أقدم مكتبة في العالم تفتح أبوابها من جديد

تاريخ النشر: 25/09/16 | 0:04

بالتأكيد سمعت الكثير عن مدينة فاس المغربية، التي توصف بأنها جوهرة التاريخ والحضارة في المغرب، والتي تجذب آلاف السياح سنويا من جميع أنحاء العالم، حيث يعبّر الزائرون لمدينة فاس عن سحرها الدائم الذي يأسر قلوب الرحّالة إليها، ولكن ما لا يعرفه كثيرون ربما عن هذه المدينة أنها تحتضن أقدم جامعة ومكتبة في العالم، جامعة القرويين العريقة، التي ارتوى من معينها كل طالب علم ومُحب للمعرفة منذ قرون وحتى يومنا هذا.

يعود الفضل ببناء جامعة القرويين إلى امرأة فاضلة تسمى فاطمة بنت محمد الفهري، التي قدمت مع عائلتها من مدينة القيروان التونسية لتستقرّ في مدينة فاس، وقد وصفت هذه السيدة بأنها شُعلة متوهجة من الذكاء والفطنة وحب المعرفة، في حين نذرت مالها وما ورثته من والدها التاجر الميسور لبناء صرح معماري ديني وعلمي يتحدث عنه الشرق والغرب، فكان بناء جامع القرويين عام 859 ميلادي، والذي ضمّ مدرسة وجامعا ومكتبة، وتعرّض هذا البناء لعدة توسيعات خلال تاريخه وصولا إلى شكله الذي نراه عليه اليوم.

لقد نالت جامعة القرويين شهرة واسعة بعد أن “تفوق التلميذ على الأستاذ”، حيث أسهمت في تعليم وتخريج ثلّة من ألمع الأسماء والشخصيات في تاريخ الحضارة العربية والعالمية، وأضحت هذه الجامعة أيضا صلة وصل بين العالم العربي وأوروبا، وكان يقصدها العديد من طلّاب العلم من شتى الدول الأوروبية قديما.

ومن أشهر الشخصيات التي نالت شرف تلقي العلم في جامعة القرويين: ابن خلدون وابن رشد وابن العربي وموسى بن ميمون وغيرهم الكثير من الأدباء والفلاسفة والمفكّرين.

وترجع الأهمية الحضارية والعلمية لهذه الجامعة، كونها تضم في مكتبتها القديمة آلاف المخطوطات الأصلية النفيسة، مثل نسخة أصلية للقرآن الكريم في القرن التاسع، وكذلك كتاب “الموطّأ” للإمام مالك، والنسخة الأصلية لكتاب “العِبَر” لابن خلدون، وغيرها من كنوز العلم والمعرفة الثمينة.

الخبر السارّ هذا الصيف؛ هو أنه أصبح بإمكان الزوّار والعامة بدءا من مايو 2016 زيارة أقدم مكتبة في العالم في جامعة القرويين، وسيلاحظ ضيوف المكتبة التغييرات الجذرية والكبيرة التي طرأت على المكتبة، والتي تعود إلى أكثر من 3 سنوات من التعب والجهد والتفاني الذي بذلته المهندسة المعمارية الكندية-المغربية عزيزة شاوني.

ربما لم يسمع الكثير عن المبادرات والمشاريع التي أطلقتها عزيزة شاوني لإنقاذ وإنعاش مسقط رأسها، مدينة فاس النابضة بالتاريخ، حيث بادرت في مشروع “إنقاذ نهر فاس” المُهدّد بالتلوث والجفاف، وتفتخر عزيزة شاوني بآخر وأحدث مشاريعها وهو ترميم أقدم مكتبة في العالم في جامعة القرويين.

وقد شملت عمليات الترميم تزويد المكتبة القديمة بأحدث التقنيات والوسائل الحديثة، مثل أجهزة التكييف والإنذار والأمان لحفظ المخطوطات الثمينة، وكذلك تجديد أنظمة الصرف وتصريف المياه، وتزويد المبنى بالطاقة الشمسية، وكذلك ترميم النوافير في الباحة الخارجية، وبناء قناطر خشبية في الباحة لتوفير الظل للزائرين، وتنظيم وتقسيم المكتبة إلى صالات عرض ومؤتمرات والإهتمام بالمقهى وتزويده بحلّة جديدة.

Untitled-1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة