يلا نحكي بصراحة: من المذنب المُكَرِّموُن أم المُكَرَّمُون؟

تاريخ النشر: 08/03/17 | 4:42

حين نأتي إلى سوق برطعة، وبعد أن نستغفر الله وندعو دعاء دخول السوق، نبدأ التجوال بين الدكاكين الفاتحة أبوابها والزاخرة بالبضائع على اختلاف انواعها التي يعرضها البائع أمامنا ونحن جمهور المُشترين نقرر ماذا نختار ونشتري من العرض حسب طلبنا، ويحدث أن نقع في الفخ ونتهم البائع بالغش وأنه قدم لنا بضاعة مغشوشة..
والسؤال هل المسؤولية تقع على التاجر فقط؟ هل نحن مسؤولون أيضًا عن اختيار البضاعة التي قمنا بشرائها؟
نعم ودون أدنى شك نحن مذنبون أيضًا..ولماذا ضربت هذا المثال وما علاقته بمناسبات التكريم المنتشرة مؤخرًا في مجتمعنا كنمو الفراطيش بعد هطول المطر الاول؟
لا فرق بين الحالتين ولذا لماذا نصب جمَّ غضبنا على المُكَرِّمِين فقط ولا نتعرض للمسؤولية التي تقع على كاهل المُكَرَّمُون أيضًا، وهي المسؤولية الأكبر والأهم إذ يتوجب عليهم الفحص والتدقيق العميق بكل توجه من هذا النوع ومن هو المُتَوَجِه إليهم ومن هي الجهات التي تقف خلفه، وفحص مدى مصداقيته وتأثيره ومركزه في المجتمع إذ أن قيمة المُكَرَّمُون تتعلق بشكل كبير بهوية المُكَرِّمِين وهذا يؤثر بشكل مباشر على استقطاب رأي الجمهور أو الاستهتار بعملية التكريم ذاتها وبهوية الشخص المُكَرَّم.
ولا يخفى على أحد أن جهات كثيرة تنشط مؤخرًا بهذا المجال ومعظمها تجارية وأخرى شوفانية بينما القليل فقط يعمل بمهنية وبموضوعية وبتواضع أيضًا.
ان غياب الضوابط والجهات المهنية في مجالات الأدب والشعر خلقت حالة من الفوضى في الأدب المحلي وارخت الحبل على الغارب لكل من تسول له نفسه الخوض في هذا المجال وأصبح لقب الشاعر أو الاديب أو الناقد في متناول كل يد وكأننا في حسبة الخضار في مدينة جنين، وكل صباح وكل مساء “يُفَقس” شاعرًا واديبًا جديدًا ورغم أن معظمهم لا صلة لهم بالأدب الآ انهم يجدون في صفحات الفيس بوك حيزًا كبيرًا لنشر إنتاجهم الرديء والانكى من هذا انهم يجدون جوقات كبيرة من المصفقين لهم، وهذا الأمر يحفز هؤلاء الدخلاء على الأدب لمواصلة العبث الادبي ومن ثم اصدار الكتب والأشهار في أمسيات تكريم وسط “اعجاب” الحضور الذين أتوا لرد الجميل أو اتوا نفاقا أو لحاجات أخرى في نفس محمود وزكية..
سيداتي المُكَرَّمُون عليكم الاختلاء مع النفس ومحاسبة الذات والتفكير مليًا إذا كان ما تكتبون نال إعجاب الجمهور بجدارة واستحقاق ويستحق الإشهار ولا ضير أن تسألوا أهل المعرفة في هذا المجال قبل أن تخضعوا لتقييم الجمهور والذي لا يرحم أبدًا بمثابته الجهة الناقدة والمستهلكة روحانيًا لهذا المنتوج الأدبي..وفي المقابل احذروا من شباك صيادي الفرص الذين يميزون نقاط الضعف لدى البعض اي العدو واللهاث وراء الشهرة والتكييف تحت الأضواء والتي سرعان ما تمر وتمضي ولا تبقي لكم سوى الذكريات المؤلمة غالبًا نتيجة الانتقادات اللاذعة والسخرية المتواصلة..!
لقد آن الأوان أن نعود بالأدب المحلي لما كان عليه، الأدب الحقيقي الذي كبرنا معه وكبر معنا، والأهم بناء دفيئة جديدة تحتضن الأقلام المهنية ادبيًا والنظيفة اخلاقيًا وتميز الغث من السمين..
نعم نحن بحاجة ماسّة للأدب وليس لقلة “الادب”، وكم اتمنى ان نشارك برحابة صدر بمناسبات التكريم.
نعم التكريم المُسْتَحَق وليس شهادات الكذب والتقزيم..!

سعيد بدران

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة