أَثَرُ الفَراشَةِ لا يَزولُ

تاريخ النشر: 20/11/17 | 13:56

«أَثَرُ الفَراشَةِ لا يَزولُ» – شعر: محمود مرعي
(في رِثاءِ الزَّميلِ الصَّحَفِي وَالإِعْلامي عَبْدِ الحَكيمِ مُفيد)
عُبْدُ الحَكيمِ مُفيدُ، أَبو عُمَرَ، اَلفَراشَةُ الَّتي رَحَلَتْ سَريعًا قَبْلَ تَمامِ فَصْلِها، وَالفَراشُ عُمْرُهُ قَصيرٌ، لَكِنْ أَثَرُهُ لا يَزولُ.. يَبْهَرُكَ بِأَلْوانِهِ وَتَظَلُّ مَشْدوهًا، مُنْبَهِرًا بِجَمالِها، وَتَأْنَسُ بِوُجودِهِ لِدَرَجَةٍ لا تَعُودُ تُفَكِّرُ بِهِ لِشِدَّةِ حُضورِهِ، وَلا تَنْتَبِهُ إِلَّا عِنْدَ رَحيلِهِ فَتُحِسُّ بِحَجْمِ الفَجيعَةِ وَالخَسارَةِ.

رَحِمَكَ اللهُ وَجَزاكَ عَنْ أَهْلِكَ وَشَعْبِكَ وَأُمَّتِكَ خَيْرَ الجَزاءِ، وَجَعَلَ الجَنَّةَ مَثْواكَ.

**

اَلْـمَوْتُ حَقٌّ وَالقَضاءُ مُنَّزَّلُ.. وَالقَبْرُ خاتِمَةُ الحَياةِ وَمَنْزِلُ

وَالخَلْقُ كُلُّ الخَلْقِ فيهِ تَعادَلوا.. لا هارِبٌ مِنْهُمْ وَلا مُتَعَزَّلُ

تَأْتي الـمَنِيَّةُ صادِرًا أَوْ وارِدًا.. فَوْقَ الحَياةِ جَنى الحَياةِ يُحَصِّلُ

فَتَهُبُّ رَفُّ الطَّرْفِ دونَ هُبوبِها .. سَهْمًا يَجوسُ وَبِالحُشاشَةِ يَرْحَلُ

عَبْدَ الحَكيمِ وَلا نَقولُ سِوى الَّذي.. يُرْضي الإِلَهَ وَبِالـمَثوبَةِ يُجْزِلُ

لَكِنَّما بَعْضُ العَزاءِ مَآثِرٌ.. تَبْقى عَلى مَرِّ الزَّمانِ تُؤَصَّلُ

وَلَقَدْ تَرَكْتَ مِنَ الـمَآثِرِ مَحْمَلًا.. لِلْخَيِّرينَ وَشُرْبَةً لا تُعْدَلُ

ماذا نُعَدِّدُ مِنْ خِصالِكَ قاحِمًا.. يَغْشى الـمَيادينَ الَّتي لا تُجْهَلُ

ماذا نُعَدِّدُ مِنْ خِصالِكَ كاتِبًا.. وَمُحَلِّلًا بِبَصيرَةٍ لا تَغْفُلُ

ماذا نُعَدِّدُ يا فَراشَةَ مَوْطِنٍ.. زَيَّنْتَهُ عُمْرًا فَأَقْبَلَ يَرْفُلُ

أَمْضَيْتَ فَصْلَكَ في فَسيحِ جِنانِهِ.. لَمْ تُقْصِكَ الأَزَماتُ وَالـمُتَغَوِّلُ

زَرْكَشْتَ جَنْحَكَ مِنْ سَواطِعِ لَوْنِهِ.. فَإِذا الفَراشُ جَميعُهُ يَتَمَثَّلُ

لَكِنَّما عُمْرُ الفَراشِ سُوَيْعَةٌ.. وَعَزاؤُنا الأَثَرُ الجَميلُ الأَمْثَلُ

قَدْ قالَ دَرْويشٌ بِذاتِ قَصيدَةٍ.. “أَثَرُ الفَراشَةِ لا يَزولُ” وَيَأْفُلُ

ماذا نُعَدِّدُ أَوْ نُضيفُ وَقَوْلُنا.. بَعْضُ الحَقيقَةِ أَيُّها الـمُسْتَعْجِلُ

لَمْ تَنْكَسِرْ، لَمْ تَرْتَدِع عَنْ زَهْرَةٍ.. نادى عَلَيْكَ رَحيقُها الـمُتَأَصِّلُ

أَوْ نَبْتَةٍ صاحَتْ مَخافَةَ طارِئٍ.. أَعْمى البَصيرَةِ دَوْسَها يَتَعَجَّلُ

وَشُجَيْرَةٍ بِسُفوحِنا قَدْ سُجِّيَتْ.. تَشْكو اقْتِلاعًا قَدْ جَناهُ الأَرْذَلُ

وَمَضارِبٍ سَتَرَ الصَّفيحُ لِعُرْيِها.. وَمَنازِلٍ في نَسْفِها قَدْ أَوْغَلوا

تَبْكيكَ في النَّقَبِ الـمَنازِلُ وَالعَراقيبُ الجَميلَةُ في البِقاعِ تُوَلْوِلُ

تَبْكيكَ أَرْجاءُ الـمُثَلَّثِ كُلُّها.. يَبْكي الجَليلُ تُرابُهُ وَالجَنْدَلُ

ما هَرْوَلَتْ قَدَماكَ بُغْيَةَ مَغْنَمٍ.. تُشْرى بِهِ الأَقْلامُ أَوْ تُسْتَعْمَلُ

وَبَقيتَ حُرًّا لَمْ تَزِغْ عَنْ مَنْهَجٍ.. خَطَّ السَّوالِفُ، وَالكَثيرُ يُهَرْوِلُ

عَبْدَ الحَكيمِ رَحَلْتَ غَيْرَ مُذَمَّمٍ.. سَمْحَ الخَليقَةِ لا تَكِلُّ وَتَنْكُلُ

شَهْمًا كَريمَ الفَرْعِ مِنْ أَصْلٍ نَما.. وَالطُّهْرُ مَوْئِلُهُ وَنِعْمَ الـمَوْئِلُ

فَجَزاكَ عَنَّا اللهُ خَيْرَ جَزائِهِ.. وَأَثابَكَ الجَنَّاتِ نِعْمَ الـمَنْزِلُ
صورة المرحوم عبد الحكيم مفيد

‫3 تعليقات

  1. زَرْكَشْتَ جَنْحَكَ مِنْ سَواطِعِ لَوْنِهِ.. فَإِذا الفَراشُ جَميعُهُ يَتَمَثَّلُ

    لَكِنَّما عُمْرُ الفَراشِ سُوَيْعَةٌ.. وَعَزاؤُنا الأَثَرُ الجَميلُ الأَمْثَلُ

    قَدْ قالَ محمود بِذاتِ قَصيدَةٍ.. “أَثَرُ الفَراشَةِ لا يَزولُ” وَيَأْفُلُ

    بورك النبض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة