وجوه وملامح (20)

تاريخ النشر: 19/11/16 | 10:45

لقد تركت المرآة المسلمة عبر صفحات التاريخ صفحات مشرقة حافلة بالمواقف الرائعة التي تظهر فيها معاني هامة تحتاج المسلمة المعاصرة التعرف عليها من خلال نساء دخلن التاريخ من أبواب شتى، وسأستعرض من خلال هذه السلسلة بعض المواقف سريعة التأثير في القلوب مواقف نستعرض من خلالها ملامح كل شخصية عبر التاريخ.
آسيا بنت مزاحم.. امرأة يضرب الله بإيمانها المثل…
قال السهيلي: آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد الذي كان فرعون مصر في زمن يوسف، وقيل إنها كانت من بني إسرائيل سبط موسى، وقيل بل كانت عمته.
وقد جاء عنها في كتاب الله العديد من الآيات التي نستوضح منها ملامح شخصيتها عبر صفحات التاريخ قال تعالى: { وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ } [ القصص:9].
قال ابن كثير: يعني أن فرعون هم بقتل موسى عليه السلام خوفاً من أن يكون من بني إسرائيل، فشرعت امرأته آسية بنت مزاحم تخاصم عنه وتذب دونه وتحببه إلى فرعون، فقالت: { قرة عين لي ولك } فقال فرعون: أما لك فنعم وأما لي فلا. وكان كذلك فهداها الله بسببه وأهلكه الله على يديه.
وهكذا كانت السيدة آسية سبباً في نجاة سيدنا موسى من القتل فكان جزاؤها من جنس عملها فنجاها الله به من فرعون وقومه الظالمين ورزقها بيتاً في جنته.
ولقد عاش سيدنا موسى في رعايتها وحفظها وأحبته حباً شديداً. ولذلك لما دعا إلى الايمان بالله وحده كانت من أوائل المؤمنات. ولقد ضرب الله عز وجل لهذه المرأة وبإيمانها المثل وخلد ذلك في كتابه العزيز لأنها أعلنت إيمانها في مواجهة بطش زوجها فرعون اللعين، ولم تخف شيئاً في جنب الله ولم تخدعها مظاهر الملك والترف التي كانت تحيا فيه في ظل قصر فرعون، بل رفعت رأسها إلى رب السماء في موقف رائع تسأل رب السماء أن يرزقها بيتاً في جواره قال تعالى: { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [ التحريم:11 ].
فأين جوار فرعون اللعين من جوار رب العالمين الذي أحبته السيدة آسيا وآمنت به فجعلها الله من الذين يرفع قدرهم عنده وضرب بها المثل في الايمان ؟ وأي مكانة نالتها تلك المرأة المؤمنة الصادقة ؟ فقد ضرب الله بها المثل في الإيمان وضرب رسول الله بها المثل في الكمال، فقال عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام “.
وهكذا يا أختاه وصلت تلك السيدة الكاملة إلى مكانة عالية لأنها تنازلت عن الدنيا لوجه الله فرفع الله قدرها. وهكذا يا أختاه يكون الجزاء من جنس العمل فهل لنا في تلك المرأة الفاضلة من أسوة حسنة.

بقلم: محمود عبد السلام ياسين

untitled-1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة