“حين تنطق الأرض وتبكي السماء”

رانية مرجية

تاريخ النشر: 19/06/25 | 10:33

(1)

أنا أكتبك،

لأنك تنزفُ في صدري،

ولأن اسمك، يا شعبي،

لا يزال يُجلد على أرصفة الأمم.

أنا لا أنظم الشعر،

أنا أصرخ.

أنا لا أكتب قصيدة،

أنا أفتح جرحًا،

وأشهق.

يا شعبي،

أن أكتبك بالدم،

أن أصرخ: فلسطين!

أن أصرخ: حرية!

لن يُشبع أفواهًا جائعة،

ولن يُعيد بيوتًا دمرتها الصواريخ.

لكنّي أصرخ،

لأن الصمت خيانة،

والكلمات ذخيرة من نوعٍ آخر.

ليتني،

والله ليتني

رصاصة لا ترتجف،

قنبلة لا تعتذر،

مقلاعًا في يد طفل غاضب

ينطق بما عجز عنه الكبار.

ليتني خنجرًا في خاصرة خائن،

وصفعة في وجه محتل،

وصوتًا لا يُشترى ولا يُسكت.

(2)

هل صلبوك ثانية؟

هل شدّوا أطرافك بالحبال

وعلّقوك أمام الكاميرات،

وعلى شفاههم ضحكة ناعمة كالكذب؟

هل رسموا مجدك

بأقلام ممولة،

ودمّروك بأيدٍ وقحة

تكتب باللغتين؟

دعني أكون ما تبقّى لك من العزاء.

دعني أرفع أوجاعك،

أضمّدها بالقصائد،

أرتّل أسماء شهدائك

كما نرتّل المزامير في قداس الغضب.

أقسم لك،

لن أرتدي حذاءً ما دام شوكك يحرس الأرض.

سأسير حافيةً،

وأفتخر.

كلّ شوكة من أرضك

وسام.

(3)

ويا غزة…

يا سيدة هذا الجحيم،

يا منجنيق الأنبياء،

يا مئذنة مكسورة لا تركع،

يا طفلة تغسل وجهها بالبارود

ثم تبتسم!

لسنا نواسيكِ

بل نعتذر لأننا خذلناكِ كثيرًا.

لكن اسمعيني الآن:

لن نتركك،

لن نبدّلك بمائدة أو تصريح،

لن نسكت.

سأسقي ترابك من وريدي،

لا لأطهّرك،

بل لأطهّر نفسي من خزي الصمت.

سأكنس رماد التخاذل عن وجهك،

وأعمدكِ بنداء الحياة.

(4)

لن ينهش لحمك بعد اليوم ذئب عربيّ،

ولا ثعلب أمميّ،

ولا جلادٌ بلغة حقوق الإنسان.

أنتِ الصرخة التي لا تُترجم،

أنتِ المعنى،

أنتِ بداية القصيدة ونهايتها.

وسأغسل كلّ ذرة فيك

بدمٍ لم يُخن،

بدمٍ ما زال يقول:

أنا هنا،

وأنا باقٍ،

وأنا أقاتل بالكلمة والسلاح والحبّ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة