عودة إلى حوالي
تاريخ النشر: 03/06/18 | 2:27كنت قد كتبت عن صحة استخدام (حوالي) بمعنى نحو أو زُهاء- في قولنا: حضر حوالي مائة. (قطوف دانية في اللغة العربية، ج1، ص 197)، وقلت:
بسبب االخلاف في صحة (حوالَي) في اللغة وافق مجمع اللغة العربية في دورته الأربعين- آذار 1974، على قرار لجنة الأساليب والألفاظ بأغلبية الأصوات بقبول (حوالَي) بمعنى زهاء، وألا تقتصر على المكانية فقط.
..
غير أني لم أجد في الشعر العربي- ما استطعت إلى ذلك سبيلا- لفظة (حوالي) بغير معنى (حول).
يقول المتنبي في قصيدته التي يهجو بها كافورًا الإخشيدي:
أيدٍ مقطعةٌ حوالي رأسه *** وقفًا يصيح بها ألا من يصفع
ومن شعر حافظ اخترت لكم:
وابنوا حوالَيْ حوضكم من يقظة *** سورًا وخطّوا من حذار خندقا
….
شخصيًا أفضل استخدام “نحو ألف شخص”- (نحو، ومعناها في اللغة- مقدار، قصد، طريق، جهة…)، أو زُهاء ألف (معناها في اللغة- مقدار)، وهذه الواردة كثيرًا، بل غالبة في كتب التراث.
مع ذلك، وفي أثناء بحثي وتجوالي بين الكتب الأدبية واللغوية قرأت في (معجم الشعراء) للمَرْزُباني – ت. 994 م- وفي ترجمة محمد بن نصر الكاتب:
“ويكنى أبا بكر، ويعرف بالزحوفي، لأنه كان يتعاطى علم العَـروض والزِّحاف فيه، فغلب عليه، توفي حوالي الثلثمائة”.
يعني أنه توفي زهاء سنة ثلاثمائة للهجرة.
(معجم الشعراء، ص 828.)
فإذا كثرنا كنا حوالي العشرين، وإذا قل عددنا كنا حوالي العشرة- ابن الجَوزي (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم).
واستخدمها بمعنى المقاربة الزمانية والعددية بكثرة الزِّرِكْلي في (الأعلام).
…
وثمة نماذج أخرى أوردها المتأخرون، وهي شائعة، ولا بد من قبولها.
..
حول ظرف مكان ملازم للظرفية والإضافة، ويثنى ويجمع فيقال: حوليه وأحواله،
وحَوال مثل “حول”، فيثنى على حَوالي.
المشكلة الآن في إعراب (حوالَي) التي أجازها جميع النحويين على أنها ظرف مكان:
وقفت حواليِ المبنى.
حوالي: ظرف مكان منصوب، وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى، وهو مضاف.
..
لكن المشكلة في التعبير المستجد بمعنى (نحو أو زهاء)= حضر حوالي عشرين، ساعدت حوالي عشرة محتاجين، وصل العدد إلى حوالي ….
في إعراب هذه الجمل:
..
رأيي أن المشكلة ليست قائمة في “ساعدت حوالي…”= مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء، وليست في “إلى حوالي..”= اسم مجرور بـ إلى وعلامة جره الياء لأنه مثنى.
..
المشكلة هي في الجملة الأولى “حضر حوالي..”، وكان من المنطق أن تكون “حضر حوالا..”- مرفوعة ، وعلامة الرفع الألف لأنها مثنى.
لكن هذا الاستعمال لم يرد في كتب اللغة، ولم يُسمع به، فقولنا “حضر حوالي..” تعبير جديد في اللغة، ولذا فإعرابه سيكون جديدًا، وهأنذا أحاول:
حضر حواليْ ألفٍ.
حوالي: فاعل مرفوع محلاً، وهو منصوب لفظًا، وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى.
..
* عدت إلى هذا الموضوع بناء على طلب أستاذ للعربية سألني: ما إعراب: اشترك في المسابقة حوالي عشرين رياضيًا.
ب. فاروق مواسي