صور وذكريات..

تاريخ النشر: 30/01/18 | 11:48

” ترامب ” والنّوريات والسّعدان وحمير النَّوَر.

سألوا أم حاتم عن زوجها , بعد أن بحثوا عنه طويلآ , ولم يجدوه ..
أين زوجك .!؟
فأجابت : انه في براري القرية ..
ماذا يفعل هناك ..!؟
فأجابت ,وهي تحاول إخفاء ابتسامتها : ” راح يتعلَّم البيطرة بحمير النَّوَر .!” .
والبيطرة هي مداواة الحيوانات .. والبيطار هو طبيبها ..
والنَّوَر هم قوم عاشوا في بلادنا , واختلف الناس في أصلهم.. فمنهم من قالوا ,أنهم من أصل عربي , ومنهم من أنكر عليهم ذلك .!
لم يسكنوا في مكان دائم .. أو في بيت من حجر أو طين ..
تنقلوا بين قرانا .. يقيمون في البلد أياماً أو أسابيعاً قليلة . ثم ينتقلون الى بلد آخر , ليعرضوا بضاعتهم وخدماتهم لسكانها..
فمنهم النّجار . الذي يعمل ويصلِّح عيدان الحراثة , ومنهم الحدّاد ,الذي يَحسِم ( يجدِّد ) سكة المحراث المهترئة , ومنهم من يحذّي سنابك الخيل , والذي يبيِّض قدور الطّبخ ودلّات القهوة النحاسية , والذي يمضِّي السكاكين وشرخات التحطيب , والحلاق , وقالع الأسنان الخرانة..
ومنهم من كان يقدِّم للقرية الترفيه والتسلية ..
فالنّوريات كنَّ يرقصنَ على الحبال ,التي كانت تنصب بين سقفين لبيتين بينهما ساحة , يجتمع فيها أهل البلد , ويفرش في زاوية منها منديل , ليضع فيه الناس , ما تجود به أنفسهم من نقود , لقاء مشاهدتهم لهذا العرض العجيب .
وكان السعدناتي وقرده ..
كان السعدناتي يغني أغاني معيَّنة , والسعدان يقوم بتمارين من الجمباز, على سلالم من الخشب أعدت لهذا الغرض ..
وأهل البلد يلتفون حول السعدان ,في ساحة في وسط البلد , يتمتعون, بما يقدمه من فنون خفة الحركة ومرونتها , ويضعون له المال , على منديل خُصص لذلك .
والآن لنرجع للمثل ,الذي قالته أم حاتم , واصفة ما يصنعه زوجها في البراري :
” راح يتعلَّم البيطرة بحمير النَّوَر .! ” .
كانت من عادة النَّوَر , عندما يصلون الى القرية , إخلاء سبيل حميرهم, في براري القرية , لتتمتع بعشبها الوفير وخلائها الواسع , وحرية علاقات الحب بين ذكورها وإناثها.!
ولا يجتمعون بها إلّا في المساء , ليسقونها وتنقلهم ,هم وأدواتهم , إلى مكان نومهم , فإذا خرج الصّبح , خرجت الى البراري ..
والذي كان يريد ان يجرّب دواء جديداً , كان يجربه على حمير النَّوَر , قبل ان يستعمله مع حيواناته ..
والذي يريد, ان يتخذ من طب الحيوانات مهنة , كان يتخذ من حمير النَّوَر مختبراً لتجاربه !
لأنها سايبة في البراري , بعيدة عن عيون أصحابها , المشغولون ,بما يقدمونه من خدمات , في ساحات البلد .
لماذا سُقتُ لكم كلَّ هذا ..!؟
لأتوجه بإسمكم الى ترامب , رئيس الولايات المتحدة المعتوه لنقول له :
إذا كنتَ جاهلاً في السياسة ..ووجدتَ نفسك في منصب تتخبط فيه ,لا تعرف يمينك من شمال , ولا تعرف خمسك من طمسك , فإننا لسنا كحمير النَّوَر , لتجرِّب علينا تجاربك الجنونية .. ولا سائبين بلا رقيب ..
فلنا تراث ومسار نعرف حدوده , ونعمل على تحقيق أهدافه .
ولا يخفى علينا الراقصات النّوريات ( اللوبي اليهودي ) , اللواتي يرقصن حولك , من أجل إغرائك, في الوقوع في أحضان حكومة الأحتلال في إسرائيل ..
فقد حولت نفسك ,الى سعدان النّوري, الذي يكدح طول النهار , من أجل أن يعشّي الجحش ( نتنياهو ) .
فاذهب .وتعلَّم البيطرة , في حمير أميركا , الذين ولّوك رئيساً لهم .!
واتركنا وشأننا ..!

بقلم : يوسف جمّال – عرعرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة