الأمية الوطنية والسياسية: ماذا تبقى لكم؟!

تاريخ النشر: 04/08/16 | 1:09

منذ زمن ونحن نركض في في اودية الزمان الغابر والحاضر وعقود من الزمن الضائع, يساورنا قلق دائم على حالنا المزري والمتردي من المحيط الى الخليج ومن المغرب الى المشرق العربي ومنذ عقود ونحن اوطانا وشعوبا في دائرة الاستهداف الخارجي والداخلي ومما لا شك فيه ان نسبة الاميه بمعنى عدم القدره على القراءه والكتابه في العالم العربي هي نسبه كبيره جدا, حيث لايستطيع الملايين من العرب رجالا ونساءا وشيبا وشبابا لا القراءة ولا الكتابة وهنالك ملايين من الاطفال العرب خارج اطار التعليم وهذا ما اكدته نتائج احصائيات حديثه ب” أن هنالك ستة ملايين طفل عربي في سن التعليم لا يتعلمون وسبعين مليون مواطن عربي يعانون من أمية (القراءة والكتابة) بما يعادل ٢٧٪ من السكان ٦٠٪ منهم من النساء وأربعة ملايين مراهق خارج التعليم وستة ملايين من المراهقين لا يكملون التعليم الثانوي وعشرة مليون طفل يعملون وهم دون سن العمل وإن ١٠٠ دولار سنويا هو متوسط حصة المعلم العربي من التدريب والتأهيل و ٣٠٪ من الأطباء السورين وكثير من العراقيين وغيرهم هاجروا إلى اوروبا نتيجة الصراع السياسي وتحتل مصر مركز الصدارة في تصدير العلماء الى الخارج”….
ما هو جارى ويجري في العالم العربي على ارض الواقع يفرض علينا التعامل مع اشكال كثيره وجديده من الاميه غير هذه المتعارف عليها كلاسيكيا وسليقيا بامية عدم القدره على الكتابه والقراءه, حيث تنتشر في العالم العربي اشكال كثيره من الاميه من بينها الاميه الحضاريه المرتبطه بالغربه والاغتراب الحضاري, والاميه الوطنيه المرتبطه بالوطن العربي المُحتَّل والمُختَّل وطنيا بين مفهوم واجب الوطن والمواطنه ووطن الحُكام من الداخل والاستكبار من الخارج,,, والاميه الثقافيه المرتبطه بالتجهيل والتضليل المبرمج للمحافظه على وضعية وعي اجتماعي وسياسي متدني يسمح بالسيطره على الشعوب وكبح تطلعاتها.
علينا ان نفرق بين مصطلح ومفهوم المثقف والاكاديمي الواعي سياسيا وفكريا لما يدور حوله من واقع ومن احداث, وبين مصطلح ومفهوم المتعلم الحاصل على لقب او مهنه من خلال الدراسه والتعليم في المعاهد المتوسطه او العليا كالجامعات وغيرها, وليس من المفروض تلقائيا ان يكون المتعلم مثقفا و المثقف متعلما رغم انه بالامكان طبعا الجمع بين الثقافه والعلم, بمعنى ان الشخص بامكانه ان يكون مثقفا واعيا دون تعليم وحتى دون القدره على الكتابه والقراءه[ من خلال وسائل الاعلام والتوعيه المسموعه والمرئيه],, وبامكان الشخص ان يكون متعلما وجاهلا ومتخلفا ثقافيا و اجتماعيا ويقدم خدماته المهنيه الى اعداء شعبه من الداخل والخارج[ القدره على الكتابه والقراءه والتعليم المهني وامتهان مهنة معينه لاتعني اكتساب الوعي او لقب المثقف], وبالتالي ماهو جاري في العالم العربي منذ امد طويل هو خلط خاطئ بين مفهوم المتعلم ومفهوم المثقف , حيث تظن اغلبية المجتمعات العربيه ان المتعلم[ متعلم وممتهن المهنه :: طبيبب.. محامي.. معلم.. صحفي … الخ] هو نفسه المثقف, ويظن اخرون ان معلم المدرسه اللذي يمتهن التعليم والتجهيل في ان واحد هو ايضا مثقف,, بينما الحقيقه ان شريحة المتعلمين اللتي تخدم انظمه معينه او مؤسسات معينها ونظام تربوي وتعليمي معين تخدم مصالحها من خلال تبادل المصالح بين السيد والمسيود على اساس تقديم خدمه معينه بشروط معينه ومقابل اجر معين وبنتائج ترضي السيد وللمثال: عندما يزرع المعلم الخنوع والجهل في نفسية الطلاب والطالبات فهو يقدم هُنا خدمة تجهيل الاجيال وضمان استمرارية نظام اجتماعي وسياسي وقبلي وايا كان من خلال الحفاظ على الجهل ومستوى الوعي السائد الذي يضمن استمرارية الوضع الراهن في فحواه حتى لو تغيرت الادوات والاشكال وتصل الى حد ان يقطن العربي في برج من عاج بعقل متخلف ثقافيا وسياسيا واجتماعيا ووطنيا!!
من هنا ورغم اننا لا نريد اطالة الشرح العلمي حول الفرق بين مفهوم المثقف والمتعلم, الا اننا نؤكد على الفرق الكبير بين مفهوم متعلم ومثقف, حيث ان الاميه الثقافيه تنخر في عقل الكثير من متعلمي العالم العربي الذين يتبوأون مراكز سياسيه واجتماعيه متقدمه في العالم العربي سواء داخل تركيبة النظام في الصف الاول او مُناصري ومُنتفعي النظام داخل المؤسات العامه والتربويه والصحيه والاقتصاديه والاعلاميه,, وهذا ما يقودنا الى اشكال وانواع عده من الاميه الحاصله والضاربه جذورها في جميع مكونات ومؤسسات المجتمع العربي والشعوب العربيه ككل في العالم العربي من المحيط الى الخليج ومن المغرب الى المشرق العربي, ولا بد من القول ان أُم الاميات الوطنيه في العالم العربي هو القبول الطوعي لمفاهيم ومصطلحات من امثال ” الشرق الاوسط” او غيرها طغت على التسميه الوطنيه العريقه لعالم عربي اسمه المشرق والمغرب العربي, ولعل مفارقة المفارقات ان يشارك ما يسمى بالمثقفون العرب والاعلام العربي في عملية غسل الدماغ العربي وترسيخ مفهوم الشرق الاوسط بدلا من المشرق والمغرب العربي كمثال واضح وصارخ على الاميه الوطنيه العربيه اللتي يعبر عنها كثير من الاميين الثقافيين العرب سواء شاءوا ام لم يشاءوا وبشكل طوعي ومجاني حين يتشدق الكثيرون من بينهم بالعروبه والهويه الوطنيه الحضاريه العربيه من جهه ويتحدثون ويكتبون بلهجة الشرق اوسطيه الامبرياليه المفروضه على العالم العربي منذ عقودمضت من جهه ثانيه وبالتالي تبدو ملامح ومكونات الاميه الوطنيه العربيه واضحه وساطعه في جميع مناحي الحياة العربيه من نظام الحكم التغريبي واللا وطني وثقافة الميليشيات والطائفيه ومرورا بالاستكبار والاستعمار المباشر وحتى المؤسسات التربويه والاعلاميه التي تسعى جميعها الى تغريب الوطن والمواطن العربي بدلا من توطين الوطن والوطنية في عقله ؟!…فاي عربي هذا واي مواطن هذا النابح بالعرب والعروبه ليلا ونهارا,, ويتفرج منذ عقود على ذبح عروبة العراق وسوريا واليمن وعروبة فلسطين!!؟… توطين الذل والتغريب بدلا من توطين الشهامه والكرامة الوطنيه في عقول الناطقين بالعربيه او من تبقى منهُم.. زرع الاميه الوطنيه!!
يتعجب ويعجب الانسان من تقلبات المزاج الثقافي والكتابي العربي الذي يعاني منه الكُتاب والمُسقفون[ المثقفون] العرب الذين يخلطون الحابل بالنابل من مصطلحات وعناوين ومفاهيم تبدو انها تائهه في سوق عكاظ وبورصة المصطلحات والمزاودات العربيه, حيث يخلط الكثيرون بين الهويه الوطنيه والاميه الوطنيه المدقعه في العالم العربي وبين هوية وماهية الاحزاب والحركات العربيه الاميه سواء كانت احزاب حاكمه او معارضه او غيرها…. ماهو حاصل اليوم هو دوائر أميه ثقافيه مغلقه تعمل او تدور في فلك دوائر شلليه و قبليه وطائفيه وحزبيه متخلفه وطنيا بمفهومها وبمسلكيتها الثقافيه والاعلاميه اللتي تشوه مفهوم الوطنيه وتُجيره وتوظفه ايضا لصالح هذا االحزب او تلك الحركه او حتى تلك القبيله باسم الوطن والوطنيه… اكثرية الاحزاب و اكثرية الصحف والمواقع العربيه الاعلاميه تتعامل فقط مع كُتاب وابواق يؤيدونها وينتسبون لها مصلحيا وسياسيا ضمن دوائر مغلقه تعمل على طول وعرض الوطن العربي باسم الوطنيه وهي اصلا تعاني من الاميه الوطنيه وبعيده اصلا كل البعد عن الثقافه الموضوعيه والوطنيه!!…باسم الاحزاب , وباسم الديموقراطيه والليبراليه والطائفيه ذُبحت الوطنيه العربيه على مذبح الاميه الثقافيه والاعلاميه الحاكمه والسائده في العالم العربي .. ليست من خلال انظمة الحكم الدكتاتوري في العالم العربي فقط لابل ايضا من خلال ثقافة الدكتاتوريه والاقصاء اللتي انتجت دوائر اعلاميه” معارضه” بائسه تروج للديموقراطيه بينما هي نفسها مُتخلفه بدوائرها المغلقه وحاشيتها من الكتاب والاعلاميين الاميين وطنيا وثقافيا.. صدقوا او لا تصدقوا, ولا تًصدقوا كل ما تقرأو!!:: التخلف في دوائر ما يسمى بالاحزاب العروبيه والاسلاميه او في ما يطلقون على انفسهم اسماء عربيه طنانه ورنانه:: التخلف كبير ويصل الى حد الاميه الوطنيه والجهل بماهية وفحوى مقومات الوطنيه العربيه!!
ماهو جاري في العالم العربي في الوقت الراهن ومنذ عقود مضت هو ان الشعوب العربيه اليوم قابعه بين فكي الاميه الوطنيه والاميه الثقافيه والاعلاميه التي تمارسها وسائل الاعلام العربيه في عملية تغريب وتجهيل مبرمج وترويض يفرض الاميه الثقافيه والاعلاميه والسياسيه على قطاع كبير من الشعوب العربيه التي تعاني من الجهل بكل اشكاله والاميه بكل اشكالها, وهي الاميه اللتي يعاني منها قسم كبير من شريحة المتعلمين وشريحة من يطلقون على انفسهم ” مثقفون وطنيون”, وبالتالي ماهو جاري اليوم هو ان الاميه الوطنيه والثقافيه في العالم العربي تجري على ساق عربي وقدم غربي وهي نتاج ونتيجه حتميه لحملات وجرعات تجهيليه وتضليليه قادها ونفذها الاعلام العربي بحق الشعوب العربيه …شعوب سُحقت ت وتُسحق وطنيا يوميا و هُزمت وطنيا منذ ان صار الوطن والوطنيه مجرد سلعة يُتاجر بها ويعتاش منها المهرجون والمُبرمجون لاستمرارية برامج التجهيل والاميه!!…. سجل :: الاعلام العربي لا ينشر الاميه الوطنيه فقط لابل ا نه هو نفسه اعلام امي تُشرف عليه قوى اميه تنشر وترسخ الاميه الوطنيه بشكل مبرمج ومقصود…. لاادري ماهي العلاقه بين العروبه والوطنيه وما يسمى بالجامعه العربيه؟؟ او ذلك الرئيس العربي المزعوم الذي يسميه الاعلام الامي والمتخلف العربي:: بالرئيس العربي والرئيس الشرعي الذي يطلب من الطائرات الامريكيه والروسيه قصف شعبه في حلب وسرت والفلوجه وصنعاء…!!
ملايين الضحايا واوطان مدمره على راس قاطنيها وما زال الحبل على الجرار…دمار شامل في العراق وسوريا واليمن وليبيا وسلب كامل في فلسطين وشبه دمار شامل في مصر والسعوديه وباقي الدول العربيه الموبوءه بالدكتاتوريه والفصائليه والطائفيه والرجعيه.. الفكر الرجعي والطائفي دَمر مقومات الوطنيه العربيه وحَول الشعوب والاوطان العربيه الى خرذه سياسيه واجتماعيه واقتصاديه…ما تبقى لكم في العالم العربي هو خرذه وطنيه واسلحه مكدسه على جثث ملايين الضحايا من العرب وما زال الاعلام العربي يُمجد جلالته وفخامته وطال عمره الذي شارك امريكا والغرب في تدمير كل ما يشير للهويه الوطنيه العربيه…. لا افهم معنى عربدة الطائرات الروسيه التي تقصف حلب ولا عربدة الطائرات الامريكيه التي تقصف العرب متى وكيفما شاءت وترتكب ابشع المجازر بحق الشعوب العربيه واخرها مجزرة مدينة القائم في العراق, ولا افهم منطق ان تصبح الحكومات وجميع الفصائل والميليشيات عملاء للغرب وللرجعيه العربيه… لا افهم كيف يمكن اختصار شؤون وشجون الوطن في مساحة فوهة بندقيه او مدفع راميه جاهل وقاتل عشواءي لكل ماهو عربي؟.
.. لايمكن باي حال من الاحوال ان تُغير حال امه دون ان يكون هنالك مرجعيه فكريه ووطنيه وهذا الامر شبه مستحيل في ظل وجود جيوش مجيشه من الميليشسات العبثيه و اساطيل مُسطله من فضائيات السلاطين والطائفيين التي تحرث العقل العربي دون زرع… تقحيل وتصحير العقول مع سبق الاصرار..دوامه لم يخرج منها العرب منذعقود مضت وحتى يومنا هذا.. الاميه الوطنيه والسياسيه: ماذا تبقى لكم؟!..بيانات وتكبير وتبرير وتمرير واوطان مهشمه ومقسمه وتقبع تحت وطأة اكثر من احتلال خارجي وداخلي واقليمي.. لايوجد شئ اسمه “طائرات التحالف الدولي”كما يطلق عليه الاعلام العربي العميل لابل ماهو موجود تحالف امبريالي غربي وعربي رجعي يقصف العرب ويقتل اطفالهم ونساءهم وعن طائرات النظام الفاشي الروسي اللتي تُدمر حلب وسوريا فحدث بلا حرج وما يتعلق ب طائرات “حزم النظام السعودي” في اليمن فهذه جريمه اخرى ترتكب بحق الشعب اليمني…؟!

د.شكري الهزَيل
D.shkri

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة