جَوابِ ٱلْـمُشْكِلَهْ..
اِصْبِرْ قَليلًا لا تَمَلَّ مِنْ ٱلْكَلامِ إِلى كَلامِها في ظِلِّها قَبْلَ التَّجَذُّرِ وَالتَّشَجُّرِ في عُروقِ ٱلْأَزْمِنَهْ..
اِصْبِرْ قَليلًا لا تَهِجْ، لَوْ كانَ آدَمُ فيهِ مِنْكَ لَـما ٱسْتَحَقَّ تَعَلُّمَ ٱلْأَسْماءِ أَوْ زُفَّتْ لَهُ بِكْرُ اللُّغَهْ.
وَٱخْصِفْ عَلَيْكَ قَصيدَةً بِكْرًا تَجِئْكَ جُنونَ مَنْ غَبَروا وَمَنْ عَبَروا وَمَنْ خَطَروا وَمَنْ حَصَدوا غُبارَ ٱلْـمَرْحَلَهْ…
وَٱقْطِفْ قَليلًا مِنْ جُنونِ مَدائِنِ ٱلْهَذَيانِ قَبْلَ ٱلْبوصَلَهْ…
كُنْ أَنْتَ فيكَ بِلا سِواكَ… فَلَيْسَ غَيْرُكَ حَنْظَلَهْ…
وَٱغْمِسْ نِداءاتِ ٱلْغَريبِ بِماءِ عَيْنِ الدِّفْءِ في لَجَجِ ٱلْقَرائِنِ وَالدَّوالِ ٱلْـمُثْقَلَهْ…
فَلَقَدْ وَرِثْتَ عَنْ ٱلْغَريبِ هِلالَهُ وَصَليبَهُ وَجُنونَهُ وَيَقينَهُ، وَطُفولَةَ الزَّمَنِ السَّحيقِ وَغُرْبَةَ ٱلْعَصْرِ ٱلْـمُطِلِّ عَلى غِيابِكَ فيكَ مُنْذُ ٱلْبَحْثِ عَنْ وَطَرٍ عَلى وَطَنٍ تَراءى سُنْبُلَهْ…
قُمْ وَٱغْتَسِلْ مِنْ إِثْمِ وَعْيِكَ بِالصَّباحِ وَﺑِﭑلْوُرودِ وَبِالطُّيورِ ٱلْعائِداتِ مِنْ الرَّحيلِ إِلى الرَّحيلِ بِهِمَّةِ ٱلْقَرَوِيِّ باغَتَهُ ٱلْحَصادُ… وَلا تُهَجِّنْ فَوْقَ شارِعِكَ ٱلْقَديمِ قَصائِدَ ٱلْوَجَعِ ٱلْجَميلِ بِما تَيَسَّرَ مِنْ لِقاحاتِ ٱلْغُزاةِ، وَغَنِّ ما نَفَثَتْ بِرُؤْياكَ اللُّغَهْ…
اِجْلِسْ قَليلًا لِلُّغَهْ…
حَتَّى تُعَلِّمَكَ ٱكْتِمالَكَ في ٱلْعُبورِ إِلى ٱلْغَمامِ وِلادَةً أُخْرى فِلَسْطينِيَّةً…
حَتَّى تَقيكَ تَعَثُّرَ ٱلْخُطُواتِ بَعْدَ ٱلْقَلْقَلَهْ…
حَتَّى تُديلَ دَوالَها فيما تَفَجَّرَ مِنْ عِتابٍ في تَشَظِّي ٱلْحَمْدَلَهْ…
وَٱطْرُدْ سُوَيْعاتِ ٱلْفَراغِ عَنْ الطَّريقِ، تَنَحَّ عَنْ جَدَلِ ٱلْغُزاةِ عَلى تَفاصيلِ الرِّوايَةِ وَٱلْحُضورِ بِهامِشِ ٱلْـمَتْنِ ٱلْأَصيلِ… فَباطِلٌ ما كانَ إِلَّا أَنْتَ… قَبْضُ الرِّيحِ ما صَنَعوا…
دَرْويشُ هَمْزَةُ وَصْلِنا لِوُصولِنا بابَ اللُّغَهْ…
ﻓَﭑنْسِجْهُ ميلادًا لِـميلادِ ٱلْحِكايَةِ مِنْ جَديدٍ وَٱنْتَبِهْ لِلْبِئْرِ، هَلْ بَقِيَ ٱلْحِصانُ وَشَجْرَةَ التُّوتِ ٱلْأَخيرَةَ في ٱلْعَرا وَالسِّلْسِلَهْ…
هٰذا زَمانُكَ ضاقَ مُتَّسِعًا فَلا تَغْضَبْ، فَلَيْلُ الشَّرْقِ قَدْ أَرْخى عِنانَ كَلامِهِ… تَرَكَ النِّقاطَ مَعَ ٱلْفَواصِلِ في النُّصوصِ ٱلْـمُقْبِلَهْ… وَلَوى اللِّسانَ، بِرَطْنِهِ باعَ ٱلْوُضوحَ وَنَكْهَةَ التَّفْخيمِ وَالتَّجْويدِ وَالتَّرْتيلِ، صادَرَ حُكْمَ الِاسْتِعْلاءِ عَنْ عَمْدٍ بِلا ٱسْتِحْياءَ مِنْ لُغَةٍ تُصَرِّحُ أَنَّها لَمْ تَنْسُلَهْ…
اَنْصِتْ قَليلًا لِلُّغَهْ
جاءَتْ إِلَيْكَ بِحَمْلِها، وَلَدَتْ لَدَيْك جِناسَها مِنْ ناسِها… لَمْ تَمْشِ مُذْ حَمَلَتْ لِغَيْرِكَ… أَنْتَ فارِسُها ٱلْـمُعَدُّ لِلَيْلِها وَنِكاحِها… بَعْدَ ٱلْوِلادَةِ… أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّها حَمَلَتْ حَلالًا مِنْ أَبيكَ وَلَمْ تَخُنْهُ وَلَوْ بِرَفَّةِ جَفْنِها… لَمْ تَرْضَ غَيْرَكَ وارِثًا… لَمْ تَرْضَ غَيْرَكَ ناكِحًا… وَتَنَقَّلَتْ حَتَّى أَتَتْكَ بِغَيْرِ إِكْراهِ اللُّغاتِ… تَزَيَّنَتْ لِتَكونَ حَسْناءً بِعَيْنِكَ إِنْ بَحَثْتَ عَنْ ٱلْجَمالِ، وَأَهْلَ قَلْبِكَ إِنْ تَزاحَمَ فيكَ أَجْنادُ ٱلْغَرامِ دَقيقَةً قَبْلَ النُّعاسِ وَأَنْتَ تَحْشو ٱلْبُنْدُقِيَّةَ كَيْ تَصيدَ غَزالَةً وَرَدَتْ كَوارِدِ أَحْمَدٍ لِلشَّرْقِ مِنْ حِطِّينَ قَبْلَ ٱلْاِحْتِضارِ وَقَبْلَ نَرْثي ٱلْأَنْدَلُسْ..
“لا تَلْهُ عَنْها يا وَلَدْ”
هٰذا كَلامُ أَبيكَ مِنْ قَبْلِ ٱنْتِشاراتِ الشَّبابِ رُجولَةً تَرْوي عُروقَكَ… فَادَّكِرْ كَلِماتِهِ “إِنَّ ٱلْـمَنايا كَالرَّصَدْ”، “مَنْ طافَ يَبْغي نَجْوَةً// خَوْفَ ٱلْهَلاكِ فَقَدْ هَلَكْ”…
كانَتْ وَصِيَّتُهُ وَأَنْتَ رَديفُهُ صَوْبَ ٱلْحُقولِ عَلى النَّدى:
حافِظْ عَلى لُغَتي وَبامِيَةٍ مُعَلَّقَةٍ عُقودًا فَوْقَ حيطانِ ٱلْقُرى… وَجَدائِلِ الثَّوْمِ ٱلْـمُعَلَّقِ في مُعَرَّشِ دالِيَهْ..
وَٱحْفَظْ مَناشِرَ تَبْغِنا… وَٱحْفَظْ قَطيعَ ٱلْـمَعْزِ مِنْ ذِئْبِ التِّلالِ وَلا تَبِعْ لِلذَّاكِرَهْ… وَٱحْفَظْ حِماكَ وَلَوْ بَلَغْتَ مَسيرَ ذي ٱلْقَرْنَيْنِ مِنْ شَرْقٍ وَغَرْبٍ راجِلًا أَوْ راكِبًا… مُتَجَوِّلًا أَوْ ساقَكَ ٱلْـمَنْفى طَريدًا… ﻓَﭑلْأَصيلُ يُعيدُهُ لَهَبُ ٱلْحَنينِ إِلى ٱلْـمَرابِعِ… وَٱحْتَفِظْ ﺑِﭑلْبُنْدُقِيَّةِ فَالزَّمانُ بِلا أَمانٍ يا بُنَيْ…
وَٱزْرَعْ خُصوبَتَكَ ٱلْفَريدَةَ في اللُّغَهْ…
وَٱحْذَرْ تُضاجِعْها لُغاتُ ٱلْعابِرينَ مِنْ الشَّتاتِ إِلى الثَّباتِ… فَأَنْتَ وَحْدَكَ مَنْ وَرِثْتَ عِناقَها وَنِكاحَها كَيْ لا يُخالِطَ رَحْمَها ماءُ ٱنْبِتاتْ…
اِشْرَبْ صُداعَكَ وَاللُّغَهْ
اَرِّخْ عُبورَكَ في اللُّغاتِ حِكايَةً وَرِوايَةً غَيْرِيَّةَ ٱلْأَحْلامِ… أَلَّفَها ٱخْتِلافُ صُداعِكِ ٱلْـمَوْروثِ مِنْ بِدْءِ ٱلْحِكايَةِ في مَخاضٍ مِنْ حَنينٍ لِلرُّجوعِ بِشَمْسِنا مِنْ غُرْبَةِ النَّظَرِ ٱلْـمُحَدِّقِ في سُؤالِ ٱلْجَدِّ أَعْوَزَهُ ٱلْكَلامُ لَدى مُفارَقَةِ ٱلْخَريطَةِ وَٱرْتِفاعِ ٱلْـمَوْجِ مِنْ جِهَةِ السُّكوتِ عَلى جَفافِ السَّاقِيَهْ…
سافِرْ عَلى مَتْنِ ٱلْكِتابَةِ وَٱنْفِ حاضِرَةَ ٱلْهَوامِشِ مِنْ طَريقِكَ صَوْبَ فَجْرِ حُضورِكَ ٱلْباقي بِمَتْنِ النَّصِّ لا جُمَلاً تَدورُ مَعَ الرَّحى…
نَقِّحْ خُطاكَ فَقَدْ يُعانِقُها ٱلْغُبارُ بِإِثْمِهِ وَتُضِلُّكَ ٱلْخُطُواتُ إِثْرَ تَوافُدِ الرُّكْبانِ مِنْ مَنْفى ٱلْخِيامِ إِلى مَحَطَّاتِ ٱلْحَمامْ…
صادِقْ وُجودَكَ غائِبًا وَمُغَيَّبًا عَنْ ذاتِ ذاتِكَ.. أَوْ ذَواتِكَ قاطِعًا مُدُنَ ٱلْكَلامِ عَلى ٱلْكَلامِ… وَمُبْعِدًا عَنْكَ ٱلْبَلاغَةَ مِنْ خِطابٍ أُمُّهُ جَهِلَتْ أَباهُ وَمَنْ يَكونُ… لِكَثْرَةِ ٱلْآباءِ في لَيْلاتِ خَمْرَتِها… فَقَدَ باعَتْكَ ﺑِﭑلْكَأْسِ ٱلْأَخيرَةِ في مَواخيرِ ٱحْتِرافِ ٱلْجِنْسِ يورِثُ مُتْعَةً لا حَمْلَ يَعْقُبُها حَلالًا أَوْ سِفاحَا…
وَتَأَبَّطْ ٱلْـمِشْكاةَ في لَيْلِ ٱلْغَريبَةِ إِنْ أَتاكَ سَريرُها… وَٱسْأَلْهُ عَنْ أَثَرِ اللُّغاتِ بِغَلَّةِ التَّاريخِ مِنْ سِفْرِ ٱلْجَليلِ وَصَفْحَةِ النَّقَبِ ٱلْـمُشَرِّشِ في ٱلْعَذابِ وَفي السَّهَرْ…
وَدِّعْ هُرَيْرَةَ لا هُرَيْرَةَ يا فَتى… فَالدَّرْبُ مَسْكونٌ بِجِنِّ ثَمودَ أَوْ عادٍ وَلا أَمَلٌ يَلوحُ عَلى كَواكِبِ صَمْتِنا.. وَٱتْرُكْ عُنَيْزَةَ تَلْتَقِطْ أَثَرَ ٱلْقَوافِلِ… وَٱنْسَ عَزَّةَ وَالرَّبابَ فَلَيْسَ تُغْنيكَ الثُّغورُ عَنْ الثُّغورِ وَلَيْسَ تُغْنيكَ النُّهودُ عَنْ النُّهودِ، خُلِقْتَ فَرْدًا لِلْأَعالي لا لِقاعٍ أَوْ غَديرٍ، كُلُّ دُنْياكَ ٱحْتِقانُ تَآمُرٍ مُسْتَأْسِدٍ ﺑِﭑسْمِ ٱلْغُزاةِ ٱلْـمارِقينَ مِنْ الزَّمانِ ٱلْخائِبِ.
تَأْتي تُؤَوِّلُ لِلْأَواخِرِ أَوَّلَكْ … وَتَطوفُ في حَلَكٍ يَطوفُ بِلا فَلَكْ
وَتَجيءُ كَيْ تَأْتي وَكُلُّكَ قَدْ مَضى … لا أَنْتَ أَنْتَ وَلا الصَّهيلُ قَدْ ٱشْتَبَكْ
تُصْغي لِأَيْنِكَ، هَلْ تَكاثَرَ هَمْسُهُ … أَمْ أَنَّ جَرْسَ الرِّيحِ شَوَّشَ مَسْمَعَكْ؟
وَتَضِلُّ أَصْواتُ ٱلْغِيابِ حُضورَها … وَتَظَلُّ تَسْأَلُ مَنْ بِذاتِكَ فَرَّقَكْ؟!
ﻓَﭑمْلَأْ مَواقيتَ اللُّغَهْ
ما زالَتْ اللُّغَةُ ٱلْجَديدَةُ تَصْطَفيكَ فَلا تُساوِمْها عَلَيْها، أَوْ تُراوِغْ ما تُفيضُ مِنْ ٱلْجَمالِيَّاتِ وَٱلْإِعْجازِ في بابِ ٱلْـمَجازِ إِذا تَكاثَرَتْ ٱلْـمَعاني، أَوْ تَكاثَرَتْ الظِّباءُ عَلَيْكَ وَٱرْتَدَّ الرَّصاصُ إِلَيْكَ مُجْتَمِعًا فَكُنْتَ الصَّيْدَ إِذْ أَوْكَتْ يَداكْ…
إِنَّ ٱلْحَقيقَةَ مُلْكُها وَقَرارُها لا مُلْكُ مَنْ بَذَرَ الزَّمانَ بِأَصْفَرٍ، كَيْ تولَدَ الدُّوَلُ اللَّقيطَةُ في زَقاقِ ٱلْأَزْمِنَهْ…
وَتَغيبُ أَنْتَ مَعَ ٱلْـمَكانِ، تَصيرُ وَجْهًا قَدْ مَضى مِنْ قَبْلِ تورِقُ في مَداكَ ٱلْأَمْكِنَهْ…
شَكِّلْ حُضورَكَ في اللُّغَهْ
لا تُعْطِ غَيْرَكَ حَقَّ شَكْلِكَ في ٱلْبِدايَةِ وَٱلْخِتامِ وَحاذِرْ السَّكَناتِ فَهْيَ نِهايَتُكْ… ضَعْ ما يُناسِبُ وَجْهَكَ ٱلْعَرَبِيَّ قَبْلَ عُصورِ تَقْييدِ ٱلْكَلامِ تَعَهُّرًا وَمَذَلَّةً بِمَعاجِمِ ٱلْـمَلِكاتِ وَٱلْـموزاتِ إِذْ سَبَّحْنَ ﺑِﭑسْمِ ٱلْعِلْجِ قَبْلَ اللهِ حُبًّا ﺑِﭑلهِدايَةِ وَالتُّقى ٱلْعَصْرِيِّ، في فَتْوى جَوازِ تَبادُلِ الرُّؤَساءِ لِلزَّوْجاتِ في حَلَقاتِ ذِكْرِ ٱلْـمالِ أَوْ فِقْهِ ٱلْإِشاعَةِ حينَ يُطْلِقُها فَقيهٌ خارِجٌ مَزَجَ ٱلْـمَذاهِبَ ﺑِﭑلْـمَذاهِبِ… قَبْلَ تَتَّسِعُ ٱلْخُروقُ عَلى الرَّواقِعِ… أَوْ مَخافَةَ حاسِدٍ يَعْزو تَراكُمَ حِصَّةِ ٱلْأَرْباحِ إِنْ كانَتْ هَدايا، لِلْفَسادِ ٱلْعامِ أَوْ سوءِ ٱلْإِدارَهْ…
لِعَلامَةِ التَّرْقيمِ عُمْرٌ في اللُّغَهْ
وَعَلامَةُ التَّرْقيمِ تَرْسُمُ وَقْتَكَ ٱلْـمُمْتَدَّ في لُغَةِ ٱلْحَياةِ… بَقاءَكَ ٱلْـمَسْموحَ ما بَيْنَ ٱلْفَواصِلِ وَالنِّقاطِ بِآخِرِ ٱلْجُمَلِ ٱلْفَصيحَةِ في رَحيلِكَ عَنْ فَضاءِ النَّصِّ نَحْوَ غَيابَةِ ٱلْجُبِّ ٱلْـمُهَرَّبِ في مَجازِ كَلامِكَ ٱلْـمَقْطوعِ مِنْ شَجَرٍ… بِعُرْفِ مُفَسِّرِ التَّحْليقِ فَوْقَ شُموسِهِمْ… مَنْ أَنْتَ كَيْ تَعْلو بِغَيْرِ جَناحِهِمْ… وَتَظَلَّ مُرْتَفِعًا تُمَسْرِحُ ما مَضى، يُعْليكَ فَوْقَ سُطورِهِمْ وَحُضورِهِمْ؟!… إِذْ أَنْتَ في عُرْفِ ٱلْمَنابِرِ بِدْءُ مَحْظوراتِهِمْ مُنْذُ ٱرْتَفَعْتَ بِلا جُناحٍ وَٱسْتَوَيْتَ عَلى جَناحٍ لا نِقاطَ لِوَقْفِهِ عَنْ قَطْعِ آفاقِ الصُّعودِ إِلى حَنينٍ لا يُطِلُّ عَلى سِواكَ وَما ٱسْتَعَرْتَ مِنْ ٱلْجَمالِ عَلى سُفوحِ ٱلْحُزْنِ في أَرْضِ ٱلْجَليلِ… وَما حَفِظْتَ مِنْ ٱلْغِيابِ بِحاضِرٍ هُوَ أَنْتَ في سَفَرِ ٱلْحُلولِ بِنَصِّ والِدِكَ الَّذي أَعْطاكَ قَبْلَ رَحيلِهِ كوشانَ إِرْثِكَ في اللُّغَهْ…
في هَمْزَةِ ٱلْقَطْعِ ٱحْتِضارُكَ ﻓَﭑلْقِها تَحْيَ اللُّغَهْ
دَعْ خَطَّ سَيْرِكَ وَجْهَ نَصِّكَ لا وُجوهَ قَرائِنٍ تُفْضي إِلى لُغَةِ ٱلْجَنائِزِ وَٱلْعَجائِزِ حينَ تَحْفَلُ بِالسُّكونِ وَبِالنِّقاطِ، وَخُذْ جَنى ٱلْإِعْلالِ وَٱلْإِبْدالِ عُنْقودًا مِنْ الرُّطَبِ ٱلْجَنِيِّ لِبَعْضِ سَيْرِكَ وَٱنْتَبِهْ لِشِباكِ هَمْزَةِ قَطْعِنا، وَٱعْدِلْ لِهَمْزَةِ وَصْلِنا فَبِها حَياتُكَ وَاللُّغَهْ…
شَكِّلْ حُروفَكَ حاضِرًا مُسْتَقْبِلًا وَٱحْذَرْ فَضا ماضٍ يَجُرُّ نُكوصَهُ ٱلْعَبَثِيَّ عَنْ طَرْدِ ٱلْغُزاةِ عَنْ ٱلْحُداةِ لِـمَنْعِ صَرْفِ تَعَقُّلِ ٱلْحُكَماءِ مِنْ عَرَبٍ لَدى خَبَبٍ مَشى بَيْنَ ٱلْأَزِقَّةِ أَنْشَدَتْهُ ٱلْـمِقْصَلَهْ… ما جِئْتَ تُحْضِرُ غائِبَكْ؟… بَلْ كَيْ تُغَيِّبَ حاضِرَكْ؟…
خُذْ مِنْكَ بَعْضَكَ لِلْوُفودِ عَلى اللُّغَهْ
في حَضْرَةِ اللُّغَةِ ٱلْجَليلَةِ لا تُعاقِرْ غَيْرَ خَمْرَتِها ٱلْعَتيقَةِ، صُبَّ أَنْتَ وَآخَرُكْ… حَتَّى إِذا اتَّسَعَتْ حُروفُكَ لِلسُّؤالِ وَغُصْتَ ﻛَﭑلْـمَمْسوسِ مِنْ جِنٍّ، تَأَكَّدْ أَنَّها عَشِقَتْكَ وَحْدَكَ لِلْأَبَدْ…
فَإِذا صَحَوْتَ مِنْ ٱلْـمَنامِ فَقُمْ لَها عَبْدًا تَقُمْ أَمَةً بِكامِلِ عُرْيِها وَنَضارَةِ ٱلْجَسَدِ ٱلْـمُسافِرِ في الزَّمانِ وَفي ٱلْـمَكانِ إِلَيْكَ وَحْدَكَ… ﻓَﭑشْرَبْ ٱلْحَرَكاتِ وَالسَّكَناتِ وَٱلْإِنْشاءِ قَبْلَ بَلاغَةِ ٱلْإِيجازِ في قُبَلٍ تُضيءُ مَنارَةَ ٱلْإِعْجازِ في إِدْراكِ تَوْرِيَةِ التَّبادُلِ في ٱلْبَدائِلِ لِلْمَعاجِمِ كَيْ تُشَكِّلَ مُعْجَمَكْ… ﻓَﭑسْكُنْ إِلى اللُّغَةِ ٱلْـمُضيئَةِ في اللُّغَهْ…
لِلْفيجَنِ ٱلْجَبَلِيِّ حَقٌّ في اللُّغَهْ…
وَلِسُنْبُلاتِ ٱلْقَمْحِ في ٱلْحَقْلِ ٱلْـمُتاخِمِ لِلْأَساطيرِ ٱلْقَديمَةِ عائِلَهْ…
لِلزَّعْتَرِ ٱلْبَرِّيِّ لِلْمُرَّارِ لِلْجِعْساسِ وَالزُّوفا مَعَ الطَّيُّونِ مُعْتَنِقًا هَوامِشَ شارِعٍ أَوْ وَعْرَةٍ حَقٌّ بِما تَلِدُ اللُّغَهْ…
وَٱلْحَقُّ بِاللُّغَةِ ٱسْتَراحَ لِأَهْلِهِ… لِلتِّينِ لِلزَّيْتونِ لِلنَّخْلِ ٱلْـمُحَلِّقِ فَوْقَنا كَيْ يَحْضُنَ الدُّورِيَّ في أَعْشاشِهِ وَحَمامَةً رُقْطِيَّةً تَصْحو عَلى وَقْتِ ٱلْأَذانِ، صَلاتُها عَزْفٌ عَلى نايِ الصَّباحِ، وَبُلْبُلًا تَخِذَ ٱلْغُصونَ مَلاعِبًا وَمَلاذَ لِلْحَمَّامِ يَنْفُضُ ريشَهُ في الشَّمْسِ أَوْ يَتَفَلَّى…
لا تَبْتَئِسْ إِمَّا صَحَوْتَ بِلا ظِلالِ نَخيلِنا… ما زالَتْ اللُّغَةُ ٱنْعِتاقَكَ مِنْ مَنامِكَ أَوْ عِتاقَكَ فَوْقَ ريحٍ غَيْرِ ذي وَقْتٍ يُطِلُّ مِنْ ٱلْغِيابِ عَلى غِيابِكَ فيكَ مُنْعَرَجَ ٱلْكَلامِ وَخُطْوَتِكْ…
وَلِسورَةِ ٱلْإِسْراءِ ضَوْءٌ في اللُّغَهْ
رَتِّلْ حَداثَةَ وَعْيِنا ﺑِﭑلْـمُفْرَداتِ الطَّالِعاتِ مِنْ ٱلْعُصورِ مُجَرِّدًا عَنْها عَباءَتَها ٱلْقَديمَةَ مِنْ قِراءَةِ سورَةِ ٱلْإِسْراءِ، ثُمَّ ٱقْطَعْ لِسانَ ٱلْقائِلينَ بِنورِها ٱلْآتي حَياةً وَٱنْبِعاثًا مِنْ مَقابِرِنا ٱلْقَديمَةِ وَٱلْجَديدَةِ في هَياكِلِ جَهْلِنا الرَّعَوِيِّ بِالنَّصِّ ٱلْـمُقَدَّسِ لا يُشابُ بِضِدِّهِ قَوْلًا وَحادِثَةً تُهَدِّمُ ما يُشيدُ وَما يُرَتِّبُ مِنْ حُضورِكَ، ناثِرًا ما قَدْ تَكَوَّمَ مِنْ رَمادِ ٱلْـمَوْتِ في جَسَدِ اللُّغَهْ…