محاورة مع الكاتبة والشاعرة الفلسطينية نجاح داوود
تاريخ النشر: 27/11/18 | 15:58الكاتبة والشاعرة الفلسطينية نجاح داوود: “قصائدي يكللها الحزن والدموع مدادها”
س. من هي نجاح داوود؟
هي امرأه من زمن آخر، طفله متمردة، فتاة رمى الزمان أعباءه على أكتافها مبكرًا، تحملت المسؤولية وخاضت تجارب مؤلمة، والأكثر ايلامًا كان الابتعاد عن مسقط رأسها وعائلتها. فقدت والدتها وهي في مقتبل العمر، فكانت تجربتها في الحياه قاسية ومرٌة ، تعلمت من هذه التجربة الشيء الكثير، وكان الحزن رفيق دربها، والدمع لا يفارقها، وكانت أقرب إلى الجد في تعاملها، حتى لقبت بالمرأة الحديدية.
نجاح داوود هي عضو في منظمة العفو الدولية أمنستي للدفاع عن حقوق الإنسان، وعضو في حركة النساء العاملات والمتعلمات في الوسط العربي، وكذلك عضو في لجنة رفع مكانة المرأة في بلدية طمره لتطوير المصالح والمشاريع العامة، وأشغلت نائبة ومستشارة لرئيسة الحلاقين في الوسط العربي والشرق الأوسط .
عملت حكم دولي بالاشتراك مع 50 دولة عربية واوروبية في فن التجميل، وحصلت على لقب شخصية العام 2009 في الوسط العربي، وأختيرت كمرشحة لجائزة روتشيلد في التربية من الوسطين العربي واليهودي وحصلت على عدة جوائز تقديرية في البلاد وخارجها. في العام 2004 – افتتحت كلية للتجميل باسم كلية النجاح، وألفت كتاباً في موضوع التجميل، تم التدريس به في الوسط العربي .
درست موضوع الصحافة، تكتب القصة القصيرة، الخاطرة، المقال، الشعر، والنثر، أصدرت ديوانين، وهناك ديوانين آخرين، وكل ذلك يعود إلى زوجي الذي دعمني في جميع المجالات كي احقق طموحاتي.
س. حدثينا عن بداياتك الشعرية وما هي المؤثرات في تكوين تجربتك الشعرية؟
البدايات كانت من أيام الدراسة بعد أن اكتشفت معلماتي هذه التجربة واتقاني للغة العربية بشكل جيد، فكنت محط أنظار المعلمات، وكن يطلبن مني الاشتراك في النشاطات المدرسية، وكنت أكتب الخواطر الشعرية والنصوص النثرية واقرأها في المناسبات، وكنت القى استحسان الجمهور، وهذا كان محفزًا حودافعًا لي لمواصلة الكتابة وتنميه هذه الموهبة حتى وصلت الى ما أنا عليه الآن والحمدلله. ولإثراء هذه الموهبة كان لا بد ان أطلع على أعمال ومؤلفات الشعراء الفلسطينيين والعرب أمثال : محمود درويش وسميح القاسم ونزار قباني وأحمد شوقي والمتنبي وغيرهم من الشعراء، ومع بداية انتشار مواقع التواصل الاجتماعي ودخولي هذا العالم الافتراضي أتيح لي التعرف على الكثيرين من فرسان الشعر وطبعًا كان لهذه المعرفة دورًا كبيرًا في نضوج تجربتي الشعرية.
س. ما هي القضية المركزية التي تؤرقك وتدور حولها نصوصك الشعرية؟
أولا القضية الرئيسية هي الوطن والانسان، وهذه الأمة التي اصبحت في الحضيض، بعد كل التنازلات التي قدمت، ولم نحصل على حقوقنا المشروعة.
القصيدة هي التي تكتبنا، حسب الحالة التي نعيشها في هذا الزمان، ولا أبالغ إذا قلت أن معظم القصائد يكللها الحزن، ودموعنا هي مداد هذه القصائد التي نكتب.
س. هل تتقيدين بمنهجيه في كتاباتك؟
الشاعر لا تحكمه منهجيه معينه، وولادة القصيدة تأتي بعد مخاض عسير وحالة نفسية خاصه للشاعر، فيرسم كلماتها وفق ما يرى، وبأي حس وجنس أدبي، نثرًا او نظمًا، المهم في النهاية أن يعبر عن ذاته والفكرة التي أراد معالجتها .
س. حركة النقد المحلية ما رأيك بها؟؟ وهل للعلاقات الشخصية أثر في الكتابة النقدية؟ هل انصفك النقد؟ ومن يعجبك من نقاد الشعر في بلادنا؟
بصراحه، وبدون مجاملات، لا أرى النقد في مجتمعنا من اجل النقد، وتشريح العمل الادبي، وتبيان الرؤيا الأدبية فيه، وتأويل النص حسب قواعد النقد الحديث، أو ما يريد ايصاله المبدع إلى المجتمع من خلال وجهة نظر عامة. أقولها بصدق، وبكل صراحه النقد اصبح لتلميع الشاعر وتقديمه بشكل مغاير لمَ هو عليه، وأرى الكثير من النقاد يتناولون نصًا ليس له مقومات شعريه، ولا يحمل في مضمونه أي معنى، فيمجد صاحبه حتى يوصله الى السحاب. وبالنسبة لي النقد انصفني او لم ينصفني فالأمر سيّان عندي، فأنا أكتب لذاتي ولمجتمعي وما كنت اسعى يومًا لتلميع صورتي. والشاعر بنظري هو ما يثبت نفسه بما يقدم من أعمال أدبية، والمهم عندي ان تصل الكلمة بمنتهى الشفافية.
وحول من يعجبني أو لا يعجبني من النقاد في بلادنا، فأرجو ان تعفيني من الاجابة عن هذا السؤال، فلا اريد خلق حساسية بيني وبين احد، لكن امثالك أخي شاكر ككاتب وناقد، فقد أجدت وأثريت كتابي “نايات الحنين ” بنبض قلمك وأصبت في الصميم .
كذلك الصديق الكاتب والشاعر هيثم احمد مخلالاتي، صاحب الكلمه الذهبيه المشعه التي أنارت صفحات كتابي ” نزف قلم “، والكاتب الأستاذ محمد علي سعيد الناقد الموضوعي جدا في نقده، ويعتبر نقده شهاده للحركه الادبية، وقد كتب لي مقدمه ديواني الثالث ” مد وجزر ” الذي سيخرج الى النور قريبًا.
وليس مجاملة أقول أنكم أنرتم صفحات كتبي بعبق كلامكم يا أصحاب الكلمه الصادقه، فضوءكم المتوهج يضفي النور على عتمه الطريق ويمتد على مساحات الوطن، وتسمو مبادئكم عبر الفضاءات الواسعة لتصل الى قلوب الملايين، وقد كتبتم بإحساس صادق وأثلجتم صدري بنقدكم البناء .
وأنت أيها الفارس الأصيل شاكر فريد حسن تعجز حروف الأبجدية أن تجمع كلمات توفيك حقك يا صاحب المبادئ، التي قلما نجدها في هذا الزمن.
س. كيف تقيمين المشهد الادبي النسوي المحلي ؟
من خلال ما أقرأ من نتاج أدبي في الساحة وعبر وسائل التواصل، أرى الكثير من الأعمال التي تقدمها المراة جديرة بالاحترام والتقدير، لأنها تتحدث عن معاناتها الشخصية في المجتمع، والكلمة الصادقة الأهم برأيي إن كانت لإمراة أو لرجل، لكن أريد القول: لا تعطوا حجمًا اكبر لمن لا حجم له.
س. لمن تقرأ نجاح داوود، وماذا تقرأ، ومن يعجبك من الشعراء العرب والمعاصرين؟
هذا السؤال اجبت عنه حين تحدثت عن تجربتي الشعرية ونشأتي ، اما اليوم فأرى الكثير من الشعراء الذين خرجوا إلى النور بعد الثوره المعلوماتية، وهنالك الكثير منهم فللأسف الإعلام لا ينصف الكثير منهم، فهناك مثلًا الشاعر الفلسطيني محمد لافي، شاعر يشار له بالبنان، وشعراء عرب منهم: عبدالله البردوني اليمني والجواهري واحمد عبد الرازق من العراق والشاعر هيثم المخللاتي من سوريا.
س. ماذا يعني لك الحب , الوطن , الغربة, الأمومة وكيف تتجلى هذه المفردات في قصائدك ؟
الحب أنواع وأسماء ومراحل، والحب مشاعر نابضة ومواقف إنسانية ومبادىء، ولكن يصعب تعريفه في هذا الزمن الرديء الأصفر.
الوطن: سليب.
الغربة: دمعة مقهور على طريق العودة.
الأمومة وجود واستمرار للحياة.
وقصائدي مفرداتها تفسر حجم المعاناة التي نعيشها، وهي مرآه النفس وانعكاسات ألم في دواخلنا وأعماقنا.
س. مفهومك للحرية هل المرآه العربية نجحت في تناولها ؟
ما زلنا نحاول بشق الأنفس، والكثير ممن يدعون الرجولة ما زالوا يظنون أنفسهم أوصياء على المرأة، ومنهم يقف عقبة أمام تحرر المرأة من القيود، التي فرضها المجتمع من عادات وتقاليد تحد من حريتها وطموحاتها، لكن هذه المواقف لن تثني من متابعه الطريق نحو التحرر من القيود المفروضة، وقد نجحت الكثيرات من تجاوز وتخطي هذه العقبات.
س. حدثينا عن إصداراتك الشعرية؟
الإصدار الأول كان” نايات الحنين “باكورة أعمالي واحتوى على قصائد عمودية ونثريه، تتناول الكثير من القضايا، لا مجال الخوض فيها الآن، ومن يقرأ الديوان يرى الكثير من المواضيع التي تطرقت لها في سياق الحديث، والإصدار الثاني ” نزف قلم “، والإصدار الثالث ” مد وجزر “يحتوي على نصوص شعريه عمودية ونثرية، والإصدار الرابع قريبا انشاء الله، وهو ” ذبح الهديل “، نصوص شعريه عمودية، ومعظمها تروي معاناه المرأة الفلسطينية خصوصًا، والعربية عمومًا .
س. ما هي القصيدة التي تعتزين بها من مجموع قصائدك؟
وهل تستطيع الأم تفضيل ولد عن الاخر، فكلهم أولادي وكل ما اكتب هو جزء مني، واعتز بكل قصيده كتبتها، ان كانت نثريه او عمودية.
س. كيف ترين دور المثقف في أيامنا هذه ؟هل تغير هذا الدور؟ وكيف تنظرين الى علاقه المثقف بالسلطة ؟
المثقف هو قبس النور الذي يضيء العتمة في حياه الشعوب، ولولا الثقافة والمعرفة لما خرجت الكثير من الأمم الى النور لتلحق الركب في التطور واثبات الذات، وهذا يقع على عاتق المثقفين والأدباء .وأرى ان الدور أصبح أكثر إيجابيًا من ذي قبل، ونرى ذلك عبر وسائل الاعلام والجهود المبذولة من قبل المثقفين العرب.
أما علاقه المثقف بالسلطة فمضطربة كثيرًا، لان السلطة لها منظورها الخاص، والمثقف له رؤيته الخاصة، ولكن منهم أصبح بوقًا للسلطة، والأخر يضحي بالكثير لإثبات الحقائق.
ما هي مشاريعك المستقبلية؟
بخصوص مشاريعي المستقبلية سبق وذكرت لدي إصدار جديد سيرى النور قريبًا بعنوان ” ذبح الهديل “!، وسأبقى حتى النفس الأخير ولن أستكين ، وسأعطي كل ما أملك على الصعيدين الأدبي والاجتماعي وأمد يد العون لكل من يلجا إلي.
حاورها: شاكر فريد حسن