عشاق الاقصى بين ترهيب الرواية الإسلامية وتطبيع الرواية اليهودية للأقصى

تاريخ النشر: 30/11/16 | 16:40

“عشاق الاقصى” هذا الوصف الذي أطلقه الاعلام على قضية الشباب (د. حكمت نعامنه، عبد الكريم كريم، يحيى السوطري، واسماعيل لهواني)؛ والذين اعتقلوا على خلفية نشاطهم الداعم للمسجد الاقصى والداعم للحضور الإسلامي العربي الفلسطيني فيه، والاهم من ذلك كله، الداعم للرواية العربية الفلسطينية الاسلامية للمسجد الأقصى.

لم تكن لائحة الاتهام التي قدمت بحق هؤلاء الشباب إلا تجسيد مفضوح لمحاولات الاحتلال فرض الرواية التهويدية للمسجد الأقصى، وترهيب (من إرهاب) الرواية الاسلامية فيه، وبالقوة. وليس هذا فحسب؛ إنما تعدى ذلك إلى فرض الرواية الاحتلالية للأحداث التي مرت على القدس وعلى المسجد الاقصى في السنوات الاخيرة. كل ذلك يحاول الاحتلال فرضه باستعمال القوة في غير مكانها؛ قوة السلطة، المخابرات، النيابة العامة، والجهاز القضائي. حتى إنه تجاهل المعايير القانونية ومعايير المنطق السليم المتعارف عليه.

في هذا الملف؛ استعمل الاحتلال مفردات تهويدية للمكان؛ فهو سمى المسجد الاقصى المبارك بـ “هار هبايت” ولم يذكر كلمة المسجد الاقصى ولا حتى مره واحدة، في لائحة الاتهام، وهذه هي أحد أبرز مؤشرات أهداف هذا الملف.

تعاملت لائحة الاتهام مع وجود المسلمين كوجود عرضي، غير طبيعي، وتعاملت مع الوجود والاقتحامات اليهودية والتهويدية كوجود أصلي طبيعي؛ واعتبرت أي عائق يعيق الاقتحامات عملاً ارهابياً.

ليس هذا فحسب؛ فقد تجرأ الاحتلال وألصق المسؤولية عن أحداث العنف التي حصلت في السنوات الأخيرة بالوجود الاسلامي في المسجد الاقصى المبارك؛ والذين سماهم بالمرابطين والمرابطات، ليجعل من هذا الوجود، الطبيعي، وجود ارهابي.

وفي نفس الوقت يتجاهل الاحتلال، عن سبق إصرار، الأسباب الحقيقية للأحداث؛ وهي سياسات الاحتلال، واقتحامات المجموعات اليهودية للمسجد الاقصى المبارك، وسلوك وتصرفات المقتحمين داخل المسجد الاقصى المبارك، وسلوك وتصرفات الشرطة الإسرائيلية، واعتداءاتها المتكررة على المصلين المسلمين، واستفزازات المستوطنين داخل المسجد الاقصى، وعند الخروج منه؛ والاعتداء على الأخوات الطاهرات بالسب والشتم والاعتداء الجسدي، عليهن وعلى الأطفال المقدسيين، وليس ذلك فحسب، إنما ايضاً، يحاول الاحتلال أن يغطي على سلوك الحكومة، وأعضاء الكنيست من اليمين المتطرف وتصريحات الوزراء وأعضاء الكنيست المختلفة، والتي تطالب بشكل واضح وصريح بتقسيم المسجد الأقصى، والمجموعات الأخرى التي تطالب بهدم المسجد الاقصى المبارك، وبناء هيكلاً مزعوماً مكانه؛ وهو يحاول أن يغطي على تصريحات أعضاء الكنيست، عن الأحزاب التي تشكل الحكومة، ميري ريغيب واوري أريئيل وفيجلين وجليك وحوتوفيلي وبنيت واردان، وهو يحاول أن يغطي على تصريحات المجموعات المتطرفة ونداءاتها المتكررة لهدم المسجد الأقصى؛ والتنادي لاقتحام المسجد الأقصى، رغماً عن المسلمين، ثم تناسى الاحتلال منع المسلمين، من دخول المسجد الأقصى، وتقييد حريتهم، وإبعادهم، وتحديد الجيل، حتى وصل صلف الاحتلال بمنع من هم دون الستين عاماً من دخول المسجد الاقصى؛ ثم تناسى الاحتلال عمليات الهدم، والمداهمة، والتنكيل بالمقدسيين، على مدار الساعة، وعلى مدار العام؛ ومصادرة اراضيهم، وهدم مبانيهم، وتشريدهم، وملاحقتهم في مصادر رزقهم.

هذه الاسباب؛ وكثير غيرها، لا يتسع المجال لذكرها، ألا تكفي أن تكون وقوداً لأي شعب في أي مكان على هذا الكوكب أن يتحرك لينتصر لدينه ولمقدساته ولوجوده ولبيته ولأرضه ولأبنائه ولمستقبله؟. الذي يتحمل مسؤولية أحداث العنف التي حصلت منذ عدة سنوات هو الاحتلال وأذرعه المختلفة؛ هو وفقط هو.

لا أدري كيف يفكر هذا الاحتلال؟ وما هي معاييره في تحليل الامور؟ الم يسأل نفسه كيف كان سيتعامل لو تم الاعتداء على مقدساته؟ وهل هذا الحق مكفول له ومحروم منه الفلسطينيين؟ أم ان المطلوب من الفلسطينيين أن ينخلعوا من إنسانيتهم وأن لا يتعاملوا مع الاحداث كبشر أحرار ولدتهم أمهاتهم احراراً؟

هل المطلوب منا أن نتحمل أيضاً نتائج وتبعات غباء سياسات الاحتلال؟

ثم بعد كل هذه الممارسات أصبح الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع الفلسطيني الذي يحاول أن ينتصر لحقوقه التي كفلتها له كل الشرائع السماوية والقوانين الدولية والذي ينتصر لحقه بالشكل السلمي والقانوني، حسب القانون الإسرائيلي، كما هو الحال مع عشاق الاقصى، أصبح الاحتلال يحاول أن يصبغ هذه النشاطات السلمية والقانونية والمدنية بصبغة الارهاب، أيعقل ذلك؟

أيعقل أن يتحول من يعمل لرفد المسجد الاقصى المبارك بالمصلين والمعتكفين والمرابطين وطلاب العلم بالإرهابي؟

أستطيع أن أقول أن استعمال سلطة “القانون”، في هذا الملف، ما هي إلا محاولات يائسة لتفريغ المسجد الأقصى المبارك من المسلمين، وتخويف أهله ومصليه ومرابطيه ومعتكفيه وطلابه من التواجد فيه؛ ما هي الا محاولات بائسه لنشر الخوف والتهديد للمسلمين في هذه البلاد، بلغة السلطة والقوة والمخابرات والمحاكم؛ واستعمال القوة كما في هذا الملف.

هذه السياسات والممارسات لم تنجح في أي مكان في عالمنا، فهل يعتقد الاحتلال أن ينجح هذا النموذج مع أهل الارض المباركة؟
افلا تعقلون؟

خالد زبارقة

unnamed

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة