شكرًا ميري

تاريخ النشر: 12/12/16 | 4:29

تنشر الصّحف الفلسطينيّة، “القدس” و “الأيّام” و “الحياة الجديدة” يوميًّا مقالات مترجمة عن الصّحف العبريّة: “هآرتس” و”يديعوت احرونوت” و”معاريف” و “يسرائيل هيوم” لكتّاب وصحافيّين إسرائيليّين من شتّى ألوان الطّيف السّياسيّ الإسرائيليّ، من اليمين والمركز واليسار، كي يطّلع القارئ الفلسطينيّ، الذي لا يتقن العبريّة أو الذي لا تصل إليه هذه الصّحف، عمّا يدور في إسرائيل، في أحزابها وبرلمانها واقتصادها وحياة مواطنيها. وهذه التّرجمة، وهذا النّشر، نقطة إيجابيّة لصالح هذه الصّحف الفلسطينيّة التي نحترم قرّاءها وتنقل لهم آراء الطّرف الآخر بدون تحفّظ وبدون رقابة وبدون خوف، حتّى يكون قرّاؤها على علم ودراية بما يُشغِل المواطن الإسرائيليّ العاديّ وبما يقوله السّياسيّ يمينيًّا كان أو معتدلًا، مؤيّدًا للاستيطان والاحتلال أو معارضًا لهما أو متذبذبًا. وأصبحت أسماء بعض الصّحافيّين الإسرائيليّين وكتّاب الأعمدة معروفة للقارئ الفلسطينيّ.
وأمّا الصّحافة الإسرائيليّة التي تتغنّى بالحريّة وبالموضوعيّة وبالإستقلاليّة وبالمهنيّة فقد بنت جدارًا عاليًا – قبل جدار الفصل العنصريّ وبعده – بين قرّائها وبين الصّحف العربيّة الفلسطينيّة بل بين القارئ الإسرائيليّ وبين القلم العربيّ الفلسطينيّ، فمن النّادر جدًّا أنت تترجم صحيفة عبريّة مقالا لكاتب أو صحافيّ عربيّ فلسطينيّ بل إنّ هذه الصّحف – باستثناء صحيفة هآرتس – تكاد لا تنشر مقالات لكتّاب عرب يكتبون باللغة العبريّة، وهذا يعني أن يبقى القارئ الإسرائيليّ أسير الآراء المسبقة ومتقوقعًا بفكر عدائيّ للعرب، وأن تبقى صورة العربيّ الفلسطينيّ القاتل المجرم الذي يضع المتفجّرات في الحافلات العامّة والمجمّعات التّجاريّة راسخة في ذهنه، وألا يعرف الفلسطينيَّ الإنسانَ الحضاريَّ الشّاعر الأديب الفنّان الطّبيب الممثّل الموسيقيّ …. الذي ينشد الحريّة والسّلام.
نجحت السّياسة الرّسميّة في إسرائيل ببناء جدار بين القارئ العبريّ وبين الأدب الفلسطينيّ وقد قال لي صديق أكّاديميّ قبل سنوات حينما صدرت مجموعة شعريّة بترجمة عبريّة للشّاعر الكبير محمود درويش أنّ دار النّشر الصّغيرة التي أصدرتها طبعت منها ألف نسخة فقط إشترى معظمها القرّاء العرب من مواطني إسرائيل.
قادت في هذه السّنة ميري ريغف، وزيرة الثّقافة في حكومة إسرائيل، حملة شرسة على أشعار محمود درويش التي لم تقرأها فقدّمت معالي الوزيرة المثقّفة (التي تفاخرت بأنّها لم تقرأ تشيخوف) خدمة إعلاميّة كبيرة لهذه الأشعار وصار إسم درويش معروفًا لكلّ مواطن إسرائيليّ واقبل القرّاء الإسرائيليّون على إقتناء مجموعاته الشّعرية المترجمة وكتبه النّثريّة أيضًا.
ولا يسعني إلا أن أشكر، باسمي وباسم عشّاق شعر محمود درويش، معالي الوزيرة ميري ريغف على هذه الحملة الشّرسة!
يعطيكِ العافية يا ستّ..
ومزيدًا من كلامك الثّقافيّ!

محمّد علي طه

m7md3le6aham7md3le6aha

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة